رغم الاستيراد المكثف .. أسعار اللحوم تواصل الضغط على القدرة الشرائية للمغاربة    كيف تناول الإعلام الفرنسي تتويج أشرف حكيمي بالكرة الذهبية الإفريقية 2025؟    المنتخب المغربي يرتقي للمركز الحادي عشر عالميا    "السنبلة" يناقش مذكرة الحكم الذاتي    بوانو يتمسك باتهامه لوزير الصحة حول صفقة أدوية ويعرض أرقاما داعمة    المغرب يهيمن على جوائز الكاف 2025 بعد عام استثنائي للاعبيه ومنتخباته    حرمان وهبي من جائزة يغضب مغاربة    حزب التقدم والاشتراكية يستعد بتطوان لتنظيم لقاء سياسي تواصلي موسع بحضور بنعبد الله    مبابي و بونو يشيدون بإنجاز حكيمي بعد تتويجه بالكرة الذهبية الإفريقية    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء تسعى لتحقيق التمكين الاقتصادي للنزلاء السابقين    معمار النص... نص المعمار    سقط القناعُ عن القناعِ    امينة بوعياش : العدالة المجالية قضية مركزية في مسار حماية حقوق الإنسان    نتانياهو يتفقد القوات الإسرائيلية المتمركزة في جنوب سوريا ودمشق تندد بزيارة "غير شرعية"    الحسيمة.. تراجع في مفرغات الصيد الساحلي وسط انهيار حاد في أصناف الأسماك السطحية        ترخيص استثنائي لكل دواء مفقود .. الوكالة تشرح القواعد وتقرّ بالصعوبات    الإبادة مستمرة... 11 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء        برادة يواجه تصعيدا جديدا يقوده المتطرفون التربويون        صحيفة "أس" الإسبانية: المغرب يواصل صعوده "المذهل" في مونديال قطر لأقل من 17 سنة    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‬من ‬وهم ‬العلمانوية ‬العرقية ‬إلى ‬التبشير ‬المسيحي ‬في ‬المغرب ‬
نشر في لكم يوم 07 - 05 - 2019

العلمانوية ‬العِرقية .. ‬النسق ‬الكولونيالي ‬الخفي ‬
‬إن ‬المسكوت ‬عنه ‬في ‬الخطاب ‬الإيديولوجي ‬العرقي، ‬و ‬هو ‬يروج ‬لوهم ‬عرقي ‬يسميه ‬العلمانية، ‬هو ‬النسق ‬التاريخي ‬و ‬السوسيولوجي ‬الكولونيالي ‬الذي ‬يحضر ‬بين ‬ثنايا ‬الإيديولوجية ‬العرقية، ‬و ‬يفضح ‬بالتالي ‬كل ‬الشعارات ‬الجوفاء ‬التي ‬يروجها ‬الفاعل ‬العرقي، ‬إما ‬عن ‬وعي ‬تآمري ‬أو ‬عن ‬جهل ‬معرفي. ‬لهذا، ‬نجد ‬الخطاب ‬الإيديولوجي ‬العرقي، ‬في ‬مجمله، ‬يستقي ‬منهجه ‬و ‬مادته ‬المعرفية ‬من ‬المتن ‬التاريخي ‬و ‬السوسيولوجي ‬الكولونيالي، ‬في ‬بعده ‬الفرنسي، ‬باعتباره ‬أول ‬من ‬أسس ‬للتصور ‬العرقي ‬في ‬المغرب ‬قصد ‬توظيفه ‬في ‬تقسيم ‬المغرب، ‬جغرافيا ‬و ‬ثقافيا ‬و ‬لغويا، ‬و ‬ذلك ‬بهدف ‬تيسير ‬مهمة ‬السيطرة ‬العسكرية ‬المباشرة ‬خلال ‬المرحلة ‬الاستعمارية، ‬و ‬تيسير ‬مهمة ‬الهيمنة ‬الثقافية ‬و ‬اللغوية ‬المفضية ‬إلى ‬الاستغلال ‬الاقتصادي ‬و ‬السياسي ‬بعد ‬المرحلة ‬الاستعمارية . ‬
‬لقد ‬حضر ‬المغرب، ‬في ‬المتن ‬التاريخي ‬و ‬السوسيولوجي ‬الكولونيالي، ‬باعتباره ‬مستوطنة ‬رومانية ‬سابقة، ‬تمكن ‬العرب ‬المسلمون ‬من ‬احتلالها ‬بعد ‬طرد ‬المستوطنين ‬الرومان. ‬لذلك، ‬فإن ‬مهمة ‬الاستعمار ‬الفرنسي ‬هي ‬وصل ‬ما ‬انفصل، ‬و ‬استعادة ‬الارتباط ‬بين ‬المستوطنة ‬الشمال-‬إفريقية ‬و ‬انتمائها ‬الروماني، ‬و ‬لا ‬يمكن ‬تحقيق ‬هذا ‬المشروع ‬إلا ‬من ‬خلال ‬التوجه ‬مباشرة ‬إلى ‬استئصال ‬كل ‬ما ‬يمت ‬إلى ‬الإسلام ‬و ‬العروبة ‬بصلة: ‬
على ‬مستوى ‬الإسلام، ‬تم ‬الترويج ‬للانتماء ‬الديني ‬المسيحي ‬لشمال ‬إفريقيا، ‬فساكنة ‬هذا ‬الامتداد ‬الجغرافي، ‬حسب ‬التصور ‬الكولونيالي، ‬كانت ‬تدين ‬بدين ‬المسيح ‬الذي ‬فرضته ‬السلطة ‬المركزية ‬في ‬روما ‬باعتباره ‬الدين ‬الرسمي ‬للإمبراطورية ‬و ‬مستوطناتها. ‬و ‬لذلك، ‬فقد ‬حضر ‬الاسلام ‬باعتباره ‬دينا ‬دخيلا ‬و ‬غازيا ‬يجب ‬استئصاله ‬من ‬الجذور. ‬
على ‬مستوى ‬العروبة، ‬تم ‬الاستناد ‬إلى ‬المتن ‬الخلدوني ‬من ‬خلال ‬ترجمة ‬إيديولوجية ‬لمفاهيمه، ‬و ‬ذلك ‬بهدف ‬تحقيق ‬الخلط ‬بين ‬مفهومين ‬مختلفين ‬في ‬بعدهما ‬الاصطلاحي ‬و ‬في ‬مجالهما ‬التداولي. ‬الأول ‬هو ‬‮«‬ ‬العروبة‮»‬ ‬كإحالة ‬على ‬حضارة ‬إنسانية ‬متعددة ‬المشارب ‬الثقافية ‬تتجاوز ‬البعد ‬العرقي ‬إلى ‬البعد ‬الثقافي ‬و ‬الديني. ‬و ‬المفهوم ‬الثاني ‬هو ‬‮«‬ ‬الأعراب‮»‬ ‬كإحالة ‬على ‬نمط ‬اجتماعي ‬يقوم ‬على ‬الترحال ‬و ‬هو ‬لا ‬يخص ‬العرب ‬بل ‬يتجاوزهم ‬إلى ‬باقي ‬الشعوب ‬الصحراوية ‬عبر ‬العالم . ‬و ‬من ‬خلال ‬هذا ‬الخلط ‬بين ‬‮«‬ ‬العرب‮»‬ ‬و ‬‮«‬ ‬الأعراب‮»‬ ‬في ‬الترجمة ‬الإيديولوجية ‬للمتن ‬الخلدوني ‬تمكن ‬المتن ‬الكولونالي ‬من ‬ربط ‬العروبة ‬كحضارة، ‬بخصائص ‬اجتماعية ‬و ‬سياسية ‬تقوم ‬على ‬أساس ‬النهب ‬و ‬الاستغلال ‬و ‬القتل. ‬و ‬من ‬خلال ‬ذلك ‬تمكن ‬المتن ‬الإيديولوجي ‬الكولونيالي ‬من ‬رسم ‬صورة ‬استعمارية ‬غازية ‬للعرب ‬الفاتحين ‬المؤسسين، ‬في ‬شراكة ‬مع ‬إخوانهم ‬الأمازيغ، ‬لأول ‬دولة ‬مغربية ‬مستقلة ‬في ‬تاريخ ‬شمال ‬إفريقيا، ‬و ‬ذلك ‬في ‬أفق ‬صياغة ‬أسطورة ‬الشعب ‬البربري ‬الأصلي ‬المستعمر. ‬
‬هكذا، ‬لا ‬يمكننا ‬استيعاب ‬الكثير ‬من ‬الأوهام ‬العرقية ‬إلا ‬من ‬خلال ‬ربطها ‬بالأصل ‬الكولونيالي ‬الذي ‬صنعها ‬في ‬مختبراته ‬و ‬وظفها ‬في ‬حربه ‬العسكرية ‬و ‬الثقافية. ‬فالفاعل ‬العرقي ‬لا ‬يضيف ‬جديدا ‬حينما ‬يروج ‬للتنصير ‬في ‬المغرب ‬بادعاء ‬التعددية ‬الدينية ‬و ‬حرية ‬المعتقد ‬الديني، ‬و ‬لا ‬يضيف ‬جديدا ‬كذلك ‬حينما ‬يتحدث ‬عن ‬الاستعمار ‬العربي ‬للمغرب، ‬و ‬ذلك ‬لأنه ‬ينهل ‬بشكل ‬أعمى ‬من ‬المتن ‬الإيديولوجي ‬الكولونيالي ‬الذي ‬صنع ‬هذه ‬الأوهام ‬و ‬روجها. ‬
-‬من ‬العلمانوية ‬العِرقية ‬إلى ‬مشروع ‬التنصير ‬العِرقي ‬
‬بعد ‬أن ‬عجز ‬الفاعل ‬العرقي ‬في ‬فرض ‬تصوره ‬العرقي ‬للعلمانية، ‬باعتباره ‬تصورا ‬كاريكاتوريا ‬لا ‬يمت ‬إلى ‬التصور ‬الفكري ‬و ‬السياسي ‬الحديث ‬بصلة، ‬نجده ‬يغير ‬الخطة ‬مع ‬المحافظة ‬على ‬نفس ‬البعد ‬الاستراتيجي. ‬تغيير ‬الخطة ‬من ‬الترويج ‬للعلمانوية ‬العرقية ‬إلى ‬الترويج ‬للتنصير ‬العرقي، ‬مع ‬المحافظة ‬على ‬نفس ‬البعد ‬الاستراتيجي ‬المتمثل ‬في ‬استهداف ‬الانتماء ‬الحضاري ‬العربي ‬الإسلامي ‬للمغرب. ‬
‬و ‬لعل ‬ما ‬يثير ‬الانتباه، ‬بحدة، ‬هو ‬التوجه ‬الجديد ‬للفاعل ‬العرقي ‬أحمد ‬عصيد ‬الذي ‬تحول ‬إلى ‬مبعوث ‬رسمي ‬لدولة ‬الفاتيكان ‬في ‬المغرب. ‬فهو، ‬كعادته، ‬يوظف ‬المرجعية ‬الحقوقية ‬الحديثة ‬من ‬أجل ‬استهداف ‬الأمن ‬الروحي ‬و ‬الثقافي ‬للمغاربة، ‬كما ‬وظف ‬من ‬قبل ‬المرجعية ‬الفكرية ‬الحديثة ‬من ‬أجل ‬الدعاية ‬للمشروع ‬الاستعماري ‬في ‬المغرب ‬بدعوى ‬الانفتاح ‬و ‬العلمانية . ‬
‬هذا ‬التوجه ‬التنصيري ‬الجديد ‬لشيخ ‬الأصولية ‬العرقية ‬في ‬المغرب، ‬ليس ‬صورة ‬متخيلة ‬أو ‬موضوع ‬مزايدات ‬رخيصة، ‬و ‬لكن ‬تكشف ‬عنه ‬عدة ‬مقالات ‬و ‬تصريحات، ‬أعلن ‬من ‬خلالها ‬عصيد ‬عن ‬وجهه ‬التنصيري ‬الواضح: ‬
المغرب ‬و ‬التبشير ‬المسيحي ‬http://‬www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=208045
التبشير ‬المسيحي ‬و ‬التبشير ‬الإسلامي ‬http://‬www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=170998
الأب ‬نويل ‬في ‬بلاد ‬المسلمين ‬http://‬www.hespress.com/orbites/26388.‬html
القول ‬إن ‬الإسلام ‬يوحد ‬المغاربة ‬غير ‬صحيح ‬http://‬www.hespress.com/orbites/290981.‬html
‬و ‬من ‬خلال ‬الاطلاع ‬على ‬ما ‬كتبه ‬عصيد ‬في ‬الموضوع، ‬نجد ‬الإعلان ‬صريحا ‬عن ‬الدخول ‬تحت ‬لواء ‬المشروع ‬التنصيري ‬الذي ‬يستهدف ‬الأمن ‬الروحي ‬للمغاربة, ‬فالأمر ‬هنا ‬لا ‬يتعلق ‬بحرية ‬رأي ‬و ‬تفكير ‬يمارسها ‬فاعل ‬ثقافي ‬موضوعي، ‬و ‬لكنه ‬أكبر ‬من ‬ذلك ‬بكثير، ‬فهو ‬يرتبط ‬بالتحالف ‬بين ‬المشروع ‬التنصيري ‬و ‬الإيديولوجية ‬العرقية، ‬و ‬ذلك ‬لمواجهة ‬خصم ‬مشترك ‬بينهما ‬هو ‬الإسلام ‬كمشترك ‬ديني ‬و ‬ثقافي ‬بين ‬المغاربة . ‬
‬و ‬هذا ‬التحالف ‬ليس ‬أمرا ‬طارئا ‬على ‬المغرب، ‬بل ‬هو ‬فقط ‬استعادة ‬للمشروع ‬الكولونيالي ‬الفرنسي ‬الذي ‬صنع ‬الإيديولوجية ‬العرقية ‬في ‬مختبراته، ‬و ‬وظفها ‬من ‬أجل ‬استهداف ‬الهوية ‬المغربية ‬في ‬أبعادها ‬الثقافية ‬و ‬اللغوية ‬و ‬الروحية. ‬و ‬ذلك ‬من ‬منطلق ‬أن ‬المغرب ‬جزء ‬لا ‬يتجزأ ‬من ‬شمال ‬إفريقيا ‬كمستوطنة ‬رومانية ‬قديمة ‬ورثتها ‬فرنسا، ‬و ‬لذلك ‬فمن ‬واجب ‬الحملة ‬الاستعمارية ‬أن ‬تعيد ‬الرموز ‬الدينية ‬و ‬الثقافية ‬و ‬اللغوية ‬إلى ‬المستوطنة ‬الرومانية ‬السابقة. ‬و ‬في ‬هذا ‬السياق ‬الإيديولوجي ‬الملغوم، ‬فقد ‬تم ‬الترويج ‬للأصل ‬الأوربي ‬للبربر ‬قصد ‬تسهيل ‬المهمة ‬الاستعمارية، ‬فالنظرية ‬القائلة ‬بأن ‬أصل ‬البربر ‬من ‬أوربا ‬–حسب ‬عبد ‬الله ‬العروي- ‬روجها ‬عسكريون ‬و ‬موظفون ‬فرنسيون ‬بإعانة ‬بعض ‬المترسلين. ‬و ‬يعلق ‬العروي: ‬هذه ‬نظرية ‬متفرعة، ‬في ‬الحقيقة، ‬عن ‬سياسة ‬إدماج ‬إفريقيا ‬الشمالية ‬في ‬المجموعة ‬الفرنسية. ‬
‬عبد ‬الله ‬العروي- ‬مجمل ‬تاريخ ‬المغرب ‬– ‬المركز ‬الثقافي ‬العربي ‬– ‬ط: ‬5 ‬– ‬1996 ‬–ص: ‬47 ‬
‬و ‬يوضح ‬الاستاذ ‬عبد ‬الله ‬العروي، ‬بالاعتماد ‬على ‬الكتابات ‬التاريخية ‬المعاصرة، ‬العلاقة ‬بين ‬السيطرة ‬العسكرية ‬الرومانية ‬على ‬المغرب، ‬و ‬بين ‬دخول ‬الدين ‬المسيحي، ‬حيث ‬يعتبر ‬أن ‬المشروع ‬التنصيري ‬في ‬المغرب ‬بدأ ‬أثناء ‬القرن ‬الثاني ‬داخل ‬جماعات ‬شرقية ‬في ‬المدن ‬الساحلية، ‬ثم ‬نقلها ‬الجنود ‬إلى ‬المدن ‬الداخلية ‬الصغيرة، ‬و ‬قوة ‬الامبراطورية ‬الرومانية ‬في ‬أوجها ‬و ‬استغلال ‬شمال ‬إفريقيا ‬على ‬أشده. ‬لكنه ‬يعقب، ‬موضحا ‬طبيعة ‬التنصير ‬الذي ‬مورس ‬في ‬المغرب: ‬اعتنق ‬المسيحية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬الرومان ‬قبل ‬البربر، ‬و ‬الأغنياء ‬قبل ‬الفقراء، ‬و ‬سكان ‬المدن ‬قبل ‬سكان ‬الأرياف. ‬
عبد ‬الله ‬العروي- ‬مجمل ‬تاريخ ‬المغرب ‬– ‬ص:‬66.. ‬82 . ‬
‬هكذا ‬يبدو ‬أن ‬المشروع ‬التنصيري، ‬الذي ‬يسعى ‬الفاعل ‬العرقي ‬إلى ‬استعادته ‬في ‬المغرب ‬المعاصر، ‬هو ‬جزء ‬لا ‬يتجزأ ‬من ‬المشروع ‬الكولونيالي ‬الذي ‬كان ‬يهدف ‬بدوره ‬إلى ‬استعادة ‬السياسة ‬الاستيطانية ‬الرومانية. ‬فقد ‬حاولت ‬الأطروحة ‬الاستعمارية ‬تحقيق ‬التماهي ‬بين ‬الاستعمار ‬الروماني ‬القديم ‬للمغرب، ‬و ‬بين ‬الاستعمار ‬الفرنسي ‬الحديث, ‬و ‬لذلك ‬لجأ ‬المؤرخ ‬الاستعماري ‬إلى ‬الترويج ‬لأطروحة ‬النموذج ‬الحضاري ‬الذي ‬أسسه ‬الرومان ‬في ‬المغرب، ‬و ‬ذلك ‬من ‬أجل ‬إضفاء ‬الشرعية ‬على ‬حركته ‬الاستعمارية ‬باعتبارها ‬جزءا ‬من ‬النموذج ‬الروماني ‬القديم. ‬
‬و ‬إذا ‬كان ‬النموذج ‬الاستيطاني ‬الروماني ‬القديم، ‬قد ‬ارتبط ‬ببعد ‬ديني، ‬حيث ‬تم ‬توظيف ‬حركة ‬التنصير ‬من ‬أجل ‬تحقيق ‬تبعية ‬شمال ‬إفريقيا ‬للامتداد ‬الروماني، ‬فإن ‬نفس ‬الأمر ‬تم ‬مع ‬الحركة ‬الاستعمارية ‬الفرنسية ‬الحديثة ‬في ‬المغرب، ‬فقد ‬اتخذت ‬طابعا ‬دينيا، ‬في ‬البداية، ‬من ‬خلال ‬محاربة ‬الدين ‬الإسلامي ‬من ‬جهة، ‬و ‬من ‬جهة ‬أخرى ‬عبر ‬فسح ‬المجال ‬أمام ‬الكنيسة ‬المسيحية ‬لقيادة ‬مشروعها ‬التنصيري. ‬و ‬رغم ‬المجهودات ‬الجبارة ‬المبذولة، ‬منذ ‬الاستيطان ‬الروماني، ‬و ‬مرورا ‬بالاستعمار ‬الفرنسي، ‬فإن ‬المغرب ‬ظل ‬عصيا ‬على ‬الاندماج ‬ضمن ‬المشروع ‬الاستعماري ‬الغربي. ‬و ‬يوضح ‬الأستاذ ‬العروي ‬ذلك، ‬باعتبار ‬أن ‬الكشوف ‬الاثرية ‬الأخيرة ‬جعلت ‬من ‬السهل ‬الدفاع ‬عن ‬شرقية ‬أصل ‬الحضارة ‬المغربية ‬القديمة . ‬
عبد ‬الله ‬العروي – ‬مجمل ‬تاريخ ‬المغرب ‬– ‬ص: ‬92
‬و ‬لعل ‬هذا ‬هو ‬ما ‬يفسر ‬نجاح ‬الشراكة ‬العربية-‬الأمازيغية ‬التي ‬أثمرت ‬دولة ‬مغربية ‬مركزية ‬مستقلة ‬عن ‬السلف ‬الاستيطاني ‬الروماني ‬القديم، ‬و ‬يفسر ‬في ‬نفس ‬الآن ‬فشل ‬الحركة ‬الاستعمارية ‬الغربية ‬الحديثة ‬في ‬إلحاق ‬المغرب ‬بالمتربول ‬الاستعماري. ‬و ‬هذا ‬مؤشر ‬مهم ‬للمستقبل ‬يوحي ‬بأن ‬المغاربة ‬اكتسبوا، ‬عبر ‬التاريخ، ‬قدرة ‬خارقة ‬على ‬الممانعة ‬في ‬مواجهة ‬المشروع ‬الاستعماري ‬الغربي، ‬سواء ‬اتخذ ‬طابعا ‬عسكريا، ‬أو ‬دينيا، ‬أو ‬ثقافيا. ‬
‬فليطمئن ‬شيوخ ‬السلفية ‬العرقية ‬في ‬المغرب‮ ‬! ‬الإسلام ‬شَكَّل ‬الانتماء ‬الروحي ‬و ‬الثقافي ‬للمغاربة، ‬على ‬امتداد ‬قرون، ‬و ‬دروس ‬التاريخ ‬تؤكد ‬لهم ‬و ‬لغيرهم ‬أن ‬المغرب ‬حصن ‬إسلامي ‬حصين ‬صعب ‬الاختراق. ‬و ‬ما ‬يجري ‬من ‬محاولات ‬تنصيرية ‬لا ‬يمكن ‬تفسيره ‬إلا ‬في ‬سياق ‬استغلال ‬البؤس ‬الاجتماعي ‬و ‬التردي ‬الاقتصادي ‬لبعض ‬الفئات ‬الاجتماعية. ‬و ‬هذا ‬ما ‬أكده ‬الدكتور ‬محمد ‬السروتي ‬الخبير ‬في ‬قضايا ‬التنصير، ‬فقد ‬اعتبر ‬أن ‬التنصير ‬في ‬المغرب ‬يجري ‬في ‬القرى ‬النائية، ‬وفي ‬المناطق ‬التي ‬تعرف ‬أعلى ‬مستويات ‬الهشاشة، ‬ويستهدف ‬بشكل ‬خاص ‬الأطفال ‬والأيتام، ‬والشباب ‬الواقعين ‬تحت ‬طائلة ‬الفقر ‬والحرمان، ‬ويتخذ ‬من ‬الإغراء ‬والتغرير ‬أداته ‬الفعالة ‬لتوسيع ‬نفوذه.‬
http://‬www.hespress.com/interviews/73579.‬html
و ‬هذا ‬ما ‬ذهب ‬إليه ‬الأستاذ ‬عبد ‬الله ‬العروي، ‬في ‬حديثه ‬عن ‬التنصير ‬الذي ‬مورس ‬في ‬المغرب ‬خلال ‬العصور ‬القديمة، ‬حيث ‬يؤكد ‬على ‬أن ‬التنصير ‬كان ‬يستهدف ‬الجماهير ‬المحرومة ‬التي ‬كانت ‬تبحث ‬على ‬مبرر ‬لما ‬ينوبها ‬من ‬بؤس ‬و ‬حرمان.‬
عبد ‬الله ‬العروي- ‬مجمل ‬تاريخ ‬المغرب ‬– ‬ص: ‬82


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.