وأخيرا إنقلبت الأمور وأصبحت ثريا بين شهر و آخر و تخلصت من القروض و فوائدها التي تحبس أنفاسي أمام من أدين منهم. تخلصت من دراجتي النارية التي أسوقها دون تأمين ولم أعد أنسلت بين الأزقة و الشوارع لأراوغ الشرطي المختبئ في المنعرجات. تخلصت من استلطاف الباشا,ليدعني أكمل ترميم منزلي اللعين ؛وعاد بإمكاني العيش في الأحياء الراقية حيث يستقبلك الكلاب عند الباب الخارجي . تخلصت من الوقوف أمام الباشوية في انتظار أن يمدني أحد من أصحاب رابطات العنق "بالبون ديال فارينة" كي لا أعود للبيت خاوي الوفاض و تبدأ الزوجة بالعتاب كما لو كان الأمر بيدي فامتنعته . تخلصت من تأبط ملف بطاقة الرميد التافهة ومن المستشفي الحكومي حيث أنتظر الطبيب و مجيئه الذي يساوي عدمه من أجل حقنة الحمى لإبني ...ومن نظرات حارس المستشفى لجيبي المتقوب ... تخلصت من قهوتي السوداء في المقاهي الشعبية مع البؤساء, ومن الإستماع لمحنهم اليومية و كذا أحلامهم التي من المفروض أن تكون حقوقهم.... تخلصت من عملي الممل و المتعب,وجاء دوري لإستثمر أموالي في صنع الفنادق و "البارات" خارج الميدان الحضري حتي لا يتقل مكتب الضرائب كاهلي مرة أخرى بالمراسلات.... تخلصت من الإحتجاجات أمام العمالة مع نساء حارتي من أجل تزويدنا بأنابيب الصرف الصحي أو كما سماها الرئيس على المنصة الشرفية في الإنتخابات "القواديس"... حتي لا أضطر قضاء حاجتي البيولوجية قرب الوادي وأنا الذي تفاؤلت خيرا عندما أخبرونا أننا ننتمي للمجلس البلدي ... تخلصت من شهر مارس وجاء أبريل لأتمكن من الكذب مثلهم كما لو كانوا في باقي الأشهر صادقون.