موظفو المجلس الإقليمي بأزيلال يحتجون على "شطط" المدير العام للمصالح ويدعون إلى حوار عاجل    انتعاش نسبي في قطاعات الصناعة والبناء بالمغرب مع توقعات متباينة للفصل الثالث من 2025    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    طقس الخميس: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    مراكش.. احتجاجات بسبب "انهيار" شروط التمدرس بمؤسسة تعليمية بسعادة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحمل المسؤولية للمديرية الإقليمية    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    الجديدة.. مطلب ملح لفتح شارع L وفك الخناق عن محاور حيوية بالمدينة    توديع "عزي أحمد" بمقبرة المجاهدين بأجدير وسط تعبير كبير للمغاربة عن الحزن والأسى    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    ترقب بناء وتجهيز داخلية لفائدة المتدربين بالمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بتارجيست    لشبونة.. مصرع 15 شخصا وإصابة 20 آخرين إثر خروج عربة قطار سياحي عن مسارها    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا        الدرك الملكي بأزلا يوقف مشتبها في سرقته لمحتويات سيارة إسعاف    رحيل "عيزي أحمد" يٌفجّر تسونامي من التعليقات وموجة حزن على المنصات الرقمية وعائلته تواريه الثرى بمقبرة المجاهدين بأجدير    القضاء يدين ابتسام لشكر بالسجن 30 شهرا بتهمة "الإساءة للدين"    "الأسود" يواصلون التحضير للقاء النيجر    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    بنسليمان.. انطلاق عملية انتقاء وإدماج مجندي التجريدة ال40 للخدمة العسكرية    باحثة فرنسية تهاجم "لوموند" وتنتقد "أكاذيبها" حول الملك محمد السادس في رسالة لماكرون    "البام" يدعو إلى زيادة مقاعد النواب إلى 450 ولائحة وطنية للكفاءات    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر            تحويلات الجالية المغربية تسجل رقما قياسيا ب119 مليار درهم سنة 2024    نتنياهو يصف رئيس وزراء بلجيكا "بالضعيف" عقب قرار الاعتراف بفلسطين    فيفا: سوق الانتقالات الصيفية يحطم رقماً قياسياً بأكثر من 9 مليارات دولار    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 6 في المائة في مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    المهراوي يبدأ تجربة جديدة في روسيا    فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد ومسؤولين سابقين لاتهامهم باستهداف صحفيين عام 2012    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان        ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا        تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا        تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخاريف مشروعة
نشر في القصر الكبير 24 يوم 26 - 11 - 2012

في نهاية الأسبوع الماضي توجهت من الرباط صوب مسقط رأسي القصر الكبير قصد زيارة العائلة. و ما إن وصلت إلى منطقة الخضاضرة، حتى إذا بي أشاهد شابا أنيق الهندام يلوح لي بكلتا يديه كأنه يطلب المساعدة. أوقفت سيارتي لهنيهة و سألته: ما الأمر؟ فأجاب بتلعثم: عفوا سيدي، لقد تعطلت سيارتي وأحتاج لتوصيلة إلى المدينة قصد البحث عن ورشة لإصلاحها.
لم أتردد في مساعدته، فشكله يوحي أنه طيب. أشرت إليه بالركوب، فنط في حركة خفيفة داخل السيارة و كأنه مستعجل في أمره. خامرني شك في أنني أعرف هذا الشاب من قبل، فسألته: وجهك و شكلك ليس غريبين علي، أ أنت قصري؟ فأجاب : نعم . ظللت أختلس بعض النظرات إليه لعلني أتذكره، فجأة صحت: صح ،أنت خويلق أليس كذلك؟؟؟. فرد: نعم. سألته مرة أخرى: لكنك مت منذ سنوات، و أنا عهدي بك كشخص معتوه، كما أنك قد تغيرت كثيرا، فما الذي حدث؟ فصمت قليلا وأجاب بابتسامة عريضة تعلو محياه: أنا بالفعل خويلق يا سيدي، لكنني لم أمت و ما زلت حيا أرزق لقد كانت إشاعة ليس إلا، و كل ما في الأمر أنني كنت غائبا عن القصرالكبير لمدة طويلة بسبب تكفل أحد محسني المدينة بنفقات علاجي في أحد مستشفيات الأمراض النفسية بغرناطة، و قد رجعت قبل مدة قصيرة إلى مدينتي بعدما أصبحت معافا تماما .
بعد حوالي عشر دقائق وصلنا إلى المدخل الجنوبي للمدينة، طلب مني خويلق أن أتركه قرب مدرسة المرحوم عبد القادر السدراوي بعد أن شكرني بحرارة على مساعدتي له. أكملت طريقي في اتجاه المستشفى الرئيسي، و قد أثارني شكل المدينة الذي تغير بالمرة، أشجار مغروسة بجانب الطريق في شكل هندسي جميل، منازل نظيفة ، الناس يمشون فوق الرصيف ، و لا أثر للأزبال ولا وجود للكراريس أو الحمير أو البغال..عجيب... !!. قبل الوصول إلى مدخل المستشفى الرئيسة انعرجت يسارا أمام محطة شال نحو وسط المدينة ، و إذ بي أرمق حديقة "السلام" El Jardin على يساري و قد تغير شكلها تماما. أركنت سيارتي بسرعة قرب حانة "الحياة"، تقدمت بخطى مسرعة ، فإذ بي أشاهد حديقة جميلة يكسوها ورد من مختلف الألوان و الأشكال، تحيط بها أشجار باسقة من الصنوبر و النخيل ، ويتوسطها حوض مزخرف بفسيفساء أندلسية تسبح داخله أسماك صغيرة الشكل، حمراء اللون في هدوء سرمدي، و في الجانب الآخر من الحديقة يجلس أحد الشبان فوق مقعد خشبي يطالع في نهم كتيبا صغيرا. لم أفهم شيئا، كيف تتحول هذه الحديقة التي كانت مشوهة الشكل قبل سنوات و مرتعا للحشاشين و السكارى إلى سابق عهدها الجميل ؟ أهذا معقووول؟
تركت سيارتي مركونة و توجهت نحو وسط المدينة، فجأة التقيت صديق طفولتي إدريس الملقب ب "التاجر" أمام مطعم الشاعر ، تعانقنا بحرارة، فأنا لم أره منذ مدة، قلت له : لقد اشتقت لمدينتي و كأنني لم أزرها منذ مئة سنة. مررنا أمام "الكازينو" الذي يسمى بالنادي المغربي، و إذا بي أرى كل من عبد السلام عامر، محمد الرايسي و محمد الخمار الكنوني ، يشربون الشاي المنعنع، و عبد السلام عامر يدندن بين الفينة و الأخرى مقطعا من "راحلته" بينما يشرح الرايسي للكنوني أهمية مقامات الموسيقى العربية في إضافة الكثير من الإحساس و الواقعية إلى النص الشعري ، كما هو حال أغنية "راحلة" التي استهلها عبد السلام عامر بمقام حزين يسمى "الصبا"، مما يترك بصمة واضحة في أذن المستمع. فجأة يدخل الطبيب Don Luis مسرعا إلى الكازينو و هو يتأبط ملفا طبيا، يبدو وكأنه يبحث عن شخص ما، يرى السي عبد القادر الساحلي منزويا يشاهد التلفاز، فيتجه نحوه ، يسلم عليه باحترام شديد، يبدأن الحديث قليلا بالأسبانية،و يسلمه ذلك الملف ، بعد ذلك يتجه الطبيب نحو سيارته R25 و يغادر صوب عيادته المجاورة للنادي.
خرجت من الكازينو، صديقي إدريس ما زال ينتظرني و هو يدخن سيجارته المفضلة BEST. في طريقنا نحو السويقة ظهر حشد غفير أمام مسرح بريس كالدوس، التفت إليه متسائلا: ما الخطب؟، أجابني: لقد قدمت البارحة إلى المدينة فرقة أندلسية لرقص El Fandango، و سيبدأ عرضها بعد لحظات. فسألته مستغربا: ألم يشتر أحد الأشخاص هذا المسرح التاريخي منذ سنوات، و دكه عن آخره من أجل بناء مقهى و محال تجارية رغم احتجاج البعض على ذلك ؟ فرد علي بالنفي قائلا: لا، لقد قامت البلدية بشرائه من مالكه الأصلي ، و ذلك بغرض الحفاظ على هذا المعلمة كتراث تاريخي للمدينة، كما قامت أيضا بإعادة افتتاح كل من سينما أسطوريا، سينما المنصور، وسينما الطبيعة "العريانة" المجاورة لقيسارية السدراوي. قلت لصديقي إدريس بتعجب: شي حمار مات.. !! على العموم سوف لن أنسى ما حييت هذا المجهود الرائع لبلديتنا ، مهلا... أريد أن أشتري تذكرتين من أجل حضور هذا العرض، أكيد أنه سيكون ممتعا. توجهت نحو شباك التذاكر، لكن الازدحام كان كبيرا، شخص يدفعك يمينا ، و الآخر يدفعك يسارا، صراخ هنا و هناك، فجأة تسلل من بين تلك الأصوات صوت عجوز تقعد بجانبي في مقطورة القطار و هي تربت على كتفي وتقول لي: نوض أ ولدي .. بارك من نعاس .. راه التران وصل لأصيلة...
*ملابو، غينيا الاستوائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.