قالت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "همم" إن ارتفاع وتيرة الاعتقالات والمتابعات في حق المعارضين والصحافيين ومناهضي التطبيع، هو عنوان مرحلة ما بعد العفو الملكي في يوليوز 2024، وهو ما يقوض الأمل الذي برز بأن تتقلص وتيرة المتابعات والاعتقالات المرتبطة بالتعبير والاحتجاج السلمي. وسجلت "همم" في تقريرها السنوي حول الانتهاكات الحقوقية المرتبطة بحرية التعبير والتظاهر السلمي، استمرار إعمال مقتضيات القانون الجنائي في متابعة الصحافيين وكتاب الرأي والمدونين، بمن فيهم مناهضو التطبيع، واستمرار التضييق على المنتقدين، حتى بات المغرب في صدارة الدول التي تضيق على النشطاء.
واعتبر التقرير أن تصاعد وتيرة المتابعات والاعتقالات يشي بضيق صدر السلطات عن تقبل الانتقاد للسياسات العمومية المتبعة، وخاصة منها التي لها ارتباط بقضايا الحريات وحقوق الإنسان، وانتقد توظيف القضاء في تصفية الحسابات مع كل الأصوات الممانعة والمعارضة لهذه السياسات، وهو ما يؤكد وجود إرادة ممنهجة لإسكات كل صوت حر يعبر عن مواقف قد تزعج بعض المسؤولين والجهات، ويشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير، وتقويضاً للمجال العام. متابعة عشرات الصحافيين والنشطاء وتوقف التقرير على جملة من المتابعات التي تطال الصحافيين، وعلى رأسهم حميد المهداوي الذي يتعرض لحملة واسعة من التضييق، إضافة إلى سحب بطاقته المهنية، وقد صدر في حقه حكم سالب للحرية وغرامة ب150 مليون سنتيم. ومن بين المحاكمات التي طالت الصحافيين ورصدها التقرير، محاكمة هشام العمراني (حكم بالبراءة بعد تنازل وزير العدل)، وحنان بكور (أدينت بشهر موقوف وغرامة 500 درهم على خلفية تدوينة)، وياسين زروال (حكم بالبراءة بعد تنازل البرلماني محمد السيمو)، ولبنى الفلاح(تعويض ب 88 مليون سنتيم وغرامة 4 ملايين)، ومحمد اليوسفي (أدين بشهرين نافذين). كما رصد ذات التقرير حالات أخرى للمشاركين في الاحتجاجات السلمية وعلى رأسهم سعيد آيت مهدي رئيس تنسيقية ضحايا زلزال الحوز الذي رفعت محكمة الاستئناف بمراكش إدانته من ثلاثة أشهر إلى سنة نافذة، إلى جانب ثلاثة نشطاء آخرين من الضحايا قضت نفس المحكمة بإلغاء حكم البراءة الابتدائي الصادر في حقهم، وأدانتهم بأربعة أشهر حبسا نافذا لكل واحد منهم، إضافة إلى النشطاء سعيد أوفريد ومولاي الحسن الجعيفري المدانان بالحبس النافذ، وهي قضايا تنضاف إلى ملف معتقلي حراك الريف الذين لا يزالون خلف القضبان. وسجل التقرير تواصل التضييق على مناهضي التطبيع ومتابعتهم، حيث أيدت استئنافية الرباط الحكم الصادر في حق عبد الإله بنعبد السلام ومن معه، أو ما بات يعرف بملف النشطاء ال13 على خلفية الاحتجاج أمام كارفور، إضافة إلى المحاكمات والاعتقالات التي طالت نشطاء داعمين لفلسطين كمحمد الكشكاش وإسماعيل الغزاوي ورضوان القسطيط ومحمد بوستاتي، ومصطفى بنتيفور. وقالت "همم" إن منتقدي السلطات العمومية لم يسلموا بدورهم من المحاكمات والإدانات، وتوقفت على ملف النقيب محمد زيان الموجود في السجن، وبوبكر الونخاري الذي أدين ابتدائيا بالحبس الموقوف والغرامة، و عزيز غالي الذي طالته عدة شكايات نتيجة مواقفه الجريئة، وفاروق مهداوي، الذي تطاله أيضا حملة تخويف وشكايات بسبب التعبير عن رأيه فيما يجري بجماعة الرباط، وفؤاد عبد المومني منسق "همم" الصادر في حقه حكم بالحبس النافذ والغرامة، والمعطي منجب الذي لا يزال يتعرض لمضايقات بسبب آرائه، وحسن بناجح الذي يواجه شكايات من جمعية مقربة من السلطة، وعبد الفتاح الهوفي المدون الذي أدين بسلسلة من العقوبات الاستثنائية، والتي طالت حقوقه الوطنية. مطالب بوقف تجريم حرية التعبير ودعت "همم" البرلمانيين للتقدم بمقترحات قوانين من أجل تعديل قانون الصحافة والنشر ومجموعة القانون الجنائي ورفض تجريم كل الآراء المعبر عنها بخصوص انتقاد السلطات العمومية والمالكين لسلط القرار، سواء بالمنابر الإعلامية الورقية والإلكترونية وبكل وسائط التواصل الاجتماعي، صونا للحق في حرية والتعبير. ودعت إلى التنسيق من أجل مبادرة برلمانية للتقدم بمقترح قانون طبقا لمقتضيات الفصل 71 من الدستور المغربي الذي ينص على حق البرلمان في التشريع في عدد من الميادين من بينها إصدار قانون "العفو العام" من أجل إصدار عفو شامل على كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، ومعتقلي حراك الريف. وطالب التقرير الحكومة بالتقيد بالالتزامات المعلن عنها، سواء خلال مناقشة تقارير الاستعراض الدوري الشامل أو عند افتحاص الآليات الأممية لمدى التزام المغرب بمضامين المعاهدات والصكوك المصادق عليها، والتفاعل الإيجابي مع آراء وتوصيات المساطر الخاصة، وتوقف الوزراء عن تقديم الشكاوى ضد الصحفيين والمواطنين الذين يعبرون عن آرائهم ووجهات نظرهم بخصوص السياسات العمومية المتبعة، وخاصة المرتبطة منها بقضايا حقوق الإنسان. وجددت الهيئة دعوتها السلطات لاحترام التزاماتها الدولية، والوقف الفوري لكافة المتابعات ذات الطابع السياسي، والإفراج عن جميع معتقلي الرأي، ومراجعة النصوص القانونية والممارسات العملية والكف عن كل ما من شأنه تجريم التعبير السلمي عن الرأي، وإطلاق إصلاح شامل للمنظومة القضائية يضمن استقلاليتها، وشفافيتها، واحترامها الكامل للحقوق والحريات الأساسي، مع تعديل مقتضيات قانون المسطرة الجنائية في اتجاه تعزيز الحريات وشروط وضمانات المحاكمة العادلة وتمكين المجتمع المدني من الانخراط في التبليغ عن الفساد ومحاربة الرشوة.