منذ أكثر من سنة تلقيت اتصالا هاتفيا غريب جدا من رجل غريب, كثير الأسئلة و متعطش للأجوبة و بينه و بين نفسه يعتقد أنه الجنرال "جيورد " وله السلطة ليعلم عني أشياء شخصية لم اقر بها لأناس "يجمدون الماء " حتى اقر بها للمقدم إذا سألني إذا ما كنت نقابيا أو متحزبا أو أنتمي لجماعة من الجماعات "اللي كاتوقف الشعر للمخزن". «هنالك عرفت أنه يتحدث عن " الياسينيين " أي جماعة العدل و الإحسان فلم أجب على أي من هذه الأسئلة التافهة غير ذلك السؤال الختامي اذ سألني إذا ما كنت قد حصلت على الباكالوريا او الاجازة فأرحته أنه لن يتسنى لي الاعتصام مع المعطلين أمام العمالات من أجل بعض الاختبارات التي يجتازها خمس ضمن 900 معطل ... لن أكون ضمن هؤلاء الذين أصبحوا عبئا على المجتمع بفضل الزبونية, بفضل ابن فلان و ابن فلانة.... لن.... لم أكمل كلامي حتى أغلق في وجهي السماعة فتحول غضبي إلى ثورة في داخلي ليس لأنه قطع الخط ف"العيب على الجمل إذا صعد إلى السطح أما القطط فتلك عادتها " بل لأنه حرك سكينا كان مغروسا في ذاتي. ....أما هذه السنة فقد كان السيناريو مخالفا إذ لم يكتفي المقدم بالهاتف بل لجأ إلي طرق الباب ليخبر عائلتي أني سأسافر لأحظر جنازة المرشد عبد السلام ياسين بمسجد السنة بالرباط و أنه من الأفضل أن ألغي سفري لأصبح ظريفا في نظر "الباشا" كالمقدم الذي يستلطفه عندما ينتهي من ترتيب أغراضه الخاصة في منزله"كالجاريات" . هذه الاحتكاكات مع "المقدم" ألفتها و لا ألومه بقدر ما أحتقره عندما يقتحم الحياة الشخصية لأناس كانوا ينتظرون منه أشياء أكثر أهمية كانوا ينتظرون منه أن يخبرهم بمباريات تمر مرور البرق و لا يراها غير من لهم أعين ضخمة تلتقط الأحرف بمجرد كتابتها و نحن آخر من يقرأها إلي حين تخرج المترشحين. كانوا ينتظرون منه أن يأتي نسائنا " بالبون ديال فارينة " دون أن ترقص بردا في الملعب البلدي.... لكنه لا يتعب نفسه في مثل هذه الأشياء التي تهمنا أكثر من "الخطيات" التي يهرول بها إلينا " هادشي فاش حادك" . "تكايس المقدم راه الموس وصل العظم " ولم يعد بداخلنا زاوية خالية لتضيف همومك وتزيد الطين بلة, فلو أردت شيئا من متاع الدنيا على حساب كرامتي وشرفي فالطرق كثيرة لتحقيق المبتغى. لكن والحمد لله أعرضت عن هذا وفضلت أن امسح جبيني, و أكسب رزقي بالعمل الشريف. و لا أأسف على نفسي بل أأسف على من اختار البقاء على مشارف الهاوية كيلا يخسر مركزه و كرسيه الخشبي فتضيع منه المتعة. هؤلاء ليس بيني و بينهم كلام و الله حسيبهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.