قبل أيام قليلة من المؤتمر.. استدعاء غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من طرف الشرطة    تسليم السلط بين السيدين الحسن الداكي وهشام بلاوي    في خطوة لدعم العالم القروي: سند مستدام ثان لبنك المغرب من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية    الوزيرة السغروشني تترأس مراسيم تسليم السلط بين المدير العام السابق لوكالة التنمية الرقمية وخلفه أمين المزواغي    الموت يغيب الرابور "مول العافية"    إدريس الروخ يكشف كواليس تصوير "BAG" قبل العرض الأول    جلالة الملك يهنئ رئيس الباراغواي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الجديدة تستعد لاحتضان فعاليات الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني    تقرير أمريكي يصنف المغرب كأفضل وجهة إفريقية لرجال الأعمال الأجانب    مهنيون ينفون وقف الصين استيراد الدواجن المغربية بسبب مرض "نيوكاسل".. وآخر بؤرة وبائية كانت قبل عام    أسعار النفط تتراجع بعد ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية    تزامنا مع جولة ترامب في الخليج.. مقتل 80 فلسطينيا بقصف إسرائيلي مكثف على غزة    ترامب: أمريكا تقترب جدا من إبرام اتفاق نووي مع إيران    بريطانيا تعتزم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصة 15 في المائة من الصحف    وقفة احتجاجية لسكان تمارة ضد الإبادة الإسرائيلية في غزة    الوداد الرياضي يضرب موعدا مع الجيش الملكي في نهائي كأس العرش للسيدات    الاتحاد البحر الأبيض المتوسط لرياضات الكيك بوكسينغ ينتخب السيد عبد الفتاح بوهلال عضوا ضمن مكتبه التنفيذي    بولونيا بطلا لكأس إيطاليا على حساب ميلان    توقيف شخصين وحجز طن و600 كيلوغراما من الحشيش بالصويرة    اجتماع موسع بالحسيمة لتنسيق الاستعدادات لصيف 2025    تنظيم حفل بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط بمناسبة الذكرى ال69 لتأسيسها    "البيجيدي": مشروع قانون المسطرة الجنائية يتضمن تعديلات "خطيرة جدا" تمس خصوصيات المغاربة    إحياء النادي السينمائي بمدينة مشرع بلقصيري    مشروع صيني مغربي جديد لتحلية مياه البحر يدشّن مرحلة متقدمة من التعاون البيئي    كيوسك الخميس | الانتهاء من تحديد المسار الأمثل لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب    الحسيمة.. حادث سير خطير يخلف إصابتين بليغتين    توقيع اتفاقية شراكة بين العصبة المغربية لحماية الطفولة ووزارة العدل    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    قطر تقول إنها أهدت طائرة للرئيس الأمريكي بدافع "الحب".. وترامب يعتبر نفسه غبيا إذا لم يقبل الهدية    ثلاث ميداليات للمغرب خلال بطولة العالم للتايكوندو للفتيان / الفجيرة 2025 منها ميدالية ذهبية ثمينة :    أسعار العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    من طنجة إلى بكين: كتاب "هكذا عرفتُ الصين" يكشف عمق الروابط التاريخية بين المغرب والصين    استثمارات قطرية ضخمة في الولايات المتحدة تتجاوز التريليون دولار خلال زيارة ترامب للدوحة    الكرملين يكشف عن تشكيلة وفده للمفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول    والي جهة طنجة تطوان الحسيمة يترأس حفل عشاء اختتام الموسم الرياضي لاتحاد طنجة    360 مليون درهم لتقوية تزويد مدن شمال المغرب بالماء الشروب انطلاقاً من شتنبر 2025    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    80 ألف يورو لضمان جنازات تليق بمسلمي مليلية وفق الشريعة والعرف الديني    الكونغو تعود لمنافسة "أسود الأطلس"    حرية الصحافة في المغرب بين التحسن الظاهري والتحديات العميقة    بقلم الدكتور سفيان الشاط: أوقفوا العاهات السلبيين على وسائل التواصل الاجتماعي    الكوكب المراكشي يحقق حلم الصعود ويعود إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية    عامل إقليم الحسيمة يودع 59 حاجًا متوجهين إلى الديار المقدسة    ليلى بنعلي تجري مباحثات مع نظيرها التنزاني لتعزيز التعاون في مجال الطاقة (فيديو)    3.65 مليار درهم قيمة صادرات الصيد الساحلي في 4 أشهر    الناخب الوطني لأقل من 20 سنة: "عازمون على المشاركة في المونديال ونحن أبطال إفريقيا"    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    الملك محمد السادس يوجه هذه الرسالة إلى الحجاج المغاربة    مهرجان «يالطا» بروسيا ينحني لصوت مغربي… والدارجة تسرق الأضواء    15 % من المغاربة يعانون من متلازمة القولون العصبي والنساء أكثر عرضة للإصابة بها من الرجال    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    المخرج روبرت بينتون يفارق الحياة عن 92 عاما    الإمارات تُجدد حضورها في موسم طانطان الثقافي بالمغرب: تظاهرة تراثية تجسّد عمق الروابط الأخوية    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات صريحة على مشهد رائع
نشر في لكم يوم 09 - 07 - 2013

مهما حاول «الإخوان المسلمون» أن يخدعوا أنفسهم فإن الحقيقة تظل ساطعة: لقد نزل أكثر من ثلاثين مليون مصري الى الشوارع وأسقطوا حكم «الاخوان» بإرادة شعبية. السؤال: هل كان إسقاط مرسي بهذه الطريقة عملاً ديموقراطياً؟ في أي نظام ديموقراطي من حق البرلمان أن يسحب الثقة من الرئيس المنتخب قبل انتهاء ولايته، عندئذ يستقيل الرئيس وتجرى انتخابات رئاسية مبكرة. البرلمان وظيفته أن ينوب عن الشعب في ممارسة سلطته، فإذا غاب البرلمان يكون على الشعب أن يمارس سلطته بنفسه. أصبح مرسي رئيساً بأصوات 13 مليون مصري، بينما جمعت حملة تمرد 22 مليون توقيع لسحب الثقة منه، ثم نزل أكثر من ثلاثين مليون مصري الى الشوارع ليطالبوه بالتنحي. لقد قررت الجمعية العمومية للشعب المصري إنهاء حكم «الاخوان» ولم يكن أمام الفريق السيسي قائد الجيش إلا تنفيذ حكم الشعب، لينقذ مصر من حرب أهلية بدت نذرها واضحة. الجيش لم يقم إذن بانقلاب عسكري وإنما قام بتنفيذ ارادة الشعب في ظروف استثنائية صعبة كادت تؤدي الى انهيار الدولة.
الانقلاب العسكري، بالتعريف، تحرك عسكري يستعمل القوة من أجل تولي السلطة، لكن الجيش أعلن من البداية أنه لا يستهدف السلطة وإنما هو يتدخل لتنفيذ ارادة الشعب في عزل رئيس فقد شرعيته. لقد سقطت شرعية مرسي ثلاث مرات: عندما أصدر إعلاناً وضع فيه ارادته المنفردة فوق الدستور والقانون، وقام بتحصين لجنة تأسيسية باطلة أصدرت دستوراً باطلاً وقام بتحصين مجلس شوري باطل واستعمله كأداة تشريعية تصدر ما يريده «الاخوان» من قوانين، ثم سقطت شرعيته بسقوط أكثر من مئة شهيد في عهده، والمرة الثالثة عندما وقع ملايين المصريين على حملة «تمرد» ونزلوا الى الشوارع لسحب الثقة.
إسقاط مرسي إذاً بهذه الطريقة إجراء ديموقراطي تماماً. انتصرت ارادة الشعب وسقط حكم «الاخوان»، لكن من المفيد أن نتذكر بضع حقائق:
أولا: منذ استفتاء آذار العام 2011 تم دفع الثورة في الطريق الخطأ بطريقة أفرغتها من طاقتها وأبعدتها عن اهدافها. الآن استرد المصريون ثورتهم وأثبت الشعب أنه صاحب السلطة. لقد حان الوقت لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة. لقد تغيرت قيادة الجيش و أثبتت لنا القيادة الجديدة أن حرصها على مصلحة الوطن أكبر من مراعاتها للضغوط الدولية أو توائمها مع جماعة «الاخوان»، كما أن جهاز الشرطة قد استوعب درس الثورة ورفض آلاف الضباط أن يتم استعمالهم مرة أخرى لحماية نظام استبدادي. توحدت أجهزة الدولة جميعاً مع الشعب لتنفيذ عملية تحرير مصر من «الاخوان»، ووضعت خارطة طريق الانتقال الديموقراطي بحضور ممثلين عن طوائف الشعب المختلفة: بابا الأقباط وشيخ الأزهر وممثلين عن حركة «تمرد» وحزب «النور» السلفي. نحن نحتاج الى التوافق الوطني، ولكن علينا أيضاً ألا نتسامح مع من يخرج على القانون وألا نخضع لابتزاز أي فصيل سياسي مهما كان تأثيره. لن يحدث التغيير في مصر إلا إذا تمكن الذين صنعوا الثورة من الوصول الى السلطة.
ثانياً: على مدى ثلاثين عاماً تم استعمال «الاخوان المسلمين» كفزاعة من أجل تبرير الاستبداد. كان منطق مبارك أن الشعب المصري غير جاهز للديموقراطية وأن أية انتخابات نزيهة ستأتي ب«الاخوان» الذين اذا وصلوا الى الحكم فلن يستطيع أحد إزاحتهم، لأنهم يستعملون سلاح الدين الذي سيظل مؤثراً دائماً في أذهان المصريين البسطاء. هذا المنطق يحتقر الشعب ويعتبره جاهلا غير قادر على التمييز والاختيار. لقد استطاع المصريون في عام واحد أن يدركوا الفرق بين الإسلام والإسلام السياسي. اكتشف المصريون أن «الاخوان» يستعملون الدين سياسياً ولا يلتزمون بمبادئه، وأن كل شيء لديهم مباح من أجل الوصول الى الحكم. في يوم «30 يونيو» انتهت فزاعة «الاخوان» الى الأبد. إن مشهد ثلاثين مليون مصري من معارضي «الاخوان» وهم يؤدون صلاة الجماعة في الميادين كان رسالة للعالم كله أن الدين الحقيقي لا يجوز أن يستعمل لأغراض سياسية، إن حكم «الاخوان»، بقدر ما كان تجربة مؤلمة، إلا أنه حمل فائدة كبرى لمصر وللثورة لأنه كشف حقيقة «الاخوان» أمام الجميع. إن حكم «الاخوان» كان امتحاناً إجبارياً مؤجلا وقد دفع المصريون ثمن هذا التأجيل غالياً لأن خوفهم من «الاخوان» أوقعهم في الاستبداد. الآن انتهت أسطورة «الاخوان» وفي المستقبل اذا نبذوا العنف سيشكلون حزباً يمينياً مثل كل أحزاب اليمين المحافظ في العالم.
ثالثاً: لعل الفريق السيسي قائد الجيش يدرك الآن أن النقد الشديد الذي وجهه الثوريون للمجلس العسكري لم ينتقص قط من احترامهم لجيشهم الوطني. سوف يظل المجلس العسكري السابق مسؤولا عن جرائم ومذابح حدثت في عهده وراح ضحيتها شهداء كثيرون. على أن مطالبتنا المستمرة بمحاكمة قتلة الشهداء لا تمنعنا من تأييد الجيش في موقفه الوطني العظيم عندما انحاز لإرادة الشعب. وبالمثل فإن سعادتنا باستعادة العلاقة الطيبة بين الشرطة والشعب لن تمنعنا من المطالبة بالقصاص للشهداء الذين قتلهم ضباط شرطة.
رابعاً: لم يتخيل قادة «الاخوان» أن الشعب سينقلب عليهم بهذه السرعة، وبالتالي فإن خسارتهم للسلطة بإرادة شعبية هي أكبر صدمة تلقوها في تاريخهم، فجاء رد فعلهم عنيفاً. إنهم يعلمون أن مرسي لن يعود للحكم لكنهم يرسلون أتباعهم للاعتداء على الناس والمؤسسات من أجل إحداث الفوضى حتى يمنحوا الفرصة لحليفهم أوباما فيتدخل بحجة تهدئة الأوضاع وينتزع لهم ما يستطيع من مكاسب.
خامساً: عندما جاءت جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة بين ممثل النظام القديم أحمد شفيق ومحمد مرسي مرشح «الاخوان»، وجد المصريون أنفسهم في اختيار صعب وبائس. الذين اشتركوا في الثورة لم يكن بمقدورهم أبداً أن ينتخبوا شفيق الذي هو مبارك آخر، فقام بعضهم بمقاطعة الانتخابات، بينما صوت بعضهم لصالح مرشح «الاخوان»، ليس اقتناعاً به ولكن حتى لا يعود نظام مبارك للحكم. هؤلاء صور موقفهم المناضل عبد الحليم قنديل عندما قال: «كان الاختيار بين عار شفيق، الذي سيعيد النظام القديم، أو نار «الاخوان» الذين أعرف خطورتهم، لكني فضلت النار على العار». على الجانب الآخر، فإن قطاعاً من المصريين كان خوفهم من «الاخوان» أكبر من حرصهم على الثورة فأعطوا أصواتهم لشفيق.
إن الذين أسقطوا حكم «الاخوان» ليسوا نوعاً واحداً وإنما ثلاثة أنواع من المصريين: هناك المواطنون العاديون الذين أحسنوا الظن في «الاخوان» في البداية، وسرعان ما عانوا من جرائمهم وأكاذيبهم، واكتشفوا أنهم يتصرفون كأفراد عصابة بلا أخلاق ولا عهد ولا مبدأ. النوع الثاني، الثوريون الذين يشعرون بغضب ومرارة نحو «الاخوان» نتيجة لخياناتهم المتكررة للثورة من أجل تحقيق مصالحهم. والنوع الثالث، فلول النظام القديم الذين استغلوا الغضب الشعبي ضد «الاخوان» ليطلوا برؤوسهم وينضموا للمعركة ضد «الاخوان» ولكن لتحقيق أهداف خاصة بهم. لقد حافظ المجلس العسكري على نظام مبارك سليماً لم يمس ثم جاء «الاخوان» فقرروا بانتهازيتهم المعتادة أن يتحالفوا مع الفلول ليدعموهم في مخططهم للسيطرة على الدولة، لكن الفلول لم يثقوا ب«الاخوان» قط كما أنهم يعملون لهدف استعادة نظام مبارك. ان ملايين الجنيهات قد أنفقها فلول نظام مبارك على وسائل اعلام لعبت دوراً مهماً في فضح جرائم «الاخوان» وتشجيع المصريين على التمرد ضدهم، لكن المتأمل في خطاب وسائل الاعلام، هذه سيجدها في خضم حربها المشروعة على «الاخوان» تحمل رسالة مضادة للثورة. إن رموز نظام مبارك قد عادوا الى صدارة المشهد، وهم ليسوا ناقمين فقط على «الاخوان»، لكنهم ناقمون على الثورة حتى قبل أن تأتي ب«الاخوان» الى الحكم. ليس من قبيل الصدفة أن نرى اعلاميين وسياسيين وصحافيين طالما نافقوا مبارك واستفادوا من نظامه يتصدرون المشهد الآن في صراع مصر ضد عصابة «الاخوان».
على أن الثورة، وهي تمضي قدماً في خارطة الطريق، تجد نفسها بين خطرين. أولاً عودة العسكريين الى السلطة وثانياً إعادة نظام مبارك الى الحكم. الخطر الأول في رأيي غير وارد، فالجيش غير راغب في الحكم وقد ساند الشعب لتحقيق ارادته بدافع وطني خالص، أما الخطر الثاني فهو وارد وقريب. يجب على الثورة في الدستور الجديد أن تتخذ من الإجراءات القانونية والدستورية ما هو كفيل بمنع من قمعوا الشعب المصري وشاركوا في نهبه وإذلاله من العودة الى الحكم.
الديموقراطية هي الحل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.