تهنئة من شركة Only Two بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش المجيد    المغرب: 16.8 مليار درهم مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 6 أشهر    برنامج الأنشطة الملكية بمناسبة تخليد الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش    الملك محمد السادس يصدر عفوه السامي على 19.673 شخصا    الملك محمد السادس في خطاب العرش: المغرب الصاعد يتميز بتعدد وتنوع شركائه باعتباره شريكا مسؤولا وموثوقا    والي بنك المغرب يرفع إلى الملك التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2024    الحكم ب6 سنوات سجنا نافذا للبدراوي و7 سنوات نافذة لكريمين    الصيادلة يلجأون لأخنوش بخصوص مشروع تحديد أثمنة الأدوية    وكالة الطاقة تطلق طلب استشارة لتقييم حلول التخزين بواسطة البطاريات في محطة "نور ورزازات"    المكتب الوطني للمطارات يعين مديرين جديدين للملاحة الجوية والاستغلال المطاري    محامون فرنسيون يقاضون حكومة ماكرون بتهمة التواطؤ مع إسرائيل    ستارمر: بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين في شتنبر المقبل    عملية جراحية ناجحة لتير شتيغن أسفل الظهر    تورينو الإيطالي يتعاقد مع المغربي زكريا أبو خلال    منظمة مهنيي الصحة التجمعيين تثمن إطلاق أول مجموعة صحية بجهة طنجة    موجة حر خانقة تضرب المغرب وتستمر حتى 10 غشت    "إيركام" يضع حصيلة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية تحت مجهر المساءلة    النصر السعودي يقدم جواو فيليكس    دي بوكيلي تزور "مركز الصم" بطنجة    قطعة نقدية تذكارية تخلد عيد العرش    حقيقة إصابات "حلوى الزجاج" بزايو    المغرب يشارك في "بينالي البندقية"    الصويرة : محمد ملال ، الكاتب الإقليمي للحزب ، والنائب البرلماني وعضو المكتب السياسي ، يتوج مساره الأكاديمي بشهادة الدكتوراه    تقرير أممي: كافة فلسطينيي غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد    بعد ترحيله.. البقالي: الالتفاف حول سفينة "حنظلة" هو دعم للقضية الفلسطينية وكسر لحاجز الصمت    رئيس "الفيفا" يتجول في شمال المغرب ويقصد شفشاون    نهائي "كان" السيدات: احتجاج الجامعة المغربية يعجل بتغييرات تحكيمية من قبل 'الكاف"        سعد الله و نوس:وحده الأمل    الاستصهان: تفكيك السردية الصهيونية من موقع الفهم لا التبعية    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    خيتافي يعلن عن تعاقده مع اللاعب المغربي عبد الكبير عبقار حتى 2028    الدورة الرابعة لصيف طنجة الكبرى .. كرنفال استثنائي وسهرات فنية تضيء ليالي المدينة    "مجموعة أكديطال" تعلن عن استحواذها على مستشفى عبد الرحمن المشاري بالسعودية    موسم جديد للأنشطة التربوية الصيفية لفائدة أبناء المفرج عنهم في قضايا التطرف والإرهاب    توظيف مبلغ مالي مهم من فائض الخزينة    المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: المغرب بلدٌ مانح للخبرة والتضامن العلمي    سجن تولال 1 ينفي منع زيارة نزيل ويؤكد احترام الإجراءات المعتمدة    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    بورصة الدار البيضاء .. أداء إيجابي في تداولات الافتتاح    مسلح يقتحم برجا بنيويورك ويخلف 4 قتلى بينهم شرطي    لاعب سابق للمنتخب الفرنسي يحاكم في البرازيل    بسبب مبابي.. ريال مدريد يخطط لبيع فينيسيوس        "قاتل الشياطين" يحطم الأرقام القياسية في اليابان    مات مرتين .. في وداع زياد الرحباني صمتت فيروز    هند زيادي تُشعل منصة كلميم وتواصل نجاحها ب"انسى"        إسبانيا تسجل أرقام قياسية في عبور المسافرين والمركبات نحو المغرب    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    مصرع 30 شخصاً وإجلاء عشرات الآلاف في بكين بسبب أمطار غزيرة    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    ما علاقة السكري من النوع الثاني بالكبد الدهني؟        على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين كورونا والزلزال
نشر في لكم يوم 27 - 09 - 2023

حتما،سيشكِّل بريق هذا الوعي الجديد- إن تحقَّقت فعليا جِدِّية الوعي – بجبروت الطبيعة وكذا هزمها الإنسان؛خلال وميض قياسي،رغم كل جبروت تطور أنساق فهمه لغة هذه الطبيعة،خيوط حكايات دالَّة، معبِّرة، طيلة العقود القادمة،وتحكم نتائج ذلك حيثيات المنظومة المجتمعية التي بوسعها تحديد التوجُّهات العامة لهواجس الجيل الحالي.
وعي غير الوعي، استشراف مختلف تماما،توطَّدت لبناته منذئذ على حسٍّ فجائعي غير مألوف نحو الطبيعة، سيأخذ رغم كل شيء، بعدا إيجابيا وبنَّاء، فيما يتعلق بإعادة بناء الأنساق الكلاسيكية العقيمة مثلما اختُبِرت نتائجها السلبية واقعيا،شريطة استثمار اهتزاز الوعي البشري،جراء هَزَّات الطبيعة اللا-متوقعة وفق الكيفية المطلوبة،بإحداث قطيعة نوعية حيال رتابة منظومة قَدَرية، خاملة، ترسِّخ نوازع الكسل، الاستسلام، الاستكانة إلى غموض المجهول، نحو نسق جديد أكثر عقلانية، اجتهادا، واستعدادا لتهيئ ممكنات المجابهة.
لم نغادر بعد ظرفية كورونا بشتى مظاهر دواعي انقلابها التاريخي،ثم مقتضيات أسئلتها الطارئة؛ قدر عمقها، بخصوص استلهام منظومة مجتمعية ثرية بروحها الإنسانية، ضدّا على كل المرجعيات الهشَّة والسطحية التي عَبَّأت عبثا الأذهان والحواس طويلا،إلى أن وقعت فاجعة الحوز وما انطوت عليه بدورها ضمن السياق نفسه، من إشكالات غير معهودة سابقا، تحتِّم لزوم الاشتغال جدِّيا على مرتكزات تدبيرية صلبة للشأن المجتمعي؛مثل البناءات المقاومة للزلازل، متطوِّرة على جميع المستويات، متأهِّبة، متيِّقظة، بوسعها صدقا مواجهة تحديات العالم المعاصر تبعا لأحواله المباغتة.
يرنو سياق كورونا ثم زلزال ليلة الثامن من سبتمبر،وكذا مضمون خطاب الكوارث عموما، نحو إعادة استبطان قيم دروس نوعية صوب مستقبل أقل مأساوية، أقرب جدا إلى ينابيع حياة؛ تستحق الحياة،بإعادة تقييم جذري للمقدِّمات التي وجَّهت معايير المرحلة السابقة عن حدوت الواقعة المزلزِلة للوعي بالقائم،رغم وجود اختلافات تتباعد أو تتقارب على مستوى التفاصيل بين هذه الكارثة أو تلك، من حيث الأسباب، النتائج، الحلول،درجات الخسائر، مستوى المقاومة البشرية، طبيعة التأثير المادي والنفسي، إلخ.
عموما، ما أوجه الاختلاف مثلا بين كورونا والزلزال؟
*هوائية الوباء وأرضية الزلزال: ظلّ الوباء من ناحية المصدر الهوائي،جسَيْما هلاميا،لامتناهيا صغر حجمه، لامرئيا قياسا لإمكانيات العين المجرَّدة، ثم ازداد التباس أثره وهويته كثيرا بالنسبة للذين لم يزرهم الفيروس قط. عدوٌّ مجهريٌّ، بلا حيز ملموس،غير معلوم شكله أو جوهره سوى داخل المختبرات، لكن خطورته ذات جسامة لامتناهية،حوَّلت العالم قاطبة إلى بوتقة مرعبة، خلال فترة وجيزة بكيفية ملموسة ومتجلية على أرض الواقع.
مقابل ذلك، يُلاحظ فوريا أرضية الزلزال وماديته الملموسة،بحيث يتحدَّد دون لبس يذكر،المصدر والمنطلق.انقلاب مباغت لإيقاع الأرض، فاختل توازنه وأبان عن معطى غير المعتاد والمألوف،تصبح معه أيضا يوميات الإنسان غير معتادة أو مألوفة،بل مجرد ترقب يحسب أنفاس الموت.
*جحيمية الآخر أو ضرورته الوجودية: جَسَّد مبدئيا حضور الآخر مجالا خصبا، قصد تعضيد وجود الوباء.إذا تضاءل حيِّز هذا الآخر تقلصت حتما مستويات العدوى، والعكس صحيح، كلما اتسع اقتحام الآخر لمجال الذات،تضاعفت أكثر فأكثر خطورة الوباء.لذلك، أثناء فترة أوج كورونا، بين طيات صدمة صرخة حتمية المراجعات المفهومية الشاملة التي أتى بها الوباء،اتفقت حينها مختلف البروتوكولات الطبية،وشدَّدت تشديدا على ضرورة تجنب أيِّ احتكاك بالآخر أو الاقتراب من طيفه، وإن اقتضت الضرورة وضعا من هذا القبيل، فيجب تحقيق السعي بتهيُّب وانتباه.
تراجع تماما، هذا الحظر،بمناسبة فاجعة الزلزال، وحلَّ محله، الاحتفال كليا بحضور الآخر، وتكسير الحواجز في صيغتها المألوفة مجتمعيا، أو في خضم إطارها العلمي الدقيق، من خلال ضرورة الإسراع نحو مَدِّ العون إلى هذا الآخر ونجدته بكل الطرق.
إذن، بقدر مايستدعي الوباء إطار العزلة كبروتوكول وقائي للنجاة، يقتضي الزلزال استدعاء الآخر وتكثيف حقيقته،ثم احتشاد الجميع صوب الجميع.بل،يعتبر كيان الآخر، مفصليا، صميميا،لامحيد عنه،بخصوص مقاومة مختلف ارتدادات الفاجعة.
*فضاء البيت : يرسم البيت ملاذا آمنا لصاحبه،ومصدرا لطمأنينة الألفة والحميمة، حيث الإنسان مكتسيا تماما شفافية رغباته،متحرِّرا تماما من إجبارية القيود الموضوعة اعتباطيا، الكامنة هناك دائما عند خطو أول خطوة خارج البيت.
حينما تتعب، تسرع عائدا إلى البيت.حينما يكون مزاجكَ متعكِّرا صفوه،ربما لاتغادر البيت،لأنه استراحة من العالم.يظل سقف البيت وأوتاد أركانه،حصنا حصينا ضد كل شرور الخارج.
لذلك،أثرى فضاء البيت حيثيات استراتجية أولية ضمن البرنامج الصحي للاحتماء من عدوى وباء كورونا،ثم أضحت ممكنات القدرة على الانعزال داخل البيت،مؤشِّرا استدلاليا فيما يتعلق بتقدير مستويات التقاط الفيروس أو النجاة.
ضرورة أضحت نقيضها، بكيفية ما،خلال سياق الزلزال وتبعاته المادية،بحيث تصير علاقة الإنسان بمنزله مضطربة، افتقدت لعنصر الاطمئنان،ويمكن خلال أيِّ لحظة، أن تتهاوى أعمدته تباعا فوق رأسه، نتيجة رقصات أرضية منتشية.
يختزل وقع الزلزال،كل إشكاليات الفرد السابقة إلى فقط مستوي الوفاء أو الغدر، اللذين يترقبهما؛ كل آن من جدران منزله، مادام مصير بقائه حيَّا يتوقف على مدى تمسك نزوعات منزله بإحدى القيمتين الأخلاقيتين.
حياة الإنسان متوقفة على مستويات صمود كينونة منزله.الأخير، وقد أبان حقا فترة الوباء عن رحمة منقطعة النظير، ورحابة حضن لاتعوض،بكل نبل، دون أقل مساومة أو ابتزاز،انقلب جراء الكارثة الجديدة إلى باعث شرس للريبة والارتياب والخوف،يصعب الرهان بحواس حالمة إلى قيمة ضرورته.
إنها مسألة وجودية خالصة،تسلِّط الضوء لحظتها مباشرة على دلالة "أن تكون" أو "لاتكون".يتسامى المكان عن إطار مستواه الإسمنتي،يتجرَّد تجرُّدا،فيكشف عن زخم تضمينات شعرية شاعريته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.