"هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    مشروع محطة تحلية مياه البحر في الداخلة سيمكن من سقي 5200 هكتار    إسرائيل تقحم نفسها في اشتباكات بين السلطات السورية والدروز    لماذا أصبحت فلسطين أخطر مكان في العالم على الصحفيين ؟    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    استقدمها من علبة ليلية بأكادير.. توقيف شخص اعتدى على فتاة جنسيا باستعمال الضرب والجرح بسكين    أكادير… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا    فريق طبي مغربي يجري أول عملية استئصال للبروستاتا بالروبوت عن بعد بمسافة تجاوزت 1100 كلم    تنظيم يوم وطني لخدمات الأرصاد الجوية والمناخية الاثنين المقبل بالرباط    الحكم بالسجن 34 سنة في حق رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض    اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة الداخلة    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    البواري: تحلية مياه البحر بالداخلة مشروع مهيكل من أجل فلاحة مستدامة ومندجمة    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    تونس تسجن رئيس الوزراء السابق العريض 34 عاما بتهمة تسهيل سفر جهاديين لسوريا    ألمانيا تهتز على وقع حادث دموي في شتوتغارت.. سيارة تدهس حشداً وتصيب 8 أشخاص    أجواء حارة مرتقبة اليوم السبت بعدة أقاليم    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخالفات شرعية في مشروع القانون الجنائي المغربي.....
نشر في خريبكة أون لاين يوم 12 - 04 - 2015


بقلم احمد بولوز
مساهمة في النقاش الجاري حول مشروع القانون الجنائي المغربي، والذي وضعته وزارة العدل والحريات على موقعها الالكتروني، أحب الإشارة في هذه المقالة إلى جملة من المخالفات الشرعية، لننتبه أننا ما زلنا في حظيرة ما تركه لنا الاستعمار من القوانين بعد ستين سنة من الاستقلال، وأننا لم نتحرر بعد في هذا المجال، وأننا نعاني ازدواجية غريبة بين شعار المملكة ودستورها الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة وبين قطاعات عريضة في مؤسسات الدولة بما فيها وزارة العدل والحريات وبعض القوانين الجاري بها العمل في محاكمنا والتي تخالف صراحة الكتاب والسنة واجماع الأمة واجتهاد أئمتها كمالك رحمه الله وغيره من الأئمة الأعلام، وهذه بعض المجالات الواضحة في مخالفتها للشرع الحكيم:
عقوبة القتل:
جاء في المادة 392 من مشروع القانون الجنائي: "يعاقب بالسجن المؤبد، كل من تسبب عمدا في قتل غيره. وكذا في مادة 398 يعاقب بالسجن من عشرين الى ثلاثين سنة و غرامة من200000 الى 2000000 درهم، كل من ألقى بمواد سامة أو خطيرة على الصحة العامة أو لها تأثير خطير على سلامة الصحة العمومية في المياه المخصصة لالستهلاك أو للسقي.ترفع العقوبة الى السجن المؤبد، اذا أدت هذه الجرائم الى الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة".
والحال أن الواجب هو القصاص أي الإعدام، و هناك غياب مبدأ عفو المجني عليه أو عصبته وغياب الدية، مع ضعف العقوبة المالية والتي لا يستفيد منها أصلا المجني عليه، فمثلا في المادة 402 "يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10000 درهم إلى 50000 درهم إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل العنف أو الإيذاء قد نتج عنه فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة دائمة أخرى"
في حين نجد في الشريعة الإسلامية أن بعض الأعضاء المفقودة تستحق دية كاملة وهي قيمة مائة من الإبل، جاء في الموسوعة الفقهية: "تجب الدية الكاملة في إذهاب قوة السمع أو قوة البصر إذا ذهبت المنفعة بتمامها, عند جميع الفقهاء، ولو أذهب البصر من إحدى العينين أو السمع من إحدى الأذنين ففيه نصف الدية، أما لو أذهب بعض البصر أو بعض السمع من إحدى العينين أو الأذنين أو كليهما, فعليه الدية بحساب ما ذهب إن كان منضبطا, كما يقول المالكية والشافعية, وقال الحنابلة: في نقصان السمع أو البصر حكومة مطلقا". اه.
السكر العلني:
جاء بخصوص السكر العلني في المادة 1-286 :"يعاقب بالحبس من شهر واحد الى ثلاثة أشهر و غرامة من 2000 الى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص ضبط في حالة سكر علني بين، في الازقة أو الطرق أو في أماكن أخرى عمومية، وتسبب في احداث الضوضاء أو الفوضى أو مضايقة العموم."
وأما في الشريعة الإسلامية فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجل قد شرب الخمر فضربه أربعين، ولم تقرن عقوبة الشارب بإحداث فوضى أو مضايقة الناس، وإنما مجرد ثبوت السكر، ففي صحيح مسلم أن علياً رضي الله عنه أمر عبد الله بن جعفر أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد، النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانيين، وكل سنة وهذا أحب إلي". وفي مسلم أيضاً عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين.‏ واتفق الفقهاء بمن فيهم المالكية على وجوب حد شارب الخمر، وليس السجن أو الغرامة المالية، والشريعة هنا أرحم لأنها تكتفي بمعاقبة الجاني فقط بينما عقوبة السجن والمال تمس الأسرة أيضا وهي لم يرتكب أعضاؤها ذنبا و مع ذلك يعاقبون، وتمس عقوبة السجن المال العام بما ينفق على السجن والسجناء.
عقوبة الزنا:
جاء في المادة 484 :"يعاقب بالسجن من خمس الى عشر سنوات و غرامة من20000 الى 200000 درهم، من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية.اذا ارتكبت هذه الجرائم باستعمال العنف، فإن الجاني يعاقب
بالسجن من عشر الى عشرين سنة و غرامة من 50.000 الى500.000 درهم."
وحكم الشرع واضح: جلد مائة وتغريب عام لغير المحصن سواء كان لقاصر في حكم القانون(بالغ في عرف الشرع) أو غيره ممن هم فوق الثمانية عشر سنة، لقوله تعالى في سورة النور:"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)"والآية واضحة بينة لا مجال لتأويلها، ومائة هي مائة وليست خمسين أو تسعة وتسعين، أو خمس سنوات أو عشر.
وحكم المحصن: الإعدام، فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف."
وأما مع استخدام الزاني العنف على ضحيته فحكمه من باب أولى الإعدام أيضا، وقد بوَّب عبد الرزاق في مصنفه بابا في المستكرهة، أسند فيه عن حجاج أن حبشيا استكره امرأة منهم, فأقام عليه عمر بن عبد العزيز الحد، وأمكنها من رقبته.
وهذا كله إن وقعت الجريمة على وجه المخادعة والإسرار، وأما إن كانت على سبيل المكابرة والمجاهرة والمغالبة، فهذا يقام عليه حد الحرابة المذكور في قوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 33].
قال ابن العربي المالكي يحكي عن وقت قضائه: رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه، فاحتملوها، ثم جد فيهم الطلب فأخذوا وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا: ليسوا محاربين! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج! فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج. اه.
وأما بخصوص الراشدين ممن يزنون بإرادتهم فالعقوبة في مشروع قانوننا الجنائي مخففة جدا، وهم في الشرع يستحقون الإعدام إذا كانوا محصنين أو جلد مائة وتغريب عام إذا كانوا غير ذلك، كما سبق بيانه، فقد جاء في المادة 490 :"كل اتصال جنسي غير شرعي بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية، تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد الى ثلاثة أشهر و غرامة من 2000 الى 20000 درهم أو احدى هاتين العقوبتين. يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى سنتين و غرامة من 2000 الى 20000 در هم اذا ارتكبت هذه الجريمة بمقابل كيفما كان نوعه.
اذا كان أحد مرتكبي الجريمة قاصرا دون الثامنة عشر من عمره تطبق على الراشد مقتضيات المادة 724 من هذا القانون."
وهي كما ترى أخف بكثير من عقوبة التحرش الجنسي والتي قد تصل إلى ثلاث سنوات و50000 غرامة مالية(انظر مادة 1-503) والعجيب الغريب أن لا تعتبر العفة من الحق العام، وأن الخيانة الزوجية تسقط فيها المتابعة إلا إذا كانت هناك شكاية من أحد الزوجين أو كان أحد الزوجين خارج تراب المملكة، وبمجرد تنازل المشتكي تسقط المتابعة للزوج (انظر المادة492)
والأعجب والأغرب أن يعاقب من يعرقل مساعدة أهل البغاء فقد جاء في مادة 498 "يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 50000 إلى 1000000درهم، كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية:وذكر منها:"عرقل أعمال الوقاية أو المراقبة أو المساعدة أو إعادة التربية التي تقوم بها القطاعات أو الهيات أو المنظمات المؤهلة لذلك ،تجاه أشخاص يمارسون البغاء أو الدعارة أو معرضين لتلك الممارسة."
وجاء في مشروع القانون الجنائي حكم المختطف المعتدي جنسيا، وهو بحسب المادة 438 يعاقب بالسجن المؤبد، وفي الشريعة حكمه الإعدام وخصوصا إذا كان محصنا.
الاغتصاب ا جاء عاما بحيث يشمل في منطوقه حتى الأزواج:
جاء في المادة 486 :"الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون ر ضاها، ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10.000 الى100000 درهم." ولم يقع أي استثناء لحال الزوجين إذا حدث ووقع أن تحركت شهوة الزوج فواقع زوجته بغير رضاها، فهل مصيره هذه العقوبات؟
عقوبة القذف:
بخصوص القذف جاء في المادة 444 :"يعاقب على القذف أو السب العلني المرتكب في حق الأشخاص، بالحبس من شهر واحد الى ستة أشهر و غرامة من 2000 الى200000 در هم أو بإحدى هاتين العقوبتين. اذا ارتكب القذف أو السب العلني ضد امرأة بسبب جنسها، تكون العقوبة الحبس من شهر واحد الى سنتين والغرامة من2.000 الى 200000 درهم."
فيتانول القذف مختلف أشكاله بما فيها الاتهام بالزنا، ويلاحظ بشكل جلي مخالفة الحكم للنص الشرعي الواضح في الموضوع وهو قول الله تعالى:"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) سورة النور.قال القرطبي المالكي في تفسيره"قوله تعالى: { فَ0جْلِدُوهُمْ } الجلد الضرب" وقال الزمخشري في تفسير الآية:"وأشدّ الضرب ضرب التعزير، ثم ضرب الزنا، ثم ضرب شرب الخمر، ثم ضرب القاذف. قالوا: لأنّ سبب عقوبته محتمل للصدق والكذب، إلاّ أنه عوقب صيانة للأعراض وردعاً عن هتكها. "
عقوبة ضرب الزوجة:
ففي المادة 404: "يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد زوج بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين سواء لم ينتج عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية أو نتج عنه مرض أو عجز لا تتجاوز مدته واحد وعشرون يوما" فهذا يشمل حتى الضرب الخفيف غير المبرح والذي لا يترك جرحا ولا أثرا والذي قد يضطر إليه بعض الأزواج في حال النشوز دفعا لما هو أشد منه كالطلاق، فإن كان لا يضرب خيار الناس ولكن التأديب في حدود معقولة مأذون به في الشرع كما قال تعالى:"وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)النساء.
وما يقال في الزوجة، يقال أيضا فيما ورد في نفس المادة يهم كل "شخص له ولاية أو سلطة عليه أو مكلف برعايته"من الإبن والتيم يرعاه ونحو ذلك، وقد يضرب الأب أو الأم ولديهما ضربا غير مبرح تربية وتأديبا وإن كان ينصح بتجنب الضرب ولكنه واقع عند الكثيرين لا محالة.
عقوبة السرقة:
بخصوص السرقة، جاء في المادة 505 :من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 2000 إلى 200000 درهم." وفيه مخالفة صريحة لقوله تعالى:"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)سورة المائدة. قال القرطبي في أحكامه:"قال مالك: تُقطَع اليد في ربع دينار أو في ثلاثة دراهم، فإن سرق درهمين وهو ربع دينار لانحطاط الصرف لم تقطع يده فيهما. والعُروضُ لا تقطع فيها إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم قَلّ الصرفُ أو كَثُر"
فإذا كان السارق مكلفا وأخذ مال غيره خفية بالغا نصاب السرقة (ثلاث دراهم زمن النبوة) من حرز وثبت عليه ذلك ببينة أو اعتراف وجب فيه القطع، وأما إذا كانت سرقة تحت تهديد السلاح فحكمها في الشرع حد الحرابة، وليس السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 5000 إلى 50000 كما في المادة 507، قال تعالى:"إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34)المائدة.
قال القرطبي في أحكامه حكاية عن طائفة من العلماء:"يقام عليه بقدر فعله؛ فمن أخاف السبيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خِلاف، وإن أَخَذ المال وقَتَل قُطعت يده ورجله ثم صُلب، فإذا قَتَل ولم يأخذ المال قُتِل، وإن هو لم يأخذ المال ولم يَقتل نُفِي" والسرقة في شريعتنا من الحق العام الذي لا تسقط فيه المتابعة ولو تنازل المعني بالمسروق، عكس ما جاء في المادة 523 والتي تضع حدا للمتابعة بمجرد تنازل المتضرر،
وأما في الشرع، فقد روى النسائي وغيره أن صفوان بن أمية نام في المسجد فوضع رداء له تحت رأسه فأتاه لص فاستله من تحت رأسه فأخذه فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن هذا سرق ردائي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسرقت رداء هذا؟ قال: نعم، قال اذهبوا به فاقطعوا يده، قال صفوان: ما كنت أريد أن تقطع يده في ردائي، فقال له- صلى الله عليه وسلم- فلو ما قبل هذا."صححه الألباني،فلم ينفع صفوان تنازله عن المطالبة بتنفيذ حد السرقة بعد أن رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ممثل السلطة يومها.
فهذا شرع الله في حفظ النفوس والعقول والأعراض والأموال، فأين أنتم يا من نصصتم في الدستور في الفصل الثالث وغيره:"الإسلام دين الدولة" أما يجب لقانوننا الجنائي أن يخضع لدين الدولة؟ ويا من يزعمون أن مذهب مالك هو مذهبنا، أما يجب لقوانيننا الجنائية وغيرها أن تحترم مذهبنا وتسير في ركاب اجتهاد علمائنا؟
ثم بقيت تساؤلات كثيرة على هذا المشروع بخصوص مخالفات في نظر الشرع لم يتم اعتبارها كذلك في القانون:حيث لم يجرم شرب الخمر في ذاته ولا المتاجرة فيه ولا تصنيعه ووقع تراجع واضح عن القانون الحالي الذي يتحدث على الأقل على منع بيعه للمسلمين، فلم تخصص للخمر بنود كما هو الحال في المخدرات، إلا ما كان من حديث عن السكر العلني مقرونا بالفوضى ومضايقة الآخرين والحال أن الخمر هو الأصل المنصوص في الشرع وهو أم الخبائث والمصائب الكثيرة، وما المخدرات التي احتفى بها القانون سوى فرع يقاس على ذلك الأصل.
كما لم يتم الحديث عن تجريم الربا، ونصه واضح بين في الشرع، بل لم تعلن الحرب من الله ورسوله على آفة من الآفات كما فعل مع الربا؟ إنها أسئلة للتأمل، وليس للإحراج، لندرك أننا لا زلنا بعيدين عن الاستقلال الحقيقي عما ورثناه من فرنسا، وأننا بحاجة إلى قوانين تشبهنا ونابعة من ديننا وهويتنا وأصالتنا وقيم حضارتنا، فالأمر دين ومن كان متدينا على الحقيقة تهزه آيات ربه من مثل: قوله تعالى في سورة المائدة: "وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وقوله: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وقوله: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)
أو قوله تعالى في سورة الأحزاب:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا (36)"ويتمنى المومن حقا بدينه أن يكون ممن قال فيهم ربهم:"إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وإنا منتظرون صحوة أهل التشريع فينا بمختلف مستوياتهم أن يتقوا الله فيما يفعلون فإنهم على خطر عظيم بينهم وبين خالقهم قبل أن يكون بينهم وبين وطنهم وأمتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.