احتل المغرب مرتبة متوسطة على سلم الانتقال الطاقي العالمي، وفقا لما كشف عنه تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 حول "تعزيز الانتقال الفعّال للطاقة"، مصنفا المملكة في المرتبة 70 من أصل 120 دولة، بمجموع نقاط بلغ 53.7، وهو ما يقل عن المتوسط العالمي البالغ 56.9 نقطة. ويقع المغرب ضمن منطقة تواجه صعوبات مشتركة تتعلق بتأمين الإمدادات، وضمان العدالة الطاقية، والتحول نحو مصادر منخفضة الانبعاثات. وبحسب التقرير، احتلت المملكة المرتبة الخامسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلف كل من الإمارات (48 عالميا) والسعودية (60) وتونس (62) والأردن (63)، وقبل مصر (74) وقطر (75) والجزائر في المركز 89 عالميا.
ويكشف تحليل المؤشرات الفرعية أن المغرب حصل على 58.6 نقطة في "أداء النظام" لسنة 2025، وهي نتيجة تُظهر تطورا نسبيا في قدرة البلاد على دمج مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية والريحية في مزيجها الطاقي، إلى جانب تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة. إلا أن مؤشر "جاهزية الانتقال" ظل في مستوى متوسط بلغ 46.4 نقطة، ما يعكس تحديات مستمرة على مستوى البنية التحتية، والتمويل، والإطار المؤسساتي اللازم لتسريع وتيرة التحول الطاقي. وأكد التقرير الذي اعتمد على بيانات شاملة وتحليلات بالشراكة مع الشركة الاستشارية "أكسنتشر"، أن هذا الانتقال الطاقي لم يعد يقتصر على التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة فقط، بل أصبح جزءا من تحول أوسع يمس هيكلة الاقتصاد العالمي وإعادة تعريف كيفية إنتاج الطاقة واستهلاكها وحوكمتها، حيث تشكل المخاطر المناخية المتزايدة، وتسارع الابتكار، وتدهور التعاون الدولي، ضغوطا متنامية على الدول لتوفير أنظمة طاقة آمنة، موثوقة، ميسورة، ومنخفضة الانبعاثات في آنٍ واحد. وقد جاءت السويد في المرتبة الأولى عالميا بنتيجة 77.0 نقطة، تليها فنلندا (72.7)، ثم الدنمارك (70.3)، وهي دول تتميز بمزيج طاقي نظيف يشمل مصادر متجددة بنسبة مرتفعة، وسياسات صارمة للحد من الانبعاثات الكربونية. كما احتلت النرويج المرتبة الرابعة (75.6 في أداء النظام)، مستفيدة من وفرة الطاقة الكهرومائية، في حين حلت سويسرا في المركز الخامس بفضل استقرارها المؤسسي وتنوع مصادرها الطاقية. وتضمنت قائمة العشرين الأوائل أيضا كلا من ألمانيا (9)، فرنسا (14)، المملكة المتحدة (16) والولايات المتحدة (17)، كما وحققت الصين مركزا متقدما (12 عالميا)، نتيجة تسارع الابتكار والاستثمارات الهائلة في الطاقة الشمسية والريحية. واعتمد المغرب استراتيجيات طموحة للانتقال الطاقي، حيث تهدف البلاد إلى تغطية أكثر من 52 بالمائة من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول سنة 2030، وهو ما يعكس إرادة سياسية واضحة. غير أن التقرير يحذر من أن مجرد تحديد الأهداف لم يعد كافيا، بل بات من الضروري تطوير قدرات تنفيذية حقيقية، ومأسسة آليات تمويل مبتكرة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، خاصة في ظل غياب خارطة طريق واضحة لخفض الانبعاثات من البنية التحتية الطاقية التقليدية. وتبقى التوصية الجوهرية التي يطرحها التقرير هي ضرورة بناء قدرات تنفيذية حقيقية، تتجاوز الإعلان عن الاستراتيجيات، وتنتقل إلى تفعيل مشاريع واقعية قابلة للقياس والتقييم، مع تعزيز الشفافية والمساءلة والتشاركية في رسم السياسات الطاقية.