عبرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "هِمَمْ" عن قلقها إزاء سلسلة من الملفات القضائية الجارية التي تمس عددا من الصحافيين والمحامين والمدونين في المغرب، ودعت إلى احترام المبادئ الأساسية المرتبطة بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في محاكمة عادلة، وحرية التعبير، والحقوق المدنية والسياسية. وقالت "همم" في بلاغ لها إنها اطلعت على الحكم القضائي الصادر في حق المدون عبد الفتاح الهوفي، والذي قضت فيه المحكمة بسجنه أربع سنوات نافذة، مشيرة إلى أن مضمون الحكم يتسم بقدر كبير من القسوة والمساس الخطير بالحقوق الأساسية.
وأدانت الهيئة هذا الحكم "المجانب للصواب"، ولفتت إلى خطورة العقوبات المترتبة عنه، خصوصا التجريد من عدد من حقوق المواطنة، مما يمثل خرقا لمبدأ التناسب، فضلا عن كونه مساسا مباشرا بجوهر حرية الرأي والتعبير. وإلى جانب عبد الفتاح الهوفي الذي أعلنت الهيئة مؤازرتها له، سلط البلاغ الضوء على استمرار محاكمة الصحفي حميد المهداوي، في أجواء قضائية تثير تساؤلات جدية حول مدى احترام شروط المحاكمة العادلة واستقلال القضاء. كما توقفت "همم" على تواصل حلقات محاكمة الصحفية لبنى الفلاح، في سياق يثير بدوره القلق حول منهجية التعامل القضائي مع النشطاء والصحفيين والصحفيات، وغياب ضمانات المحاكمة العادلة، ودعت الهيئة إلى تمتيع كافة المتابعين بحقوقهم الكاملة، ووقف كل أشكال التضييق على حرية الرأي والتعبير. وفي ذات السياق، ذكّرت "همم" بانعقاد جلسة في غرفة المشورة تتعلق بملف النقيب محمد زيان، "في سياق حافل بالخروقات القانونية والمسطرية، ويطرح هذا المسار القضائي المتواصل تفاقم توظيف القضاء كأداة للتضييق على الأصوات الحرة". كما عبرت "هِمَمْ" عن رفضها للحكم الصادر في حق المدون رضوان القسطيط بسنتين سجنا، لما يشكله من حلقة إضافية في سلسلة متصاعدة من استهداف حرية الرأي والتعبير والزج بالمدافعين عن الكرامة والحقوق والمناهضين للتطبيع في دهاليز السجون. ونبهت هيئة المساندة إلى أن الحالات المعنية، وتواتر المحاكمات، وتعدد الخروقات التي تسجل خلالها، والأحكام القاسية التي تتبعها، تبين بجلاء وجود إرادة ممنهجة لإسكات كل صوت حر، يعبر عن مواقف قد تزعج بعض المسؤولين والجهات، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير، وتقويضاً للمجال العام. ودعت الهيئة السلطات المغربية من أجل احترام التزاماتها الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وطالبت بالوقف الفوري لكافة المتابعات ذات الطابع السياسي. كما طالت بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي، ومراجعة النصوص القانونية والممارسات العملية من كل ما من شأنه تجريم التعبير السلمي عن الرأي، وإطلاق إصلاح شامل للمنظومة القضائية يضمن استقلاليتها، وشفافيتها، واحترامها الكامل للحقوق والحريات الأساسية. وخلص البلاغ إلى مناشدة كافة الفاعلين الحقوقيين، والمؤسسات الوطنية والدولية، والمنظمات المهنية وكل الغيورين على مستقبل الحريات في المغرب، للعمل سويا من أجل وضع حد لهذا الوضع المتأزم، والانتصار لقيم الكرامة والحرية والعدالة.