قال هشام بلاوي رئيس النيابة العامة إن الفترة الأخيرة من تفعيل قانون العقوبات البديلة أبرزت وجود تفاوت واضح في وتيرة تنزيل هذا النوع من العقوبات، تبرزه بجلاء عدد المقررات القاضية بعقوبة بديلة وتوزيعها حسب المحاكم، ما يعني أن الانخراط الجماعي في هذا الورش الوطني لإصلاح السياسة العقابية، لازال يحتاج إلى جهود إضافية لتوحيد الفهم والتعجيل باعتماد العقوبات البديلة بفعالية عالية وفي مختلف تراب المملكة. وأكد بلاوي ضمن كلمة له في الندوة الجهوية المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، اليوم الخميس بالدار البيضاء، حول "العقوبات البديلة"، أن قضاة النيابة العامة مطالبون أن يكونوا خلاقين ومبادرين إلى تقديم ملتمسات واضحة ترمي إلى تفعيل هذه العقوبات عند بسط مرافعاتهم في جلسات الحكم، كما أن بعض الوضعيات التي يتم معاينتها داخل المؤسسات السجنية تقتضي منهم المبادرة إلى اقتراح واستبدال العقوبة الحبسية بعقوبة بديلة في إطار أحكام المادة 22-647 من قانون المسطرة الجنائية.
وشدد على أن قضاة النيابة العامة مطالبون بالانخراط الجاد في التطبيق السليم والعادل للمستجدات التشريعية التي تعرفها القوانين الجنائية الوطنية، ومن تم، فقياس مستوى تنزيل العقوبات البديلة هو معيار علمي لتقييم مدى مبادرة النيابة العامة إلى تفعيل بدائل الإجراءات والتدابير السالبة للحرية. ولفت إلى أن ممثلي رئاسة النيابة العامة يعقدون رفقة ممثلي المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج اجتماعات تنسيقية مستمرة، لتدارس مختلف الحالات التي تصدر بشأنها عقوبة أو أكثر من العقوبات البديلة، مع السعي إلى اقتراح حلول آنية وفعالة لمختلف الصعوبات التي يمكن أن تعطل السير العادي لتنفيذ هذه العقوبات في الممارسة القضائية. واعتبر بلاوي أن الندوة مناسبةً مواتية لتقديم أجوبة وحلول متوافق عليها لمختلف الإشكالات القانونية والعملياتية التي عرضت على الفاعلين القضائيين وغير القضائيين، وذلك وفق مقاربة إلتقائية تستحضر الأبعاد الإنسانية والحقوقية والاجتماعية والمصلحة العامة، وتعكس عن حق مستوى التنسيق والتعاون بين النظام القضائي والنظام الإصلاحي باعتبارهما الركيزة الرئيسة للنهوض بنجاعة العدالة الجنائية ببلادنا، وذلك في احترام لاستقلال السلطة القضائية واختصاصات السلطات العمومية. وسجل أن القانون المتعلق بالعقوبات البديلة أحدث نقلة نوعية في مفهوم العقوبة كجواب على الجريمة، بحيث انتقل بالعقوبة من مجرد وسيلة للانتقام والردع العام والخاص إلى وسيلة للإصلاح والتهذيب، وفرصة لإبقاء المحكوم عليه في وسطه الطبيعي، مع السعي إلى إعادة إدماجه في المجتمع دون تغييب مصالح الضحية ومتطلبات تحقيق الأمن والحفاظ على النظام العام. وأشار أن القانون المذكور أتاح خيارات جديدة بديلا للعقوبات السالبة للحرية، والتي حددها في أربعة أصناف هي: العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الالكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية. كما أسند للنيابة العامة صلاحيات متعددة تمارسها بمناسبة تطبيق أحكامه، بدءًا من التماس العقوبة البديلة عوض العقوبة الحبسية والتفاعل مع الطلبات المقدمة من الأطراف خلال المحاكمة، مرورا بتيسير تنفيذها عبر ترشيد الطعون وتجهيز الملف وإحالته على قاضي تطبيق العقوبات، ثم تتبع ومراقبة سير التنفيذ وصولا إلى الانتهاء منه، ناهيك عما للنيابة العامة من دور هام عند النظر في إمكانية استبدال العقوبة الحبسية المقررة بموجب مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به بعقوبة أو أكثر من العقوبات البديلة.