إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    تعاونيات إفريقية تستفيد من المغرب    اتحاد تواركة إلى نهائي كأس التميز    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    نشرة إنذارية: طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من المناطق    كومنولث دومينيكا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء    الأمم المتحدة/الصحراء.. سيراليون تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية    المغرب يستعد لإحصاء وطني جديد للماشية ويعد بشفافية دعم الكسابة    بونو يحبط ريال مدريد ويمنح الهلال تعادلا ثمينا في كأس العالم للأندية    بونو ينقذ الهلال من مقصلة الريال    المغرب أولًا .. ومن يرفع "راية إيران" يسقط في امتحان الوطنية    الأزهر يثمن "الكد والسعاية" المغربي    احتجاج جديد أمام البرلمان.. خريجو الجامعات يصعّدون ضد شروط الإقصاء في مباريات التعليم    ترامب: تغيير النظام الإيراني "قد يحصل"    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    لقجع: المغرب ملتزم بجعل مونديال 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    المغرب يراجع اتفاقه التجاري مع تركيا لتعويض العجز التجاري    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة ببرد وهبات رياح    فطيمة بن عزة: برامج السياحة تقصي الجهة الشرقية وتكرس معضلة البطالة    بنعلي وقيوح يبحثان فرص تعزيز الربط القاري وتطوير الصناعات المرتبطة بالطاقات المتجددة والنقل البحري    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الوداد البيضاوي يستهل كأس العالم للأندية بالخسارة أمام مانشستر سيتي    مباحثات رئيس مجلس النواب و"سيماك"    معرض باريس الجوي.. مزور: 150 شركة طيران تتوفر على وحدة إنتاج واحدة على الأقل بالمغرب    تفكيك شبكة دولية لتهريب السيارات المسروقة نحو المغرب عبر ميناء طنجة المتوسط    السعودية تُعلن فتح باب التقديم لتأشيرات العمرة لموسم 2025 بشروط جديدة وتسهيلات موسعة    ثلاثة مغاربة ضمن قائمة أغلى عشرة لاعبين عرب بمونديال الأندية    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    مونديال الأندية.. الوداد يكشف عن التشكيلة الرسمية لمواجهة مانشستر سيتي    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي تفقد الثقة في إصلاح النظام الأساسي    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الدرك الملكي يحجز 8 أطنان من الشيرا    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني.. تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    خامنئي: إيران "لن تستسلم أبدا" للضغوط    لقجع: الدعم الاجتماعي المباشر حلقة جديدة ضمن المبادرات الملكية الهادفة إلى صون كرامة المواطن    اعمارة: أنماط التشغيل الجديدة تواجه تحديات غياب التأطير القانوني والحرمان من الحماية الاجتماعية    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخالفات شرعية في مشروع القانون الجنائي المغربي.....
نشر في خريبكة أون لاين يوم 12 - 04 - 2015


بقلم احمد بولوز
مساهمة في النقاش الجاري حول مشروع القانون الجنائي المغربي، والذي وضعته وزارة العدل والحريات على موقعها الالكتروني، أحب الإشارة في هذه المقالة إلى جملة من المخالفات الشرعية، لننتبه أننا ما زلنا في حظيرة ما تركه لنا الاستعمار من القوانين بعد ستين سنة من الاستقلال، وأننا لم نتحرر بعد في هذا المجال، وأننا نعاني ازدواجية غريبة بين شعار المملكة ودستورها الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة وبين قطاعات عريضة في مؤسسات الدولة بما فيها وزارة العدل والحريات وبعض القوانين الجاري بها العمل في محاكمنا والتي تخالف صراحة الكتاب والسنة واجماع الأمة واجتهاد أئمتها كمالك رحمه الله وغيره من الأئمة الأعلام، وهذه بعض المجالات الواضحة في مخالفتها للشرع الحكيم:
عقوبة القتل:
جاء في المادة 392 من مشروع القانون الجنائي: "يعاقب بالسجن المؤبد، كل من تسبب عمدا في قتل غيره. وكذا في مادة 398 يعاقب بالسجن من عشرين الى ثلاثين سنة و غرامة من200000 الى 2000000 درهم، كل من ألقى بمواد سامة أو خطيرة على الصحة العامة أو لها تأثير خطير على سلامة الصحة العمومية في المياه المخصصة لالستهلاك أو للسقي.ترفع العقوبة الى السجن المؤبد، اذا أدت هذه الجرائم الى الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة".
والحال أن الواجب هو القصاص أي الإعدام، و هناك غياب مبدأ عفو المجني عليه أو عصبته وغياب الدية، مع ضعف العقوبة المالية والتي لا يستفيد منها أصلا المجني عليه، فمثلا في المادة 402 "يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10000 درهم إلى 50000 درهم إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل العنف أو الإيذاء قد نتج عنه فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة دائمة أخرى"
في حين نجد في الشريعة الإسلامية أن بعض الأعضاء المفقودة تستحق دية كاملة وهي قيمة مائة من الإبل، جاء في الموسوعة الفقهية: "تجب الدية الكاملة في إذهاب قوة السمع أو قوة البصر إذا ذهبت المنفعة بتمامها, عند جميع الفقهاء، ولو أذهب البصر من إحدى العينين أو السمع من إحدى الأذنين ففيه نصف الدية، أما لو أذهب بعض البصر أو بعض السمع من إحدى العينين أو الأذنين أو كليهما, فعليه الدية بحساب ما ذهب إن كان منضبطا, كما يقول المالكية والشافعية, وقال الحنابلة: في نقصان السمع أو البصر حكومة مطلقا". اه.
السكر العلني:
جاء بخصوص السكر العلني في المادة 1-286 :"يعاقب بالحبس من شهر واحد الى ثلاثة أشهر و غرامة من 2000 الى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص ضبط في حالة سكر علني بين، في الازقة أو الطرق أو في أماكن أخرى عمومية، وتسبب في احداث الضوضاء أو الفوضى أو مضايقة العموم."
وأما في الشريعة الإسلامية فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجل قد شرب الخمر فضربه أربعين، ولم تقرن عقوبة الشارب بإحداث فوضى أو مضايقة الناس، وإنما مجرد ثبوت السكر، ففي صحيح مسلم أن علياً رضي الله عنه أمر عبد الله بن جعفر أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد، النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانيين، وكل سنة وهذا أحب إلي". وفي مسلم أيضاً عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين.‏ واتفق الفقهاء بمن فيهم المالكية على وجوب حد شارب الخمر، وليس السجن أو الغرامة المالية، والشريعة هنا أرحم لأنها تكتفي بمعاقبة الجاني فقط بينما عقوبة السجن والمال تمس الأسرة أيضا وهي لم يرتكب أعضاؤها ذنبا و مع ذلك يعاقبون، وتمس عقوبة السجن المال العام بما ينفق على السجن والسجناء.
عقوبة الزنا:
جاء في المادة 484 :"يعاقب بالسجن من خمس الى عشر سنوات و غرامة من20000 الى 200000 درهم، من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية.اذا ارتكبت هذه الجرائم باستعمال العنف، فإن الجاني يعاقب
بالسجن من عشر الى عشرين سنة و غرامة من 50.000 الى500.000 درهم."
وحكم الشرع واضح: جلد مائة وتغريب عام لغير المحصن سواء كان لقاصر في حكم القانون(بالغ في عرف الشرع) أو غيره ممن هم فوق الثمانية عشر سنة، لقوله تعالى في سورة النور:"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)"والآية واضحة بينة لا مجال لتأويلها، ومائة هي مائة وليست خمسين أو تسعة وتسعين، أو خمس سنوات أو عشر.
وحكم المحصن: الإعدام، فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف."
وأما مع استخدام الزاني العنف على ضحيته فحكمه من باب أولى الإعدام أيضا، وقد بوَّب عبد الرزاق في مصنفه بابا في المستكرهة، أسند فيه عن حجاج أن حبشيا استكره امرأة منهم, فأقام عليه عمر بن عبد العزيز الحد، وأمكنها من رقبته.
وهذا كله إن وقعت الجريمة على وجه المخادعة والإسرار، وأما إن كانت على سبيل المكابرة والمجاهرة والمغالبة، فهذا يقام عليه حد الحرابة المذكور في قوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 33].
قال ابن العربي المالكي يحكي عن وقت قضائه: رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه، فاحتملوها، ثم جد فيهم الطلب فأخذوا وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا: ليسوا محاربين! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج! فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج. اه.
وأما بخصوص الراشدين ممن يزنون بإرادتهم فالعقوبة في مشروع قانوننا الجنائي مخففة جدا، وهم في الشرع يستحقون الإعدام إذا كانوا محصنين أو جلد مائة وتغريب عام إذا كانوا غير ذلك، كما سبق بيانه، فقد جاء في المادة 490 :"كل اتصال جنسي غير شرعي بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية، تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد الى ثلاثة أشهر و غرامة من 2000 الى 20000 درهم أو احدى هاتين العقوبتين. يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى سنتين و غرامة من 2000 الى 20000 در هم اذا ارتكبت هذه الجريمة بمقابل كيفما كان نوعه.
اذا كان أحد مرتكبي الجريمة قاصرا دون الثامنة عشر من عمره تطبق على الراشد مقتضيات المادة 724 من هذا القانون."
وهي كما ترى أخف بكثير من عقوبة التحرش الجنسي والتي قد تصل إلى ثلاث سنوات و50000 غرامة مالية(انظر مادة 1-503) والعجيب الغريب أن لا تعتبر العفة من الحق العام، وأن الخيانة الزوجية تسقط فيها المتابعة إلا إذا كانت هناك شكاية من أحد الزوجين أو كان أحد الزوجين خارج تراب المملكة، وبمجرد تنازل المشتكي تسقط المتابعة للزوج (انظر المادة492)
والأعجب والأغرب أن يعاقب من يعرقل مساعدة أهل البغاء فقد جاء في مادة 498 "يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 50000 إلى 1000000درهم، كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية:وذكر منها:"عرقل أعمال الوقاية أو المراقبة أو المساعدة أو إعادة التربية التي تقوم بها القطاعات أو الهيات أو المنظمات المؤهلة لذلك ،تجاه أشخاص يمارسون البغاء أو الدعارة أو معرضين لتلك الممارسة."
وجاء في مشروع القانون الجنائي حكم المختطف المعتدي جنسيا، وهو بحسب المادة 438 يعاقب بالسجن المؤبد، وفي الشريعة حكمه الإعدام وخصوصا إذا كان محصنا.
الاغتصاب ا جاء عاما بحيث يشمل في منطوقه حتى الأزواج:
جاء في المادة 486 :"الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون ر ضاها، ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10.000 الى100000 درهم." ولم يقع أي استثناء لحال الزوجين إذا حدث ووقع أن تحركت شهوة الزوج فواقع زوجته بغير رضاها، فهل مصيره هذه العقوبات؟
عقوبة القذف:
بخصوص القذف جاء في المادة 444 :"يعاقب على القذف أو السب العلني المرتكب في حق الأشخاص، بالحبس من شهر واحد الى ستة أشهر و غرامة من 2000 الى200000 در هم أو بإحدى هاتين العقوبتين. اذا ارتكب القذف أو السب العلني ضد امرأة بسبب جنسها، تكون العقوبة الحبس من شهر واحد الى سنتين والغرامة من2.000 الى 200000 درهم."
فيتانول القذف مختلف أشكاله بما فيها الاتهام بالزنا، ويلاحظ بشكل جلي مخالفة الحكم للنص الشرعي الواضح في الموضوع وهو قول الله تعالى:"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) سورة النور.قال القرطبي المالكي في تفسيره"قوله تعالى: { فَ0جْلِدُوهُمْ } الجلد الضرب" وقال الزمخشري في تفسير الآية:"وأشدّ الضرب ضرب التعزير، ثم ضرب الزنا، ثم ضرب شرب الخمر، ثم ضرب القاذف. قالوا: لأنّ سبب عقوبته محتمل للصدق والكذب، إلاّ أنه عوقب صيانة للأعراض وردعاً عن هتكها. "
عقوبة ضرب الزوجة:
ففي المادة 404: "يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد زوج بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين سواء لم ينتج عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية أو نتج عنه مرض أو عجز لا تتجاوز مدته واحد وعشرون يوما" فهذا يشمل حتى الضرب الخفيف غير المبرح والذي لا يترك جرحا ولا أثرا والذي قد يضطر إليه بعض الأزواج في حال النشوز دفعا لما هو أشد منه كالطلاق، فإن كان لا يضرب خيار الناس ولكن التأديب في حدود معقولة مأذون به في الشرع كما قال تعالى:"وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)النساء.
وما يقال في الزوجة، يقال أيضا فيما ورد في نفس المادة يهم كل "شخص له ولاية أو سلطة عليه أو مكلف برعايته"من الإبن والتيم يرعاه ونحو ذلك، وقد يضرب الأب أو الأم ولديهما ضربا غير مبرح تربية وتأديبا وإن كان ينصح بتجنب الضرب ولكنه واقع عند الكثيرين لا محالة.
عقوبة السرقة:
بخصوص السرقة، جاء في المادة 505 :من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 2000 إلى 200000 درهم." وفيه مخالفة صريحة لقوله تعالى:"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)سورة المائدة. قال القرطبي في أحكامه:"قال مالك: تُقطَع اليد في ربع دينار أو في ثلاثة دراهم، فإن سرق درهمين وهو ربع دينار لانحطاط الصرف لم تقطع يده فيهما. والعُروضُ لا تقطع فيها إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم قَلّ الصرفُ أو كَثُر"
فإذا كان السارق مكلفا وأخذ مال غيره خفية بالغا نصاب السرقة (ثلاث دراهم زمن النبوة) من حرز وثبت عليه ذلك ببينة أو اعتراف وجب فيه القطع، وأما إذا كانت سرقة تحت تهديد السلاح فحكمها في الشرع حد الحرابة، وليس السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 5000 إلى 50000 كما في المادة 507، قال تعالى:"إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34)المائدة.
قال القرطبي في أحكامه حكاية عن طائفة من العلماء:"يقام عليه بقدر فعله؛ فمن أخاف السبيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خِلاف، وإن أَخَذ المال وقَتَل قُطعت يده ورجله ثم صُلب، فإذا قَتَل ولم يأخذ المال قُتِل، وإن هو لم يأخذ المال ولم يَقتل نُفِي" والسرقة في شريعتنا من الحق العام الذي لا تسقط فيه المتابعة ولو تنازل المعني بالمسروق، عكس ما جاء في المادة 523 والتي تضع حدا للمتابعة بمجرد تنازل المتضرر،
وأما في الشرع، فقد روى النسائي وغيره أن صفوان بن أمية نام في المسجد فوضع رداء له تحت رأسه فأتاه لص فاستله من تحت رأسه فأخذه فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن هذا سرق ردائي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسرقت رداء هذا؟ قال: نعم، قال اذهبوا به فاقطعوا يده، قال صفوان: ما كنت أريد أن تقطع يده في ردائي، فقال له- صلى الله عليه وسلم- فلو ما قبل هذا."صححه الألباني،فلم ينفع صفوان تنازله عن المطالبة بتنفيذ حد السرقة بعد أن رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ممثل السلطة يومها.
فهذا شرع الله في حفظ النفوس والعقول والأعراض والأموال، فأين أنتم يا من نصصتم في الدستور في الفصل الثالث وغيره:"الإسلام دين الدولة" أما يجب لقانوننا الجنائي أن يخضع لدين الدولة؟ ويا من يزعمون أن مذهب مالك هو مذهبنا، أما يجب لقوانيننا الجنائية وغيرها أن تحترم مذهبنا وتسير في ركاب اجتهاد علمائنا؟
ثم بقيت تساؤلات كثيرة على هذا المشروع بخصوص مخالفات في نظر الشرع لم يتم اعتبارها كذلك في القانون:حيث لم يجرم شرب الخمر في ذاته ولا المتاجرة فيه ولا تصنيعه ووقع تراجع واضح عن القانون الحالي الذي يتحدث على الأقل على منع بيعه للمسلمين، فلم تخصص للخمر بنود كما هو الحال في المخدرات، إلا ما كان من حديث عن السكر العلني مقرونا بالفوضى ومضايقة الآخرين والحال أن الخمر هو الأصل المنصوص في الشرع وهو أم الخبائث والمصائب الكثيرة، وما المخدرات التي احتفى بها القانون سوى فرع يقاس على ذلك الأصل.
كما لم يتم الحديث عن تجريم الربا، ونصه واضح بين في الشرع، بل لم تعلن الحرب من الله ورسوله على آفة من الآفات كما فعل مع الربا؟ إنها أسئلة للتأمل، وليس للإحراج، لندرك أننا لا زلنا بعيدين عن الاستقلال الحقيقي عما ورثناه من فرنسا، وأننا بحاجة إلى قوانين تشبهنا ونابعة من ديننا وهويتنا وأصالتنا وقيم حضارتنا، فالأمر دين ومن كان متدينا على الحقيقة تهزه آيات ربه من مثل: قوله تعالى في سورة المائدة: "وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وقوله: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وقوله: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)
أو قوله تعالى في سورة الأحزاب:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا (36)"ويتمنى المومن حقا بدينه أن يكون ممن قال فيهم ربهم:"إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وإنا منتظرون صحوة أهل التشريع فينا بمختلف مستوياتهم أن يتقوا الله فيما يفعلون فإنهم على خطر عظيم بينهم وبين خالقهم قبل أن يكون بينهم وبين وطنهم وأمتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.