أخنوش أمام مجلس النواب للإجابة عن أسئلة السياسة العامة    بايتاس: الاستثمار بالمغرب عرف نموا مهما منذ دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيز التنفيذ    تداولات إغلاق البورصة تتشح بالأخضر    إقصائيات كأس العالم 2026.. أسود الأطلس من أجل استعادة الفعالية الهجومية    الحكومة تحدد مسطرة جديدة لإخراج قطع أرضية من الملك العمومي المائي    رسمياً .. مديرية الأمن تطلق منصة رقمية للإبلاغ عن المحتويات غير المشروعة على الأنترنيت    الأرض تهتز تحت أقدام ساكنة الحسيمة    طنحة تطلق العد التنازلي لموسم الصيف وتنهي تهيئة شواطئها لاستقبال المصطافين    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة الكحول المسمومة    مانشستر يونايتد يفاجئ الجميع بهذا القرار الذي يحدد مصير أمرابط    جلالة الملك يراسل عاهل السويد    مجلس الحكومة يتتبع عرضا حول برنامج التحضير لعيد الأضحى    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة "الماحيا"    بنموسى يسعى إلى إبقاء المدارس مفتوحة إلى غاية يوليوز    هذه أسباب نفوق 70 من أضاحي العيد    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    غزة.. مقتل عشرات الأشخاص في غارة تبنتها إسرائيل على مدرسة للأونروا تؤوي نازحين    ارتفاع عدد قتلى حريق "قيسارية فاس"    ضبط سيارة بمخدرات في القصر الكبير    في وداع حقوقي مَغربي    خطة جديدة للركراكي أمام زامبيا وهذه تشكيلة المنتخب الوطني    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    هل يحصد الدولي المغربي إبراهيم دياز الكرة الأفريقية؟    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    إسبانيا تنضم رسميًا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    أولمبياد باريس 2024 : ارتفاع أسعار السكن والإقامة    تكريم مدير المركز السينمائي عبد العزيز البوجدايني في مهرجان الداخلة    قرض ألماني بقيمة 100 مليون أورو لإعادة إعمار مناطق زلزال "الحوز"    مقتل قرابة 100 شخص بولاية الجزيرة في السودان إثر هجوم    "الأسود" يختتمون تحضيراتهم بالمعمورة ويتوجهون إلى أكادير لملاقاة زامبيا    توقيف شخص بطنجة وثلاثة بمدن أخرى موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    الصناعة التحويلية .. أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج    أولمبياكوس يُغري الكعبي بعرض يتجاوز 5 ملايين يورو    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة    أزمة القيادة العالمية ولحظة الحسم..    الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    مجددا.. إسرائيل تقصف مدرسة بغزة تأوي اللاجئين ووسائل إعلام تعلن مقتل 27 فلسطيني    عموتة يحسم الجدل بخصوص عودته لتدريب الوداد الرياضي    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخاريف مشروعة
نشر في القصر الكبير 24 يوم 26 - 11 - 2012

في نهاية الأسبوع الماضي توجهت من الرباط صوب مسقط رأسي القصر الكبير قصد زيارة العائلة. و ما إن وصلت إلى منطقة الخضاضرة، حتى إذا بي أشاهد شابا أنيق الهندام يلوح لي بكلتا يديه كأنه يطلب المساعدة. أوقفت سيارتي لهنيهة و سألته: ما الأمر؟ فأجاب بتلعثم: عفوا سيدي، لقد تعطلت سيارتي وأحتاج لتوصيلة إلى المدينة قصد البحث عن ورشة لإصلاحها.
لم أتردد في مساعدته، فشكله يوحي أنه طيب. أشرت إليه بالركوب، فنط في حركة خفيفة داخل السيارة و كأنه مستعجل في أمره. خامرني شك في أنني أعرف هذا الشاب من قبل، فسألته: وجهك و شكلك ليس غريبين علي، أ أنت قصري؟ فأجاب : نعم . ظللت أختلس بعض النظرات إليه لعلني أتذكره، فجأة صحت: صح ،أنت خويلق أليس كذلك؟؟؟. فرد: نعم. سألته مرة أخرى: لكنك مت منذ سنوات، و أنا عهدي بك كشخص معتوه، كما أنك قد تغيرت كثيرا، فما الذي حدث؟ فصمت قليلا وأجاب بابتسامة عريضة تعلو محياه: أنا بالفعل خويلق يا سيدي، لكنني لم أمت و ما زلت حيا أرزق لقد كانت إشاعة ليس إلا، و كل ما في الأمر أنني كنت غائبا عن القصرالكبير لمدة طويلة بسبب تكفل أحد محسني المدينة بنفقات علاجي في أحد مستشفيات الأمراض النفسية بغرناطة، و قد رجعت قبل مدة قصيرة إلى مدينتي بعدما أصبحت معافا تماما .
بعد حوالي عشر دقائق وصلنا إلى المدخل الجنوبي للمدينة، طلب مني خويلق أن أتركه قرب مدرسة المرحوم عبد القادر السدراوي بعد أن شكرني بحرارة على مساعدتي له. أكملت طريقي في اتجاه المستشفى الرئيسي، و قد أثارني شكل المدينة الذي تغير بالمرة، أشجار مغروسة بجانب الطريق في شكل هندسي جميل، منازل نظيفة ، الناس يمشون فوق الرصيف ، و لا أثر للأزبال ولا وجود للكراريس أو الحمير أو البغال..عجيب... !!. قبل الوصول إلى مدخل المستشفى الرئيسة انعرجت يسارا أمام محطة شال نحو وسط المدينة ، و إذ بي أرمق حديقة "السلام" El Jardin على يساري و قد تغير شكلها تماما. أركنت سيارتي بسرعة قرب حانة "الحياة"، تقدمت بخطى مسرعة ، فإذ بي أشاهد حديقة جميلة يكسوها ورد من مختلف الألوان و الأشكال، تحيط بها أشجار باسقة من الصنوبر و النخيل ، ويتوسطها حوض مزخرف بفسيفساء أندلسية تسبح داخله أسماك صغيرة الشكل، حمراء اللون في هدوء سرمدي، و في الجانب الآخر من الحديقة يجلس أحد الشبان فوق مقعد خشبي يطالع في نهم كتيبا صغيرا. لم أفهم شيئا، كيف تتحول هذه الحديقة التي كانت مشوهة الشكل قبل سنوات و مرتعا للحشاشين و السكارى إلى سابق عهدها الجميل ؟ أهذا معقووول؟
تركت سيارتي مركونة و توجهت نحو وسط المدينة، فجأة التقيت صديق طفولتي إدريس الملقب ب "التاجر" أمام مطعم الشاعر ، تعانقنا بحرارة، فأنا لم أره منذ مدة، قلت له : لقد اشتقت لمدينتي و كأنني لم أزرها منذ مئة سنة. مررنا أمام "الكازينو" الذي يسمى بالنادي المغربي، و إذا بي أرى كل من عبد السلام عامر، محمد الرايسي و محمد الخمار الكنوني ، يشربون الشاي المنعنع، و عبد السلام عامر يدندن بين الفينة و الأخرى مقطعا من "راحلته" بينما يشرح الرايسي للكنوني أهمية مقامات الموسيقى العربية في إضافة الكثير من الإحساس و الواقعية إلى النص الشعري ، كما هو حال أغنية "راحلة" التي استهلها عبد السلام عامر بمقام حزين يسمى "الصبا"، مما يترك بصمة واضحة في أذن المستمع. فجأة يدخل الطبيب Don Luis مسرعا إلى الكازينو و هو يتأبط ملفا طبيا، يبدو وكأنه يبحث عن شخص ما، يرى السي عبد القادر الساحلي منزويا يشاهد التلفاز، فيتجه نحوه ، يسلم عليه باحترام شديد، يبدأن الحديث قليلا بالأسبانية،و يسلمه ذلك الملف ، بعد ذلك يتجه الطبيب نحو سيارته R25 و يغادر صوب عيادته المجاورة للنادي.
خرجت من الكازينو، صديقي إدريس ما زال ينتظرني و هو يدخن سيجارته المفضلة BEST. في طريقنا نحو السويقة ظهر حشد غفير أمام مسرح بريس كالدوس، التفت إليه متسائلا: ما الخطب؟، أجابني: لقد قدمت البارحة إلى المدينة فرقة أندلسية لرقص El Fandango، و سيبدأ عرضها بعد لحظات. فسألته مستغربا: ألم يشتر أحد الأشخاص هذا المسرح التاريخي منذ سنوات، و دكه عن آخره من أجل بناء مقهى و محال تجارية رغم احتجاج البعض على ذلك ؟ فرد علي بالنفي قائلا: لا، لقد قامت البلدية بشرائه من مالكه الأصلي ، و ذلك بغرض الحفاظ على هذا المعلمة كتراث تاريخي للمدينة، كما قامت أيضا بإعادة افتتاح كل من سينما أسطوريا، سينما المنصور، وسينما الطبيعة "العريانة" المجاورة لقيسارية السدراوي. قلت لصديقي إدريس بتعجب: شي حمار مات.. !! على العموم سوف لن أنسى ما حييت هذا المجهود الرائع لبلديتنا ، مهلا... أريد أن أشتري تذكرتين من أجل حضور هذا العرض، أكيد أنه سيكون ممتعا. توجهت نحو شباك التذاكر، لكن الازدحام كان كبيرا، شخص يدفعك يمينا ، و الآخر يدفعك يسارا، صراخ هنا و هناك، فجأة تسلل من بين تلك الأصوات صوت عجوز تقعد بجانبي في مقطورة القطار و هي تربت على كتفي وتقول لي: نوض أ ولدي .. بارك من نعاس .. راه التران وصل لأصيلة...
*ملابو، غينيا الاستوائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.