وسط تصاعد الجدل في الأوساط الطلابية والأكاديمية، حلّت لجنة تفتيش مركزية تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار – الأسبوع الماضي – بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية (ENSA) في أكادير، للوقوف على أسباب حالات الرسوب الجماعي غير المسبوقة التي طالت أكثر من 120 طالبا جامعيا خلال الموسم الجامعي 2024/2025. وتترقب عائلات الطلاب، إلى جانب الأساتذة والرأي العام، نتائج هذا التحقيق الذي يُحتمل أن يشكل سابقة في مسار تقييم جودة التعليم الجامعي بالمغرب. تحقيق ميداني واستماع للأطراف ووفق معطيات حصل عليها موقع "لكم"، باشرت لجنة التفتيش المركزية الموفدة من قبل المفتشية العامة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سلسلة لقاءات موسعة مع مختلف مكونات المؤسسة، بما في ذلك الإدارة التربوية وأعضاء هيئة التدريس. وبحسب المصدر ، فقد استمعت اللجنة المركزية لإفادات وشهادات تتعلق بظروف إجراء الامتحانات، وطريقة التصحيح، وأوجه الاعتراض التي عبّر عنها الطلبة المتضررون وأسرهم، كما اطلعت على محاضر الاجتماعات، والملفات البيداغوجية، وأوراق الامتحانات المصحّحة، إضافة إلى النظام الداخلي والدفتر الوصفي للمسالك الدراسية المعتمدة. نتائج أولية تثير المزيد من الأسئلة وأظهرت التحريات الأولية، بحسب نفس المصدر، وجود تفاوتات لافتة في نتائج الطلبة، حيث حصل بعضهم على نقط كاملة (20/20) في مواد معينة، في حين حصلوا على نقط جدّ متدنية في مواد أخرى داخل نفس الشعبة، ما حال دون تمكّنهم من استيفاء الحد الأدنى المطلوب في أربع وحدات أساسية، رغم تجاوزهم المعدل العام. ويشترط النظام البيداغوجي المعتمد عدم النزول عن نقطة 7/20 في كل مادة، حتى مع حصول الطالب على معدل عام يفوق 10/20. اختلالات تثير الغضب وقفت اللجنة على مجموعة من الاختلالات البنيوية التي شابت العملية التعليمية والتقييمية داخل المؤسسة، لعل أبرزها غياب آليات موحدة وواضحة للتقويم، ووجود تفاوت كبير في نسب النجاح بين الطلبة دون مبررات تربوية دقيقة. كما رصدت اللجنة مشكلات في التواصل بين إدارة المؤسسة من جهة، وهيئة التدريس والطلبة من جهة أخرى، ما غذّى حالة الاحتقان منذ إعلان نتائج الدورة الخريفية. وأشار طلاب متضررون إلى تفاوتات صارخة بين نتائج من يستفيدون من دروس دعم خارج أسوار المؤسسة وبين زملائهم الذين لم يسعفهم الظرف لذلك، رغم تفوقهم الأكاديمي، مما أحدث انقساما داخل الهيئة التدريسية نفسها بين مؤيدين للاحتجاجات ومقاطعين لها، دون أن تنجح محاولات الوساطة في رأب الصدع أو التخفيف من حدة الاحتقان. فشل الوساطات على الرغم من عدة لقاءات عقدت بين إدارة المدرسة والأساتذة، وكذا بين رئاسة جامعة ابن زهر والهيئة التربوية ممثلة في الأساتذة، فإن جميع المساعي لحلحلة الأزمة لم تُفلح، مما دفع الوزارة إلى التدخل عبر إيفاد لجنة تفتيش مركزية في خطوة نادرة على صعيد مؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المحدود. ويترقب الرأي العام الجامعي، إلى جانب الطلاب وأسرهم، ما ستسفر عنه توصيات اللجنة المركزية، وسط دعوات متزايدة بمراجعة عميقة للآليات البيداغوجية والتقييمية، وتكريس مبادئ الشفافية والعدالة الأكاديمية، بما يعزز ثقة الطلاب في منظومة التعليم العالي العمومي ويصون جودة التكوين الهندسي الذي تُعوّل عليه الدولة في مشاريع التنمية والابتكار.