كثيرًا ما نرى أن المصائب تتعاظم على الإنسان، فبدلاً من أن يأتي فرج ما فإذا ببلية جديدة تطلّ وتحُلّ، هذا ما وقع بالضبط لمزارعين فاس/مكناس عندما عرفت المنطقة مساء يوم السبت المنصرم عاصفة صقيع أو برَد أو ما يطلق عليه بعاميتنا تبروري بحجم 5 ميليمترات. فحسب بلاغ وزارة الفلاحة و الصيد البحري بلغت المساحات المزروعة المتضررة ما يقارب 9100 هكتار متفرقة على 27 جماعة قروية بكل من فاس، مكناس، الحاجب، إفران، صفرو، تازة و بولمان. همت الخسائر بالخصوص الأشجار الوردية المثمرة كالتفاح والخوخ و الكرز و البرقوق و اللوز بالإضافة إلى مساحات أخرى من الزيتون و الخضروات الموسمية. أما حجم الخسائر فيتفاوت ما بين 20% و 80% حسب نوع المحصول، و المنطقة و توفر المزارع على طرق وقائية اللتي ساعدته على تخفيف الأضرار. و من وجهة النظر التقنية يعتمد شكل الضرر في المحصول على مدى نضج الثمار وحجم البرد وصلابته. يمكن أن يسبب التأثير الشديد في بداية موسم القطف انخفاضًا شديدا للإنتاج وتشوها كليا للفاكهة حيث تسقط فوق الأرض و تصبح غير قابلة للتسويق لا خارجيا لا محليا. و حسب بعض المهندسين الزراعيين الميدانيين بمنطقة فاسمكناس فالعاصفة الأخيرة تعتبر قوية و لن تؤدي إلى ضياع منتوج هذه السنة فقط بل تسببت أيضا في أضرار هيكلية على مستوى جدوع الأشجار التي ستحتاج إلى سنة على الأقل لاسترجاع امكانيتها الإنتاجية و بالتالي حتى حجم إنتاج السنة المقبلة أصبح مهدد بالإنخفاض. من خلال كل هذا يمكن أن نتصور حجم المعانات التي يواجهها الآن مزارعين و عمال و تقنيين و مهندسين جهة فاسمكناس. فبالإضافة إلى جائحة كورونا التي تسببت أصلا في مشاكل كثيرة كصعوبة التنقل و التسويق و فقدان بعض مناصب الشغل تزداد الآن مشاكل أكبر على مستوى الإنتاج فأصبح المزارع أمام وضع جد حرج لعدم قدرته على تغطية تكلفة الإنتاج و دفعه لمستحقات موردين المواد الزراعية و كذلك عدم قدرته على توفير عمل لكثير من العمال مع العلم أن القطاع الزراعي في جهة فاسمكناس يشغل تقريبا 516000 أجير أي ما يقارب 43.5 % من الطبقة العاملة. النقطة الايجابية هي أن حسب بعض المصادر، تدخل معظم الزراعات المتضررة بتبروري يوم السبت في برنامج التأمين المتعدد المخاطر المناخية للمحاصيل الزراعية الذي وضعته الوزارة المعنية لدعم الفلاحين و تسهر على تنفيذه التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (MAMDA) . فأعلنت الوزارة أن على الفلاحين المنخرطين بهذا التأمين القيام بتصريحات فردية عن الضرر و ايداعها لدى المديريات الإقليمية للفلاحة في آجال لا تتجاوز 5 أيام. كما عملت الوزارة على تشكيل لجنة مختصة متعددة الأطراف ستقوم بالنظر في حجم الخسائر مع تقديم تدابير ملائمة لمساعدة الفلاحين. من جهتهم طلب بعض البرلمانيين عن المنطقة من مجلس النواب تسريع عملية صرف الدعم و تعويض الفلاحين خصوصا الصغار منهم و المتوسطين و طالبوا بتفعيل مقتضيات القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، كما طالبوا أيضا من الوزارة رفع نسبة الدعم للفلاحين الصغار فيما يخص اقتناء تجهيزات الوقاية والحماية من ظاهرة العواصف الرعدية. من هنا نسترجع الإشكالية المطروحة دائما في القطاع الفلاحي ببلادنا، ما معنى الفلاح الصغير و ما الفرق بينه و بين المتوسط و الكبير، هل استطاعت الحكومة عن طريق برنامج السجل الفلاحي سنة 2016 بإحصاء دقيق و مهيكل لجميع الفلاحين أو بمعنى آخر من يستحق الاستفادة من الدعم و من يستحق دفع الضريبة على المداخيل؟ هذا موضوع أخر !!! نتمنى جميعا أن يتبلور كلام الوزارة و المسيرين للقطاع على أرض الواقع و يتخطى المزارعون هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن عن طريق تسريع الإعانات و صرف مبالغ التأمين خصوصا في زمن الكورونا الذي تميز بإظهار المعدن الطيب للمواطن و الحكومة، فبعض المظاهر كالرشوة و باك صاحبي و تمييز الكبار على الصغار من أجل المصالح الشخصية أصبحت لا مكان لها في هاته الظروف و من تعمد إليها يجب محاربته بأقصى الوسائل الممكنة.