لا أحد يمكنه نفي مدى عمق الارتباط التاريخي والجغرافي بين سكان جماعتي "أموكر" و"آيت يحيى" وباقي سكان الجماعات المشكلة لدائرة "إملشيل"، كما لا يمكن لأي باحث أن يتنطع على أهمية المجال والقبيلة في تحديد الانتماء ونبذ الصراع (ليس دائما) في مجال كان فيه الانسجام "وسيلة من وسائل الانتاج". غير إن هذا الإنتماء الذي انتفت فيه الشروط التاريخية التي أوجدته، قد صار اليوم ثانويا في تدبير وتسيير مصالح الساكنة من عدمها، وذلك بانتقال الحيثيات المرتبطة به بشكل تطوري صاحب تغير العلاقات وظروف العيش وفق سياقات جديدة وأطاريح عديدة، وأصبح من اللازم مراعاة جوانب أخرى تتجاوز خيوط الانتماء وخطوط الولاء نحو جوانب من العقلنة ومن القرارات السليمة، والمثال هنا نسوقه من واقع شريحة هامة من جيلنا وطاقاتنا المستقبلية والمتمثلة في تلامذة كل من جماعتي "أموكر" و "آيت يحيى". في البداية : ظل الارتباط الإداري بدائرة "إملشيل" حبرا على بطاقة التعريف الوطنية لا غير، إذ لم يشكل يوما حجة لإقصاء ساكنة الجماعتين من قضاء مصالحها وأغراضها الكاملة بمدينة "الريش" القريبة، ولم تكن هنالك ذريعة الانتماء الإداري لرفض استقبال تلامذة الجماعتين إلا مع بداية الألفية الثالثة، فكل الأجيال التي سبقت الموسم الدراسي 2001 2002 قد اتجهت نحو مدينة "الريش" لمتابعة مسارها الدراسي دون قيد الانتماء لدائرة "إملشيل"، وقد شمل ذلك أيضا تلك الأفواج التي واكبت تدشين إعدادية "إملشيل" التي تكفلت باستقبال تلاميذ باقي الجماعات المشكلة لها دون تلاميذ جماعتي "أموكر" و "آيت يحيى". غير إنه ومع هذا الموسم الدراسي تحديدا، وبحجة هذا الانتماء تارة وتخفيف الاكتظاظ تارة أخرى، كان من الضروري إلحاق مجموعة من تلامذة الجماعتين بإعدادية "إملشيل"، وقد مورس "حق المنحة" الذي حرموا منه كضغط على آبائهم لدفعهم والحالة المادية المزرية لجلهم على طلب الانتقال، والذي تأتى لهم بعد تدخل بعضهم لدى النائب الاقليمي حينذاك "موحى . ب" (نيابة الرشيدية)، متجهين نحو إعدادية "إملشيل" التي تبعد عن بعضهم بأكثر من 120 كلم، في حين إن المسافة التي تفصلهم عن إعدادية "أبي سالم العياشي" أقصر من حبل الوريد !!!، ليبدأ مسلسل غير متناهي من الهدر المدرسي لا زالت حلقاته سارية المفعول حتى اليوم . لقد تسبب هذا القرار الذي أقل ما يمكن وصفه ب "العشوائي" في انقطاع شبه كلي لجيل بكامله عن الدراسة، ولتدارك ذلك، عملت النيابة على إلحاق الفوج الموالي (2002 2003) بإعدادية الريش من جديد، وذلك في انتظار تكملة أشغال "إعدادية أموكر" التي سترى النور عاما بعد ذلك، وهو الفوج الذي سيتلحق بعد تخطيه عقبة السلك الإعدادي بأموكر بثانوية إملشيل كثاني فوج من هاتين الجماعتين بعد الفوج الأول الذي عرف عشرات الانقطاعات عن الدراسة، لتتوالى باقي الأفواج منذ إذاك.... اليوم... وبعد توالي الأفواج وتزايد الوعي بأهمية العملية التعليمية التعلمية، بدا واضحا إن نفس العقبات لا زالت هي هي، وإن شريحة هامة من أبناء جماعتينا لا زالت تدفع ضريبة الإنتماء الإداري لدائرة "إملشيل" تعليميا نقصد دون مراعاة الشروط الموضوعية التي يمكنها أن تؤدي إلى التقليل من تبعات ذلك، ومن ثمة انحدار نسبة الهدر المدرسي عند الإناث كما الذكور، فلا البعد الجغرافي كفيل بإقناع صناع القرار بالعدول عن التمسك بمبررات ودوافع واهية يمليها خيط الانتماء (دون الأخذ بعين الاعتبار محددات البعد والطقس والمناخ )، ولا البعد الاجتماعي المتمثل في تقريب الإدارة من المواطن والثانوية من التلميذ، وهذا الأخير من عائلته وقريته ضمانا واطمئنانا على تحصيل علمي سليم وناجع، ليكون قريبا من المواكبة والمواظبة بعيدا عن إمكانية أي انحراف أو مواربة، ولا البعد النفسي التربوي (الذي يعد لبنة في أي تعلم ) كفيل بوضع حد لمعاناة عشرات التلاميذ في ثانوية تعرف بدورها مشاكل متراكبة، لتزداد تراكبا على أدبيات الوحشة والبرد والبعد و مرادفات من معاناة متراكمة. إن هذه البنية البئيسة التي تحيط بالمسار الدراسي لهؤلاء التلاميذ، والتي نتجت أولا عن إلحاقهم بثانوية بعيدة عنهم، وإبعادهم عن ثانوية أقرب (ما هو متاح) هي ما يدفع الكثير منهم لاختيار تخصص آخر ولو عن غير قناعة بعيدا عن التخصصين الأدبي والعلمي اللذين يحتمان عليه الالتحاق مباشرة وجبرا بثانوية آيت حديدو، تخصص قد يضحي بصاحبه في خانة الانقطاع نهائيا أو قد يضحي به صاحبه سنة بعد ذلك أو سنتين، ليغير ويعيد اختيار ما كان قد رفضه سابقا، فقط ليتجنب مآسي ناتجة عن الانتماء الإداري ليس إلا. ما الحل وما البديل ؟ البديل الأول: ليست المطالبة بإحداث ثانوية قريبة من الساكنة بجرم قانوني وليست المطالبة بتوفير الشروط البيداغوجية لذلك بوصم اجتماعي، فالساكنة المستهدفة تتجاوز 9400 نسمة (عدد ساكنة جماعتي أموكر و آيت يحيى) وهو رقم ليس بالسهل ( سياسة القرب قد تضيف إليها بعض قرى جماعة أوتربات وقرية على الأقل من جماعة سيدي حمزة) من أجل بناء ثانوية عن قرب تساهم في محاربة الهدر المدرسي بشكل ناجع، وذلك عوض قطع مسافة طويلة جدا وما يرتبط بها من أنساق سوداوية المبدأ والنتيجة عند شريحة كبيرة من ناشئتنا. البديل الثاني : يعد البديل الثاني خيارا تقليديا عليه وجدنا آباءنا، ويتمثل في متابعة الدراسة في مدينة الريش مباشرة بعد النجاح من الإعدادي ب"أموكر"، وذلك تبعا لعامل القرب والنقل والمصالح والجغرافيا وغيرها من العناصر التي نراها إجابية جدا، مقارنة بعوامل أخرى خلفها الاستعمار وسارت على نهجه سياسة المركزية والتمركز البيروقراطيين، تلك السياسة التي حاولت ""الحكامة"" الجديدة تجاوزها بإشراك المجتمع المدني في التدبير والتسيير والمشاركة في صياغة ورسم أهداف تخدم مصالح الساكنة، وهو المجتمع المدني الذي نراه أولى بالمطالبة والتكتل والتعاون تحقيقا لهذه الغاية التي نراها نبيلة وذات أولوية.... يوسف أوقسو..................................... Youssef Oukssou:Face