أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر    البطولة: رجاء بني ملال وأولمبيك الدشيرة يخوضان مباراتي السد أمام حسنية أكادير والسوالم    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من المغرب    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    إسرائيل تعلن بدء عملية برية موسعة في قطاع غزة    احباط محاولة تهريب ثلاثة أطنان من مخدر الشيرا بمعبر الكركارات    المغرب يعيد فتح سفارته في سوريا.. نظام أحمد الشرع يستعد للاعتراف بمغربية الصحراء    إشادة دولية واسعة بنجاح النسخة 87 من مؤتمر الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية بالرباط    مزراوي: توقفت عن المشروبات الغازية فلعبت 55 مباراة في موسم واحد    الوداد يرفض التعاقد مع ميندي وبيدرو في "الميركاتو" الصيفي    البواري: "موسم طانطان"، حدث ثقافي بارز يجسد عراقة التراث والقيم الأصيلة لساكنة الأقاليم الجنوبية عبر التاريخ    "كان" الشباب.. المغرب يواجه جنوب أفريقيا بعين على اللقب الثاني    مع انطلاق مهامه رسميا ...بابا الفاتيكان الجديد يبدأ بانتقاد تجاوزات النظام الرأسمالي    أثمنة تفضيلية بين الأمن ورونو المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتخب مكتبها التنفيذي    في عرض افتتاحي حالم إحياء جمال الروح في لحظة واحدة    حموشي يوقع اتفاقية مع "رونو المغرب" لتوفير عروض تفضيلية لموظفي الأمن    الحسيمة تحتضن مؤتمرًا دوليًا حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    بركة: الحكومة لم تحقق وعد "مليون منصب شغل" في الآجال المحددة    كلمة عبد الجبار الرشيدي رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال خلال انعقاد دورته العادية الثانية    معين الشعباني:نهضة بركان قادر على خلط أوراق "سيمبا" في مباراة الإياب    انتخاب المغرب على رأس شبكة هيئات الوقاية من الفساد    مسؤول أمني: المديرية العامة للأمن الوطني تشجع على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة    رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية    "الزنزانة 10" تحذر من تجاهل المطالب    الجديدة : انطلاق تصوير الفيلم الجديد ''ياقوت بين الحياة والموت'' للمخرج المصطفى بنوقاص    الهابيتوس عند بيار بورديو بين اعادة انتاج الاجتماعي ورأس المال الثقافي    في سابقة خطيرة..مطالب بطرد المهاجرين القانونيين من أوروبا    القنصلية المغربية تقرّب خدماتها من الجالية في وسط إسبانيا    سوريا.. تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين ل"جبر الضرر الواقع على الضحايا    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    بينهم آلاف المغاربة.. قاصرون مهاجرون في قلب تقرير حقوقي إسباني    تيك توك يطلق خاصية جديدة للتأمل والاسترخاء تستهدف المراهقين    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    أوكرانيا تعلن إسقاط 88 مسيّرة    مأساة في نيويورك بعد اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين تُسفر عن قتلى وجرحى    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    من الريف إلى الصحراء .. بوصوف يواكب "تمغربيت" بالثقافة والتاريخ    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    كرة القدم النسوية.. الجيش الملكي يتوج بكأس العرش لموسم 2023-2024 بعد فوزه على الوداد    لا دعوة ولا اعتراف .. الاتحاد الأوروبي يصفع البوليساريو    أكثر من 100 مهاجر يتسللون إلى سبتة خلال أسبوعين    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    نهضة بركان يهزم سيمبا بثنائية في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسقط تسقط الحكومة الملتحية
نشر في لكم يوم 27 - 04 - 2012

كان هذا هو رجع الصدى المدوي لأصوات الحِيَّاحَةِ في الحقل الإعلامي المخزني والجهات التي تحركها لقص أجنحة الحكومة الملتحية ومن ثم إفشال تجربة "الربيع المغربي"، ولم تكن دفاتر تحملات وزير الاتصال سوى النقطة التي أفاضت كأس تنزيل رغباتها الدفينة وليس لتنزل روح ومبادئ الدستور بشكل ديمقراطي. ويبدو أن سكون الحراك الشعبي وتناقضات مكونات الائتلاف الحاكم جعلت هذه الجهات تخرج من حالة الكُمُون لشعورها بالاطمئنان تجاه مآل هندستها ل"الربيع المغربي" في أفق استعادة زمام المبادرة والعودة ب"العداد إلى الوراء".
هكذا يبدو فَهِم رئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران الرسالة، وهو الذي ما فتئ يعلن في كل مناسبة أن "جهات عديدة لا تريد لهذه التجربة أن تنجح"، فبعث أيضاً بالجواب سريعاً إلى جهات مختلفة دون أن يحدد عنوانها "إن الملوك لا يكونون محاطين بالأشخاص الذين يلزمون، بل في كثير من الأحيان يكونون محاطين بخصوم"، بل إن الربيع المغربي "باقي ما سالاش، وباقي كايدور ويمكن عاود ترشقليه ويرجع، وأنا أقول إن علينا فعل ما يلزم حتى نطمئن في المستقبل ولا يخيفنا لا ربيع عربي ولا ربيع صيني، وهذا يتطلب رجالاً في المستوى".
نعم، إن كلام الرجل دقيق ولا يجادل فيه إلا الحياحة والراسخون في الاستبداد. فالربيع المغربي لم ينته بعد ومن يقول غير ذلك فهو واهم، لأن إرادة الشعوب لتطهير بلدانها من الفساد والمفسدين واقتلاع الاستبداد لا يمكن قهرها سواء بالحديد والنار أو بالاحتواء. فقد سمعنا ورأينا على الشاشات وقرأنا عن تجارب الدول التي عاث فيها المفسدون والمستبدون خراباً لعقود طويلة وكيف انهارت أنظمتها وكأنها أعجاز نخل خاوية.
لكن في الوقت نفسه لم يأت معالي الوزير بجديد، لأن كلامه عن جيوب المقاومة التي تناهض الإصلاح والجهات التي لا تريد لهذه التجربة أن تنجح سمعناه من مسؤولين سابقين امتلكوا قدراً كبيراً من الشجاعة في تشخيص أعطاب مسلسل الانتقال الديمقراطي وسيولته، ومن أجل ذلك خرج الناس إلى الشارع للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد. إذن، لا يمكن أن يستمر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في أسلوب التقية، مُوجِّهاً كلامه إلى خصوم هلاميين "يحركون أشخاصاً لا صلاحية لهم للتدخل في السياسية"، ويطالب أنصاره بالتحفز، لأن "المواجهة كانت سهلة في المعارضة والخصوم كانوا باينين".
نفهم من هذا الكلام أن المسؤولية السياسية على رأس الحكومة خسفت بهؤلاء الخصوم الأرض وجعلتهم من الغابرين! والسؤال، هنا، هل المسؤولية السياسية تفرض على معالي الوزير واجب التحفظ على خصوم التجربة السياسية التي يعيشها المغرب؟ أليس من الواجب تحديد عناوين هذه الجهات؟ أليس من حق الرأي العام معرفة مواقعها وما إن كانت لا تزال تمسك بخيوط اللعبة وتؤثث الفضاء السياسي الذي يتحرك رئيس الحكومة في مسالكه؟.
لا شك أن الكثيرين يتذكرون جيداً الوعد الذي قطعه عبد الإله بنكيران على نفسه أمام المغاربة بعد تسعة أيام من تعيينه رئيساً للحكومة العتيدة خلال حوار تلفزيوني مع قناة الجزيرة (8/12/2011). فقد وعد بأن لا يكذب على المغاربة وأن يكشف لهم حقيقة الصعوبات التي قد يواجهها في معالجة الملفات والقضايا. واليوم نرى معالي الوزير يخاطب الرأي العام كما لو أنه زعيم للمعارضة وليس رجل دولة بيده أجهزة توفر له المعلومات الدقيقة عن "خصوم" تجربة الربيع المغربي، هؤلاء الذين يريدون اجثتاته (الربيع) قبل أن تفتح "أزهاره" ليغرسوا مكانها الأشواك والزقوم والحميضة.
لقد حان الوقت لكي نسمي الأشياء بمسمياتها ونضع الإصبع على الجرح النازف منذ الخروج على المنهجية الديمقراطية، إذ لم يعد أسلوب التقية مقبولاً، لأننا أضعنا وقتاً طويلاً في استهلاك هذا الخطاب المرتجف واللامسؤول الذي يعني الجميع ولا يعني في الوقت نفسه أحداً. والدليل على ذلك اتهامات بنكيران العائمة مرة أخرى، في صحفية الأهرام، والتي قد يعتبرها البعض حالة من التيهان السياسي "إن هناك بعض محاولات تأجيج الأوضاع من طرف جهات عديدة لا تريد لهذه التجربة أن تنجح". ولذلك يرى الحل في استثمار التوجه الديمقراطي لتكريس الممارسة الديمقراطية وتسريع وتيرة الإصلاح والعمل على استثمار الثقة الشعبية في الحكومة.
هذا الكلام لا يقنع إلا صاحبه الذي يبدو أنه يتحدث مع نفسه، لأننا شبعنا من هذا الخطاب الدوغمائي الذي يرمى الكرة في شباك الجميع. نريد أن نعرف يا معالي الوزير هوية هذه الجهات أياً كان موقعها ومهما حاولت الاختباء وراء اليافطات، وأياً كان لونها السياسي، لأننا إذا لم نشخص المرض المزمن الذي يعاني منه الجسد السياسي المغربي فلن نستطيع تحديد العلاج الناجع لاستعادة عافيته، وأحياناً يكون الداء كما تعلم محتاجاً إلى الكي. إذاً، أن يتحدث الوزير عن جهات لا تريد لهذه التجربة أن تنجح فهو يعرف بالضرورة هويتها، وليست كائناً هلامياً حتى نوزع الاتهامات يميناً وشمالاً، وربما نخلق أجواء من البلبلة والتجييش لمصالح حزبية ضيقة قد تهدم المعبد على رؤوس الجميع، لأن المنطق والسياسة والديمقراطية وحتى الإصلاح في إطار الاستقرار.. كل ذلك يقول في معادلة بسيطة "هذه الجهة تعرقل التجربة..وهذا موقعها.. إذن، يجب أن تحاسب".
إن تكريس الممارسة الديمقراطية واستثمار الثقة الشعبية في الحكومة لن يحصلا ما دام رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يفضل دفن رأسه في الرمال، مثلما صنعت الجهات نفسها في أوج الحراك الشعبي، ويعجز عن إشهار الحقيقة كاملة غير منقوصة. وسيأتي يوم عاجلاً أم آجلاً يُحاسب فيه معالي الوزير على اختبائه وراء هذه الجهات الهلامية التي لا تريد إنجاح تجربة الربيع المغربي، بل أخشى أن يستيقظ يوماً لما تزول عنه الغشاوة لا ليكتشف تآكل رصيده السياسي، ولكن ليجد أن دور حزب العدالة والتنمية كان "وظيفياً" فقط في هذه التجربة. وهنا يجب ألا يُفاجأ صاحبنا إذا تحولت هيئته إلى شيفونة في يد المخزن لعبور مرحلة الخطر، لأن الوقت يكون قد فات بعد "إحراق البديل" كما أحرقت بدائل أخرى وصارت هباء منثوراً، تكالب رموزها على المغانم والريع وغرقوا في الفضائح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.