بعد مرور ثلاث سنوات على دخول برنامج العمل الجماعي لأكادير حيز التنفيذ، وعملا بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادتين 80 و82 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، واستحضارا لمبدأ التقييم المرحلي للبرامج الاستراتيجية، باشرت الجماعة الترابية لأكادير عملية مراجعة شاملة لهذا البرنامج، قال إنها تتم، في سياق دينامية ترابية متسارعة، تتسم بتزايد الحاجيات الاجتماعية، وتطور المؤشرات الديمغرافية والعمرانية، ما يفرض تكييفا مرنا ومستداما للأولويات. ووفق الإفادات المقدمة، والتي حصل عليها موقع "لكم"، فقد حرصت جماعة أكادير، منذ المرحلة الأولى من بلورة البرنامج، على اعتماد مقاربة تشاركية شاملة، ضمنت انخراط المنتخبين، وأطر الإدارة الجماعية، والفاعلين المؤسساتيين، ومكونات المجتمع المدني، وهو ما مكّن من إعداد وثيقة مرجعية تستجيب لانتظارات الساكنة، وتنسجم في الوقت ذاته مع التوجيهات الملكية السامية المرتبطة بالتنمية المجالية، ومع التوجهات الاستراتيجية للجهوية المتقدمة.
وعلى الرغم من الصعوبات الأولية المتعلقة بالإكراهات العقارية والتمويلية والتنظيمية، استطاعت الجماعة تجاوز العديد منها من خلال تفعيل حلول مبتكرة، خاصة على مستوى تعبئة العقار العمومي، وتحسين آليات ترتيب الأولويات وتفادي المساطر المعقدة، مع الحفاظ على مبدأ الإنصاف المجالي وتكافؤ الفرص في التوزيع الترابي للمشاريع. وتُعد هذه المراجعة فرصة استراتيجية لإعادة ضبط هندسة البرنامج في ضوء معطيات جديدة، من بينها نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، وتطور مستوى إنجاز المشاريع المبرمجة، ومدى التزام الشركاء المؤسسيين، بالإضافة إلى انتظارات الساكنة المتجددة إلى جانب المتغيرات المرتبطة بإعادة ترتيب الأولويات على ضوء المستجدات المحلية والوطنية، وفي مقدمتها الاستعدادات الجارية لاحتضان المدينة لمباريات كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. مراجعة برنامج العمل بسبب أولويات وتتشكل المحاور الكبرى لمراجعة برنامج العمل الجماعي في تحسين البنية الحضرية والتنقل المستدام عبر إعادة تهيئة مداخل المدينة وتعزيز الربط بين الأحياء عبر تطوير الشبكة الطرقية الكبرى، وإعادة هيكلة الأحياء الناقصة التجهيز ( أنزا العليا، تيكوين، أغروض، بنسركاو…)، وكذا تطوير منظومة النقل الحضري من خلال إدماج أسطول جديد يضم أكثر من 200 حافلة مجهزة بأحدث التقنيات ومراعية للمعايير البيئية، مع تحديث شبكة الخطوط والمسارات". أما بخصوص تهيئة المرافق العمومية ذات البُعد الاستراتيجي، فسيتم إعادة تأهيل المحطة الطرقية وفق تصور وظيفي حديث يضمن الراحة والسلامة للمسافرين، وبناء مجزرة جماعاتية بمعايير الجودة والسلامة الصحية لمحاربة الذبح السري وتعزيز الأمن الغذائي. كما ستعمل الجماعة الترابية لأكادير على تهيئة محيط ملعب أدرار ليتحول إلى قطب رياضي وسياحي متعدد الاستعمالات، في إطار الاستعدادات للاستحقاقات الدولية المقبلة، وإنجاز مكتبة جامعية كبرى ترقى إلى مستوى قطب معرفي جهوي يستجيب لحاجيات الطلبة والباحثين". وبخصوص توسيع وتثمين الفضاءات الخضراء والبيئية، فسيتم العمل على إحداث منتزهات جديدة تعتمد على إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، في إطار استراتيجية التكيف المناخي، إلى جانب إدماج بعد التنوع البيولوجي والنجاعة المائية في تصاميم التهيئة، علاوة على تعزيز العرض الثقافي والرياضي والترفيهي من خلال برمجة سنوية تستثمر في الموروث الثقافي الأمازيغي والمبادرات المجتمعية". وفي مجال ترسيخ مبادئ الحكامة والتنمية المستدامة، سيتم العمل على تعزيز التنسيق المؤسساتي بين مختلف المتدخلين الجهويين والقطاعيين، وفي الآن نفسه اعتماد أدوات للرصد والتقييم المنتظم لمستوى تنفيذ المشاريع، مع العمل على ضمان الالتقائية بين البرنامج الجماعي وباقي الاستراتيجيات القطاعية والترابية". أما التدبير المالي والتعبئة المستدامة للموارد، فقد استطاعت الجماعة، عبر مقاربة مالية استباقية، أن ترفع الغلاف المالي المخصص لتنفيذ البرنامج من 2,745 مليار درهم إلى أزيد من ثلاثة مليارات درهم، بفضل الشراكات مع القطاع العام والتمويلات التعاقدية. كما سيتم التركيز في المرحلة المقبلة على ترشيد النفقات وتحسين مردودية الاستثمار العمومي وتعبئة آليات التمويل الأخضر. وأوضحت الجماعة الترابية لأكادير، أن انخراطها اليوم في هذا التمرين التقييمي المرحلي، يؤكد التزامها بمواصلة الإصلاحات الهيكلية التي انطلقت خلال السنوات الماضية، على قاعدة الشفافية والتشارك والتقائية السياسات، بهدف بناء مدينة ذكية، مندمجة، ومستدامة، في خدمة ساكنتها ومحيطها الجهوي والوطني.