دخل قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 ومرسومه التطبيقي رقم 2.25.386 حيز التنفيذ، فاتحا الباب أمام مرحلة جديدة في السياسة الجنائية بالمغرب، تقوم على الحد من العقوبات السجنية القصيرة وتعزيز الطابع الإصلاحي للعقوبة، حيث أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية دورية وجهها إلى مختلف محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، ترمي إلى ضمان تنزيل سليم وموحّد لهذا القانون الجديد. وبحسب الدورية، التي حصل موقع "لكم"، على نظير منها، فقد أولى المجلس أهمية قصوى للدقة في صياغة منطوق الأحكام والمقررات التنفيذية الخاصة بالعقوبات البديلة، مشددا على ضرورة تضمينها كل البيانات الجوهرية: من الهوية الكاملة للمحكوم عليه، ومراجع الحكم الأصلي، إلى تفاصيل العقوبة البديلة وشروط تنفيذها. كما أكدت الدورية على التنصيص الصريح على الجزاءات المترتبة عن الإخلال بالتنفيذ، وفي مقدمتها العودة إلى العقوبة الحبسية الأصلية.
أوضحت الدورية مختلف البيانات الخاصة التي تميز كل نوع من العقوبات البديلة، سواء تعلق الأمر بالعمل لأجل المنفعة العامة، أو المراقبة الإلكترونية، أو الغرامة اليومية، أو التدابير العلاجية والتأهيلية. وتم تحديد بدقة طبيعة الالتزامات الملقاة على عاتق المحكوم عليهم، ومدد التنفيذ القانونية، والآجال الممكنة للتمديد. وشددت دورية المجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن احترام الآجال القانونية لإصدار المقررات، والتبليغات، والبَتّ في المنازعات، يشكل ضمانة أساسية للمحكوم عليهم ولحسن سير العدالة. وقد تم التنصيص على آجال مضبوطة لا تتجاوز عشرة أيام لإصدار المقررات التنفيذية، وثلاثة أيام للطعن في مقررات قاضي تطبيق العقوبات، فضلا عن آجال محددة للمنازعات والإشعارات. من بين التوجيهات الأساسية، دعوة المحاكم، وفق منطوق الدورية ذاتها، إلى تخصيص قاضٍ لتطبيق العقوبات البديلة، بما يتيح له التّفرغ لمهامه في التنسيق مع باقي المتدخلين، خاصة إدارة السجون والمصالح المستقبلة للمحكوم عليهم. كما أكدت الدورية على أهمية التعاون الوثيق بين قضاة الحكم والنيابة العامة والمديرين المؤسساتيين، لتأمين وضوح الالتزامات وسلاسة التنفيذ. ونبهت دورية المجلس إلى ضرورة الحرص على استكمال الملفات الممسوكة من طرف قاضي تطبيق العقوبات بجميع الوثائق والمعطيات الضرورية، مع إحالة نسخة منها إلى المؤسسات السجنية، تفاديا لأي لبس أو صعوبات مستقبلية. كما أكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفق دوريته، أن هذه التوجيهات لا تمسّ باستقلال القضاة في اجتهادهم، وإنما تروم تعزيز جودة العمل القضائي وضمان التطبيق المتوازن للعقوبات البديلة، بما يخفف من الاكتظاظ السّجني ويعزز الطابع الإصلاحي للعقوبة. كما دعا المسؤولين القضائيين إلى موافاته بكل الإشكالات العملية التي قد تعترض التنفيذ، قصد معالجتها ضمن قنوات التّنسيق المؤسّساتي.