جدد قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية جملة من مواد قانون المسطرة المدنية، المطالب بإحالة "قانون المسطرة الجنائية" على القضاء الدستوري، لإسقاط المقتضيات التي تتعارض مع الوثيقة الدستورية، وسط انتقادات كبيرة طالت وزير العدل. وتعالت الأصوات المنبهة إلى أن المسطرة الجنائية، والتي سبق أن خرجت احتجاجات ضد بعض مقتضياتها "غير الدستورية" تحتاج إلى المرور عبر بوابة القضاء الدستوري، من أجل التصدي للانحرافات الخطيرة التي تشوب موادها، وهي أكثر خطورة مما تضمنته المسطرة المدنية، خاصة وأن الحكومة ووزير العدل لجآ للأغلبية العددية لفرض تمرير هذا النص.
وقال محمد الغلوسي المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن قرار المحكمة الدستورية واضح في انتصاره للدستور وعدم ترك التشريع يخضع لمزاجية وهلوسات نخبة سياسية لاترى في التدبير العمومي إلا موقعا لحماية مصالحها ومصالح زبنائها، وهو قرار معلل بفصول من الدستور، و أكد بشكل واضح على عدم جواز تدخل السلطة التنفيذية من خلال وزير العدل في السلطة القضائيّة. واعتبر أن القرار يجعل إحالة مشروع المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية أمرا ضروريا وملحا، ذلك أن المادتين 3 و7 من مشروع المسطرة الجنائية ينطبق عليهما تعليل المحكمة الدستورية بعدم تدخل السلطة التنفيذية في القضاء. وتساءل الغلوسي "هل سنرى إحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية أم أن النهج السلطوي والانحراف التشريعي سينتصران على روح وجوهر الدستور وتوجه المحكمة الدستورية الرافض لتدخل السلطة التنفيذية في شخص وزير العدل في السلطة القضائية؟". وأشار الغلوسي إلى أن المادة 25 من النظام الأساسي للقضاة والتي تنص على أن"قضاة النيابة العامة يوضعون تحت سلطة وإشراف ومراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورؤسائهم التسلسليين"، في حين تضع المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية رئيس النيابة العامة وليس فقط قضاة النيابة العامة، بل هرمها، تحت سلطة المفتشية العامة للداخلية والمفتشية العامة للمالية، وهذا قمة الانحراف التشريعي.