منذ اندلاع احتجاجات حركة "جيل زد" في 27 شتنبر الماضي، ما تزال الأرقام حول عدد الموقوفين والمعتقلين في صفوف المحتجين محل تضارب بين الجهات الرسمية والحقوقية، في وقت تتوسع فيه رقعة المدن التي شهدت اعتقالات لتشمل العديد من المدن عبر التراب المغربي. فبينما تحدث بلاغ لوزارة الداخلية بتاريخ 9 أكتوبر عن وضع 409 أشخاص تحت تدابير الحراسة النظرية على خلفية الاحتجاجات، التزمت الوزارة في بلاغها اللاحق الصادر بعد أيام الصمت بخصوص عدد الموقوفين، مكتفية بذكر حصيلة الإصابات في صفوف القوات العمومية والخسائر المادية الناتجة عن بعض أعمال العنف.
"هيومن رايتس ووتش" تقول إنه تم توقيف ما يقارب 1000 شخص، وتقديم قضايا جنائية ضد 270 متظاهرا على الأقل، منهم 39 قاصرا، وما يزال بعضهم رهن الاعتقال. في المقابل، أكدت مصادر من "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، وهي أكبر منظمة حقوقية في البلاد، لموقع "لكم"، أن فروعها رصدت ما يفوق 4 آلاف حالة توقيف في مختلف المدن، أغلبهم أُفرج عنهم بعد ساعات أو أيام من التحقيق، دون أن تتمكن الجمعية بعد من تقديم رقم دقيق لعدد المتابعين في حالة اعتقال. أما هيئة الدفاع عن المعتقلين، فقد قدّر أحد أعضائها لموقع "لكم"، عدد المتابعين الذين ما يزالون رهن الاعتقال بنحو 600 شخص، من بينهم حوالي 120 قاصرًا، بينهم شاب وشابة من ذوي الإعاقة الذهنية. مصادر إعلامية متطابقة تشير إلى أن أحكاما قضائية قاسية صدرت في عدد من المحاكم، من بينها سلا وأكادير والدارالبيضاء، وصلت إلى 15 سنة سجنا في بعض الملفات. وحسب نفس المصادر فقد شملت الاعتقالات أيضًا مدونين ومدونات وناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، وموظفي مطبعة، تم توقيف بعضهم قبل انطلاق الاحتجاجات أو بعدها بتهم تتعلق ب"التحريض على التظاهر" أو "المساس بالنظام العام"، وفق منظمات حقوقية. ويصف مراقبون هذه الاعتقالات بأنها أكبر موجة منذ تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003، حين تم توقيف نحو 12 ألف شخص ومتابعة قرابة 8 آلاف منهم. ويُتوقع، بحسب مراقبين، أن تشهد الأرقام ارتفاعا جديدا مع تجديد حركة "جيل زد" دعوتها إلى استئناف التظاهر مساء السبت المقبل، وسط مخاوف من لجوء السلطات مجددا إلى تفريق المسيرات بالقوة. انتهاك واضح للدستور إلى ذلك، أعربت الحركة عن تضامنها الكامل مع المعتقلين السلميين الذين تم توقيفهم خلال الأيام الأخيرة على خلفية مشاركتهم في التظاهرات السلمية، معتبرة اعتقالهم انتهاكا للدستور. وقالت الحركة في بلاغ لها إن اعتقال مواطنين بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم يمثل انتهاكًا واضحًا للدستور المغربي وللحقوق الأساسية التي يضمنها القانون، محملة الحكومة والأجهزة الأمنية كامل المسؤولية عن هذه الاعتقالات. وطالب شباب "جيل زد" بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، وفتح تحقيق شفاف في التجاوزات التي رافقت هذه العمليات. وأكدت الحركة أن النضال السلمي سيستمر حتى تحقيق المطالب المشروعة في العدالة والمحاسبة والكرامة، معتبرة أن أي محاولة لتكميم الأصوات الحرة لن تؤدي إلا إلى زيادة الوعي والإصرار على التغيير. وجددت الحركة دعوتها للانخراط في احتجاجات السبت المقررة في مدن الدارالبيضاء، والرباط وطنجة ومراكش وفاس ووجدة وأكادير وتطوان ومكناس وآسفي والجديدة وبني ملال.