محمد إنفي اخترت هذه العبارة الشائعة (هاذي في خاطر…) التي تقال في الأعراس الشعبية سواء في المدينة أو في القرية خلال فترة "الغرامة"؛ أي حين حلول وقت تقديم الهدايا المالية للعريس من طرف الأقرباء والأصدقاء والأحباء. وتستعمل أيضا في الحفلات الخاصة حين يتم اللجوء إلى جمع الأموال إما لفائدة فرقة موسيقية أو لفائدة منشط الحفلة أو لأهداف أخرى. وعادة ما يقوم بهذه المهمة شخص له قدرة على التواصل وعلى تحفيز الحاضرين على المساهمة بأريحية. وفي سياقنا الحالي الوطني والدولي، أتتنا هدية قيمة من كاتب وباحث إيراني، تليق بخونة الداخل، تجار القضية وأبواق إيران، والأصح عملاؤها. وكم من مرة نبهنا هؤلاء بأن إيران ليست محور مقاومة وإنما تقود محور المتاجرة بالقضية الفلسطينية. ولنا في المغرب رهط من الأغبياء والجهلة رضوا بأن يكونوا عملاء للنظام الإيراني المجوسي. ورغم كون هذا النظام مارقا وقائما على الكذب والتضليل المتمثل في التقية، فإنهم ظلوا يلمعون صورته ويحاولون النيل من صورة المغرب. لذا يقال في حقهم بأنهم خونة الداخل؛ وهم كذلك. فالذي يصف الديبلوماسية المغربية بأنها فاشلة، والعالم منبهر مما تحققه من انتصارات، فإنما يعبر عن غبائه السياسي ويكشف عن عمالته للخارج (إيران، الجزائر، جنوب إفريقيا…). والركوب على القضية الفلسطينية أصبح مكشوفا، والمتاجرة بها، عرَّتها الهدية التي أتتنا من الكاتب والباحث الإيراني حسن محمودي؛ وهي ليست كالهدايا العادية؛ بل هي هدية من النوع الرفيع شكلا ومضمونا يناسب الخونة وتجار القضية والعملاء والأبواق. وقبل الكشف عن الهدية، أود أن أعتذر عن التأخر في إيصالها إلى المعنيين بها؛ وذلك لظروف شخصية حالت بيني وبين القيام بالواجب. وقد كان بودي أن أوصلها لهم بمجرد أن توصلت بها، لكن الظروف لم تسمح بذلك. وعلى كل، فأن تصلهم الهدية متأخرة خير من ألا تصل. وها أنا ذا أستدرك التأخر الاضطراري لأكشف لهم عن نوع الهدية. الهدية وصلت بتاريخ 18 شتنبر 2025 بواسطة موقع "كواليس اليوم". الباعث بالهدية، هو الكاتب والباحث الإيراني، حسن محمودي، كما أشرنا آنفا. وقد توصلت بها معبأة وملفوفة بعناية فائقة، كُتِب على ظهر علبتها ما يلي: "كيف خان النظام الإيراني القضية الفلسطينية مجددا في الأممالمتحدة؟". وكلمة "مجددا" لها حمولة تاريخية وسياسية وأخلاقية. فغلاف الهدية يفيدنا بأن خيانة النظام الإيراني للقضية الفلسطينية، ليست طارئة ولا عابرة؛ بل هي متأصلة فيه ومتجذرة كما هي متأصلة ومتجذرة في خونة الداخل. وخيانة إيران ليست سلوكا ملتبسا أو صفقة من تحت الطاولة؛ بل هي معلنة مجددا على رؤوس الأشهاد في الأممالمتحدة، أو كما جاء في هدية حسن محمودي "خيانة معلنة في وجه الإجماع الدولي". ودائما حسب مضمون الهدية، فقد كشفت هذه الخطوة عن الوجه الحقيقي لنظام طهران الذي "عارض قرارًا دوليًا حاسمًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعم حل الدولتين، متخليًا عن شعاراته المزيفة التي طالما روّج لها دفاعًا عن القضية الفلسطينية. يوم الجمعة 12 سبتمبر، صوتت 142 دولة لصالح 'إعلان نيويورك'، الذي يقدم خارطة طريق ملموسة ومحددة زمنيًا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بينما وقف نظام خامنئي مع 10 دول فقط في معارضة هذا القرار التاريخي" (حسن محمودي). ويضيف صاحب الهدية بأن هذا الموقف، هو "طعنة جديدة في ظهر القضية الفلسطينية التي ادعى النظام دعمها لعقود". وقد قدم مندوب إيران في الأممالمتحدة تبريرا واهيا لرفض القرار الدولي الذي تمخض عن "إعلان نيويورك" المصاغ في مؤتمر دولي برعاية السعودية وفرنسا. فهل لا زال هناك شك في خيانة إيران للقضية الفلسطينية؟ وعلى كل، فهذه الخيانة هي "امتداد لسياسات النظام الإيراني التي استهدفت تقويض القضية الفلسطينية عبر عقود" (حسن محمودي). ويؤكد هذا الأخير بأن لإيران "تاريخ من المؤامرات ضد فلسطين"، وأكد كذلك بأن "الهالك أمير عبد اللهيان، وزير خارجية النظام قد كشف، قبل عامين عن موقف صادم حين أعلن أن إيران وإسرائيل تتفقان في رفضهما لحل الدولتين". ويؤكد نفس الكاتب بأن النظام الإيراني يقوم بدور مدمر في المنطقة، إذ نجح هذا النظام في أقل ثلاثين عاما "في إلحاق ضرر بالعالم العربي يفوق ما فعلته إسرائيل في أكثر من 70 عامًا" حسب ما جاء في مقال لصحيفة "العرب" اللندنية خلال الحرب على غزة. خلاصة القول، من يعتقد بأن إيران مثلت يوما ما محورا للمقاومة، فهو أغبى من الغباء؛ ومن يعتقد بأنها وقفت في مرحلة ما بجانب الشعب الفلسطيني لحمايته والدفاع عن قضيته، أو قدمت له مساعدة ملموسة لتحسبن حياة الفلسطينيين، فهو واهم وساذج وجاهل تمام الجهل بالنظام الإيراني. وخونة الداخل عندنا يجمعون بين كل هذا وأكثر. أتمنى أن تجعلهم هذه الهدية يستفيقون من غفلتهم ويدركون حقيقة أمرهم وحقيقة وطنهم ويبتعدون عن الولاء للأجنبي الذي لن ينفعهم في شيء، ما عدا إن كانوا قد باعوا أنفسهم لمن يدفع أكثر، سواء كانت إيران أو الجزائر أو أية دولة تعادي المغرب. مكناس في 21 أكتوبر 2025