يعيش سكان دواوير جماعتي أيت حمو ولبريكيين بإقليم الرحامنة، على وقع استياء وتخوفات جراء بدأ أشغال تهيئة مقلع لجرف الرمال، وسط أراضي فلاحية وضيعات تمتد على هكتارات شاسعة، حيث أثار فتح البحث العمومي للترخيص لشركة خاصة، الهلع وسط الفلاحين والسكان. ويستحضر سكان الدواوير الفلاحية، سيناريو قبل عشرة سنوات، بعدما كانت منطقة بوشان المجاورة لدواوير جماعتي أيت حمو ولبريكين، عرفت كسادًا لم يسبق له مثيل، بفعل عدة مقالع كانت تشتغل في المنقطة، واستنزفت الفرشة المائية، قبل أن تُغلق بعد استنفاد كمية الرمال بالمنقطة نتيجة الجرف. ووفقًا للوثائق والشكايات والمراسلات التي أطلع عليها موقع "لكم" فإنَّ سكان دواوير أيت همان، الركيبات، أولاد بلة لحرار ودار همد، وجهت شكايات إلى السلطات الإقليمية والمدير الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل بالرحامنة، ووزير الطاقة والمعادن والبيئة ومدير الحوض المائي لأم الربيع، تُحذر فيها من الأضرار المحتملة لهذا المشروع. وذكرت المراسلات أن صاحب المشروع، الذي بدأ في تهيئة المقلع والحفر وإنشاء مستودع ضخم أقدم على حفر 15 بئرا بضيعتين متواجدتين بمزارع أولاد بلة لحرار بجماعة أيت حمو بدون ترخيص، وتقول الشكاية أيضًا إنًّ حفر هذه الآبار وإحداث المقلع يشكل ضررا على صحة الإنسان والبيئة بفعل استنزاف الفرشة المائية لاسيما أن المنطقة تعاني أصلا من الجفاف، إضافة إلى تجريف الأراضي الصالحة للفلاحة، ناهيك عن تطاير الغبار والضجيج وغيره من الأضرار التي ستنتج عن إحداث هذا المقلع الذي سيضر كثيرا بالبيوت و الأراضي المجاورة له، وكلها عوامل تهدد استقرار المزارعين وقد تدفعهم للنزوح. ووفقا للمعطيات التي توصل إليها موقع "لكم" فإنَّ صاحب المقلع المذكور، دخل المنطقة للاستثمار في جرف الرمال من خلال شراء مقلع مغلق منذ سنوات كان في ملكية مستثمر أجنبي، وهوَ المقلع، الذي يقول عنه سكان المنطقة أنه استنزف الفرشة المائية في المنطقة، ويستحضر السكان، سيناريو فظيع، لجيرانهم في منطقة بوشان حيث انتهت تقريبًا، الزراعات الفلاحية، بفعل استنزاف الفرشة المائية، ونزح العشرات من السكان نحو المدن بحثا عن لقمة العيش، وباتت الدواوير خاوية على عرشها. وقال صلاح الدين موراحي الرئيس المرصد الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان، في تصريح لموقع "لكم" أنَّ المرصد وضع مجموعة من المراسلات لدى مختلف القطاعات الوصية للتدخل، أبرزها السلطات الإقليمية، وعامل إقليم الرحامنة بهدف ايجاد حل للمشكل. واستغرب موراحي العملية التي واكتب فتح البحث العمومي لفائدة السكان، وقال إنَّ السلطات أعلنت عن البحث العمومي في ظرفية كوفيد-19، منذ يوم 01 فبراير 2021 إلى 15 فبراير 2021 ولم يطلع عليه السكان، كما لم يعلموا بخبره، مشيرًا إلى أن الإعلان في تلك الظرفية الاستئنائية وإقرار أيَّ قرار لا يُعتد به. الجفاف يُهدد الرحامنة وقوت السكان وكشف الفاعل المدني موراحي أن منطقة الرحامنة تُعاني سلفا من الكساد والجفاف، إذ أن طبيعة الأراضي في المنطقة هي فوسفاطية في الأصل، كما ساهمت مقالع الرمال التي كانت تشتغل سابقا في المنطقة في استنزاف الفرشة المائية، ونزوح السكان الأصليون نحو المدن بفعل تراكم عوامل الفقر والجفاف والكساد الفلاحي إذ حتى الأمطار عادة، لا تشفع للسكان للهروب من حجم المعاناة. وأشار المصدر ذاته، "أنًّ المنطقة بفضل الفلاحات الزراعية والضيعات الخاصة تشغل من 400 إلى 500 شخصا في السنة، إذ يجري زراعة الجزر والبطاطس، وأن تشييد هذا المقلع الجديد سيفاقم المعاناة" وتشير المعطيات المتوفرة، أن قبائل الرحامنة تعيش على تربية الماشية وما تنبته الأرض كمصدر أساس لمعيشتهم اليومية، وهو ما يعرضهم للمعاناة في مواسم الجفاف، ويستدعي الاعتماد على الماشية في كسب لقمة العيش إلى "العزيب" وهي هجرة الديار بحثا عن الكلأ لماشيتهم في مواسم بعينها. ويقول خليفة (54 عاما) وهو واحد من ملاك الضيعات في مركز سيدي بوعثمان بالرحامنة، إن "الجميع يعاني من مشكلة المياه، الجفاف أضر بالبشر والأرض والحجر، وارتفاع تكاليف الحرث والسقي والحصاد بات يقلل العائد المادي". ونتيجة لسوء الوضع المتفاقم في المنطقة، كانت التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين "مامدا" قامت بصرف حوالي 200 مليون درهم لفائدة الفلاحين المتضررين من الجفاف بإقليم الرحامنة، غير أن ذلك مجرد ترقيع لمعاناة كبيرة، وفقًا لما يقول الفلاحون في المنطقة. دجاجة رمال الرحامنة وعرفت منطقة بوشان، المجاورة للدواوير الحالية التي تعترض على إنشاء مقلع الرمال، عمليات نهب الرمال على امتداد وادي بوشان، إذ كشفت معطيات تعود لسنة 2013، أن عمليات استخراج الرمال تتم ليلا ونهارا ولا يتم التصريح بالكميات الحقيقية المستخرجة من وادي بوشان والتي تشحن في شاحنات غير قانونية، عبارة عن شاحنات لنقل البضائع والخضر للتستر على حمولتها التي تفوق المعتاد والغير المصرح بها للجماعة المعنية، ويجري تسويق وببيع الرمال المستخرجة إلى أشخاص بارونات محترفة إذ تعمل على تسويقها على صعيد المدن الكبرى.