النقابة الوطنية للصحافة تطالب برفع تمثيلية المهنيين في "المجلس الوطني"    "جدل غياب وزراء" يرفع جلسة النواب    والي بنك المغرب: المنصات التكنولوجية العالمية تهدد أنظمة الدفع الوطنية    المجاعة تدفع 25 دولة غربية إلى المطالبة بوقف الحرب على قطاع غزة    أوضاع غزة تقلق مثقفين في المغرب    فيلدا: نملك إرادة كبيرة لتجاوز غانا    توقيف شبكة تهريب مخدرات بطاطا    درك الحسيمة يفك لغز العثور على جثة قرب شاطئ السواني    منشور للحكومة يدعو إلى تسريع تفعيل العقوبات البديلة    تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية لغزة    المملكة المغربية وجمهورية مقدونيا الشمالية تجددان التأكيد على رغبتهما المشتركة في تقوية شراكتهما    المنتخب المغربي يتوج ببطولة إفريقيا ويتأهل إلى بطولة العالم للتنس    الأرجنتين تؤكد أن المغرب يتموقع ك»سوق استراتيجية» لتدويل منتجاتها    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدين الاعتداءات العنصرية على المغاربة في إسبانيا    احتضن فعاليته المخيم الحضري الأميرة لالة مريم بعين الذياب .. أطفال جمعية «أمل لذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية» يودعون منتداهم الصيفي المنظم في الدارالبيضاء    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    الطالب الباحث سمير عثمان يناقش أطروحة الدكتوراه حول أثر اعتماد معايير IFRS في السياق المغربي    في بيان الدار البيضاء للمسرح الجامعي .. «قصص رائعة لبقية الحياة» لأكاديمية الفنون المسرحية من إيطاليا تفوز بالجائزة الكبرى    سيارة مسرعة تودي بحياة مسن في مرتيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ضمنهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.. أكثر من 24 دولة يدعون إلى إنهاء الحرب في غزة "فورا"    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع ارتفاع طفيف    توقيع اتفاقية لتعزيز التحليل الإحصائي للجريمة بالمغرب    الملك محمد السادس يهنئ عاهلي بلجيكا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما    روما الإيطالي يعلن تعاقده مع المغربي نائل العيناوي    مرصد: أزيد من 11,88 مليون ليلة مبيت في الفنادق المغربية المصنفة حتى ماي 2025    البنك الإفريقي للتنمية يمنح المغرب قرضا بقيمة 116 مليون دولار لدعم الزراعة المستدامة    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية        المصلحة البيطرية بتازة تكشف حقيقة "هياكل الحمير" بواد أمليل    البيضاء.. الأمن يُطيح بمشتبه به في قضية ضرب وجرح خطيرة بسلاح أبيض    العرائش تخرج عن بكرة أبيها… وتصرخ: "أعيدوا لنا شرفتنا!"    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح    اتحاد يعقوب المنصور يعلن عن تعاقده مع 6 لاعبين    مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصفه ب"السخيف"    "يوم الصفر".. الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض لهجوم سيبراني غير مسبوق    هل تخلص مولودية وجدة من إرثه الثقيل؟    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    غدا، الكاتب الأول إدريس لشكر يترأس المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بتطوان    تير شتيغن يخضع لجراحة في الظهر تُثير الشكوك حول استمراره مع برشلونة    صحيفة إسبانية تسلط الضوء على المغرب كنموذج للاستقرار الاقتصادي في إفريقيا        مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر        دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجمع الشريف للفوسفاط : حين يَتَسيَّد العقل الأمني
نشر في خريبكة أون لاين يوم 12 - 08 - 2011

ما نستنتجه من دروس هو أن للإدارة قدرة عجيبة على التأقلم مع مُستجدات كل مرحلة، وعلى إبداع آليات اشتغال جديدة تضمن استمراريتها وسيطرتها على المفاصل الحيوية في النسيج العمالي. لكن الملاحظ أن سكان الإدارة الجدد عجزوا تماما في السنوات الأخيرة عن تجديد ذاتهم، وفشلوا فشلا ذريعا في ملائمة شعاراتهم وخطابهم مع أساليبهم. وسبب ذلك يرجع من جهة إلى عجز منظريهم وضُعف كفاءتهم وعدم قدرتهم على مسايرة تطور المجتمع. لذلك بدأ الاستنجاد ببعض الوجوه القديمة المتمرِّسة لتدبير المراحل القادمة، والشعارات كالمُتداولة أخيرا.
لا يمكن أن تنطلي الحِيل على من عايش المراحل إياها وأساليب لا تتغير في جوهرها ولكنها لا تتردد في تغيير بعض مظاهرها وتمثلاتها لتضمن استمراريتها. كما كانت بعض التمظهُرات النقابية امتحانا عسيرا لواقعية تلك الشعارات ومردودية تلك السياسات.
في جل المراكز تغلبت آلة القمع على الحرِّية، والسيف على الكلمة، والجلاد على الضحيَّة، في خريبكة تُغتال الكرامة في واضِحة النهار ويُجلد الشرف على رؤوس الأشهاد ويُصلب الحِس على طاوِلة التخويف ويُشنق الشعور على مقصلة التعذيب، يَطرد الظلمُ العدلَ في إبن جرير وآسفي والاستبدادُ الديمقراطيةَ والقُبحُ الحسنَ والبشاعةُ الجمالَ. والويل في كل المراكز لمن يَهمسُ ببنت شَفَة أو يُفكر في ذلك أو يَنوي.
في فوسبوكراع يَتسيَّد العقل الإداري على حساب الحقوقي، ويتغوَّل أصحاب العضلات على أولي الألباب، وحين تسود معالم الخِلافة بهذا المركز، ومحاولة توريث المناصب فأبشر بخراب وانْدِثار، ودوس الإنسان والقيم. عقل إداري يتغوّل في صمت، ويَتكَّلمُ من وراء حجاب ويُوجِّهُ عبر الهاتف ويتحكَّمُ عن بعد. لكنه يظهر إلى العلن حين لا يستوعب تلّكم الأجساد النحيلة والمظلومة، طبيعة الفِعل القمعي وحجم السلوك السلطوي. فيستبيح البلاد والعباد غير آبهٍ بأي ضابط قانوني أو أخلاقي.
إجتهد البعض من منظري الإدارة في تسويق صورة جيّدة عن نفسها، محترَمة حقوقيا ومقبولة اجتماعيا، وكان لذراعهم الإعلامي الدور الأبرز في تسويق وهْم الانتقال من "عهد قديم" إلى "عهد جديد". فرُفِعت خلال السنوات الأخيرة كثير من الآمال (أُسميها أماني)، وَدشَّن صُنَّاع المشروع الديمقراطي الحداثي عددا من الأوراش الاجتماعية والحقوقية والسياسية لاستكمال "الطبخة الديمقراطية" و"التنمية المنشودة".
وحين علا هُتاف وتصفيق العديد من القِوى الطامحة-الطامعة في مَكرُمات السَّدنة الجُدد للمعبد القديم. وسرعان ما بدأت الشكوك تحوم حول جدِّية الخطاب الرسمي، حين أصبحت الأخطاء والأكاذيب الإدارية هنا وهناك، خطة أمنية مركزية مُمَنهجة طالت العديد من الفئات الاجتماعية والسياسية. وتعززت الشكوك بالريبة حين تأخَّرت ثِمار "المشاريع المفتوحة" وأَخْلَفَت مواعيدها مع صُيوفِ وصَيفِ الحصاد، السنة تلو الأخرى، لنصبح أمام سنواتٍ عِجافٍ تنمويا واجتماعيا وعقدٍ عقيمٍ سياسيا وحقوقيا.
ولا أظنُّنا سنجد كبير عناء اليوم، على خلاف المرحلة الأولى، لنستدِل على ملامح وحقيقة وجود الإدارة المتحكمة في كليات وجزئيات المؤسسة، بدءًا من التحكم في صناعة الخرائط السياسية على مقاس الضبط ومرورا بتسليط سيف الإتهام والتشهير والعصى الغليظة على النقابيين وليس انتهاء بسلخ المعارضين في واحدة من أقبح أفاعيل العهد الجديد.
ولأن النيَّة لم تكن مُنعقِدة والرغبة لم تكن صادقة في الانتقال ب"المجموعة" من ماضي سنوات الرصاص إلى "مجمع" الحرية والكرامة. بل إن الإدارة إنكشفت ولم تستطع إخفاء ملامحَ وجهها القبيح. كلُّ مساحيق المشاريع التنموية ومبادرات المُصالحة مع من عانوْ لسنوات، وإقالة بعض الرموز وغيرها من "توابل" الإقصاء والتنقيل الذي ورِث فيه "العهد الجديد" عقلية ورجال وآليات "العهد القديم".
في مؤسسة تَدَّعي قيام الشراكات واحترامَ الحقوق قولا وشعارا، لكنها تعيش حقيقة وواقع سنوات جمر ورصاص وظلم وطُغيان، ونظام استبداد وديكتاتورية وهيمنة أجهزة على مجريات السياسة وحياة العمال.
ولأن إدارتنا من ورق ليس إلا، فإن مطالب ومُراسلات لرفع أي حيف يطال الإنسان أو العامل الفوسفاطي إلى الرئيس المدير العام، تناشده فتح تحقيق رسمي يَعقُبه متابعة المسؤولين عن هذا العمل الشنيع ومُنفذوه. ولا أظننا سنسمع عن ذلك أبدا لأننا نُدرك وبالحجة أن الجهات العليا وخلاياها وهياكلها وآلياتها وموقِعها من مَن يُحرك خيوط اللعبة أعمق تجدُّرًا وأكثر نفوذًا ممن ينشد إصلاح.
ولعله لم يخطئ من ظنَّ أن تجليات هيمنة لهيئات نافذة خارج المراكز(الجديدة، أسفي وفوسبوكراع) من وراء الستار وتحَكُّمهم في الأجهزة الداخلية وفي المسؤولين المحليين. إذ يمكن للمدير أن يَقول ويَعِد بما شاء، لكن الكلمة الأقوى والأنْفذ تبقى لمن هم فوق المدير نفسه، وإن كانوا بعيدين عن مراكز القرار الوهمية في إدارة شكلية.
ليست هذه الهيمنة ولا هذا التحكم حاضران فقط في الملفات السياسية، بل وفي الاجتماعية والحقوقية وسائر مستويات ومطالب العمال أيضا. فهؤلاء ما تزال اللغة المعتمدة في التعامل مع ملفاتهم ومطالبهم هي العصا والتعنيف. وخريبكة المركز، فذاك مركزٌ بأكمله يتعرَّض للعقوبة الجماعية لأنَّه طمح للعيش الكريم. وفوسبوكراع المركز فهو أكبر المغضوب عليهم رسميا، ومطالبهم ملقاة بجانب هامش النسيان.
فلكِ الله يا إدارتنا ... ولكِ أقلامنا إلا إذا ضاقت بنا الحيلة وعدِمنا الوسيلة.
سليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.