ودائع الأسر المغربية لدى البنوك تتجاوز 959 مليار درهم بنهاية أكتوبر 2025    من المخدرات إلى الجرائم الرقمية .. الأمن المغربي يكشف حصيلة سنة 2025    أخرباش : استدامة نجاعة التصدي للتضليل الإعلامي تتطلب تحركا عموميا منسقا    كأس العرب (قطر 2025)..المنتخب المغربي على مرمى حجر من معانقة لقبه الثاني عند مواجهة نظيره الأردني    مونديال 2026.. "فيفا" سيوزع 727 مليون دولار على المنتخبات المشاركة    سلامي: الأردن بحاجة للفوز بلقب كأس العرب أكثر من المغرب    الوكالة المغربية للأدوية تخطط لتعزيز الرقابة الاستباقية والتدقيق الداخلي لضمان استقرار السوق    مقاييس التساقطات الثلجية المسجلة بالمملكة    بتعاون أمني مغربي.. إسبانيا تُفكك شبكة لتهريب الحشيش وتوقيف 5 أشخاص بألميريا    أمطار رعدية وثلوج وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المغرب    ترامب يعلن رسمياً تصنيف نوع من المخدرات "سلاح دمار شامل"    ارتفاع المخزون المائي بالعديد من السدود مع استمرار ضعف ملء سد الخطابي بالحسيمة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    الصين تسجل رقماً قياسياً في رحلات السكك الحديدية خلال 11 شهراً من 2025    انتخاب الاستاذ بدر الدين الإدريسي نائبا لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية    السكتيوي: التتويج باللقب يبقى الأهم    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    حريق يسلب حياة الفنانة نيفين مندور    البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو لدعم مشاريع المناخ    هولندا.. توقيف شخص للاشتباه في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي    الملك محمد السادس يبارك عيد بوتان    مطالب بتدخل أخنوش لإنقاذ حياة معطلين مضربين عن الطعام منذ شهر ونصف        تدخل ينقذ محاصرين بثلوج بني ملال    تشابي ألونسو يحذر من مفاجآت الكأس أمام تالافيرا    الحكم السويدي غلين المثير للجدل يدير نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    مديرية التجهيز تتدخل لفتح عدد من المحاور الطرقية التي أغلقتها التساقطات الثلجية    "ترامواي الرباط سلا" يصلح الأعطاب    هجومان للمتمردين يقتلان 4 أمنيين كولومبيين    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي    القضاء التجاري بالدار البيضاء يأمر بإرجاع المفصولين إلى العمل بفندق أفانتي وأداء أجورهم    الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    تماثل للشفاء    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسقط تسقط الحكومة الملتحية
نشر في لكم يوم 27 - 04 - 2012

كان هذا هو رجع الصدى المدوي لأصوات الحِيَّاحَةِ في الحقل الإعلامي المخزني والجهات التي تحركها لقص أجنحة الحكومة الملتحية ومن ثم إفشال تجربة "الربيع المغربي"، ولم تكن دفاتر تحملات وزير الاتصال سوى النقطة التي أفاضت كأس تنزيل رغباتها الدفينة وليس لتنزل روح ومبادئ الدستور بشكل ديمقراطي. ويبدو أن سكون الحراك الشعبي وتناقضات مكونات الائتلاف الحاكم جعلت هذه الجهات تخرج من حالة الكُمُون لشعورها بالاطمئنان تجاه مآل هندستها ل"الربيع المغربي" في أفق استعادة زمام المبادرة والعودة ب"العداد إلى الوراء".
هكذا يبدو فَهِم رئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران الرسالة، وهو الذي ما فتئ يعلن في كل مناسبة أن "جهات عديدة لا تريد لهذه التجربة أن تنجح"، فبعث أيضاً بالجواب سريعاً إلى جهات مختلفة دون أن يحدد عنوانها "إن الملوك لا يكونون محاطين بالأشخاص الذين يلزمون، بل في كثير من الأحيان يكونون محاطين بخصوم"، بل إن الربيع المغربي "باقي ما سالاش، وباقي كايدور ويمكن عاود ترشقليه ويرجع، وأنا أقول إن علينا فعل ما يلزم حتى نطمئن في المستقبل ولا يخيفنا لا ربيع عربي ولا ربيع صيني، وهذا يتطلب رجالاً في المستوى".
نعم، إن كلام الرجل دقيق ولا يجادل فيه إلا الحياحة والراسخون في الاستبداد. فالربيع المغربي لم ينته بعد ومن يقول غير ذلك فهو واهم، لأن إرادة الشعوب لتطهير بلدانها من الفساد والمفسدين واقتلاع الاستبداد لا يمكن قهرها سواء بالحديد والنار أو بالاحتواء. فقد سمعنا ورأينا على الشاشات وقرأنا عن تجارب الدول التي عاث فيها المفسدون والمستبدون خراباً لعقود طويلة وكيف انهارت أنظمتها وكأنها أعجاز نخل خاوية.
لكن في الوقت نفسه لم يأت معالي الوزير بجديد، لأن كلامه عن جيوب المقاومة التي تناهض الإصلاح والجهات التي لا تريد لهذه التجربة أن تنجح سمعناه من مسؤولين سابقين امتلكوا قدراً كبيراً من الشجاعة في تشخيص أعطاب مسلسل الانتقال الديمقراطي وسيولته، ومن أجل ذلك خرج الناس إلى الشارع للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد. إذن، لا يمكن أن يستمر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في أسلوب التقية، مُوجِّهاً كلامه إلى خصوم هلاميين "يحركون أشخاصاً لا صلاحية لهم للتدخل في السياسية"، ويطالب أنصاره بالتحفز، لأن "المواجهة كانت سهلة في المعارضة والخصوم كانوا باينين".
نفهم من هذا الكلام أن المسؤولية السياسية على رأس الحكومة خسفت بهؤلاء الخصوم الأرض وجعلتهم من الغابرين! والسؤال، هنا، هل المسؤولية السياسية تفرض على معالي الوزير واجب التحفظ على خصوم التجربة السياسية التي يعيشها المغرب؟ أليس من الواجب تحديد عناوين هذه الجهات؟ أليس من حق الرأي العام معرفة مواقعها وما إن كانت لا تزال تمسك بخيوط اللعبة وتؤثث الفضاء السياسي الذي يتحرك رئيس الحكومة في مسالكه؟.
لا شك أن الكثيرين يتذكرون جيداً الوعد الذي قطعه عبد الإله بنكيران على نفسه أمام المغاربة بعد تسعة أيام من تعيينه رئيساً للحكومة العتيدة خلال حوار تلفزيوني مع قناة الجزيرة (8/12/2011). فقد وعد بأن لا يكذب على المغاربة وأن يكشف لهم حقيقة الصعوبات التي قد يواجهها في معالجة الملفات والقضايا. واليوم نرى معالي الوزير يخاطب الرأي العام كما لو أنه زعيم للمعارضة وليس رجل دولة بيده أجهزة توفر له المعلومات الدقيقة عن "خصوم" تجربة الربيع المغربي، هؤلاء الذين يريدون اجثتاته (الربيع) قبل أن تفتح "أزهاره" ليغرسوا مكانها الأشواك والزقوم والحميضة.
لقد حان الوقت لكي نسمي الأشياء بمسمياتها ونضع الإصبع على الجرح النازف منذ الخروج على المنهجية الديمقراطية، إذ لم يعد أسلوب التقية مقبولاً، لأننا أضعنا وقتاً طويلاً في استهلاك هذا الخطاب المرتجف واللامسؤول الذي يعني الجميع ولا يعني في الوقت نفسه أحداً. والدليل على ذلك اتهامات بنكيران العائمة مرة أخرى، في صحفية الأهرام، والتي قد يعتبرها البعض حالة من التيهان السياسي "إن هناك بعض محاولات تأجيج الأوضاع من طرف جهات عديدة لا تريد لهذه التجربة أن تنجح". ولذلك يرى الحل في استثمار التوجه الديمقراطي لتكريس الممارسة الديمقراطية وتسريع وتيرة الإصلاح والعمل على استثمار الثقة الشعبية في الحكومة.
هذا الكلام لا يقنع إلا صاحبه الذي يبدو أنه يتحدث مع نفسه، لأننا شبعنا من هذا الخطاب الدوغمائي الذي يرمى الكرة في شباك الجميع. نريد أن نعرف يا معالي الوزير هوية هذه الجهات أياً كان موقعها ومهما حاولت الاختباء وراء اليافطات، وأياً كان لونها السياسي، لأننا إذا لم نشخص المرض المزمن الذي يعاني منه الجسد السياسي المغربي فلن نستطيع تحديد العلاج الناجع لاستعادة عافيته، وأحياناً يكون الداء كما تعلم محتاجاً إلى الكي. إذاً، أن يتحدث الوزير عن جهات لا تريد لهذه التجربة أن تنجح فهو يعرف بالضرورة هويتها، وليست كائناً هلامياً حتى نوزع الاتهامات يميناً وشمالاً، وربما نخلق أجواء من البلبلة والتجييش لمصالح حزبية ضيقة قد تهدم المعبد على رؤوس الجميع، لأن المنطق والسياسة والديمقراطية وحتى الإصلاح في إطار الاستقرار.. كل ذلك يقول في معادلة بسيطة "هذه الجهة تعرقل التجربة..وهذا موقعها.. إذن، يجب أن تحاسب".
إن تكريس الممارسة الديمقراطية واستثمار الثقة الشعبية في الحكومة لن يحصلا ما دام رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يفضل دفن رأسه في الرمال، مثلما صنعت الجهات نفسها في أوج الحراك الشعبي، ويعجز عن إشهار الحقيقة كاملة غير منقوصة. وسيأتي يوم عاجلاً أم آجلاً يُحاسب فيه معالي الوزير على اختبائه وراء هذه الجهات الهلامية التي لا تريد إنجاح تجربة الربيع المغربي، بل أخشى أن يستيقظ يوماً لما تزول عنه الغشاوة لا ليكتشف تآكل رصيده السياسي، ولكن ليجد أن دور حزب العدالة والتنمية كان "وظيفياً" فقط في هذه التجربة. وهنا يجب ألا يُفاجأ صاحبنا إذا تحولت هيئته إلى شيفونة في يد المخزن لعبور مرحلة الخطر، لأن الوقت يكون قد فات بعد "إحراق البديل" كما أحرقت بدائل أخرى وصارت هباء منثوراً، تكالب رموزها على المغانم والريع وغرقوا في الفضائح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.