وزيران يتدخلان بالفرنسية في منتدى برلماني بالعيون ورئيس جهة يرفض الحديث بغير العربية أو الحسانية    المغرب يحتفي بنخبة البكالوريا 2024-2025    في ندوة دولية بالداخلة.. مجاهد يحذر من مخاطر التضليل الرقمي ويدعو إلى ترسيخ الممارسة الصحافية الأخلاقية    اندلاع 111 حريق غابات منذ مطلع عام 2025 التهمت 130 هكتارا    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    انطلاق منافسات القفز على الحواجز للحرس الملكي تحت الرعاية الملكية بالرباط    رئاسة النيابة العامة تنظم دورة تكوينية لتعزيز قدرات القضاة المكلفين بالأحداث    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    مصرع ضباط جزائريين في طهران.. حادثة تكشف خيوط التعاون السري بين الجزائر وإيران    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    بتنسيق مع "الديستي".. توقيف 10 أشخاص ضمن شبكة للاتجار بالمخدرات في الناظور    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأرصاد تحذر من موجة حر تصل إلى 45 درجة تمتد إلى غاية الثلاثاء    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    وفاة طبيبة شابة في طنجة بعد سقوط مروع من سطح منزل قرب مستشفى محمد الخامس    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    غوتيريش يستقبل آمنة بوعياش بنيويورك لتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القرار الدولي    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    كوت ديفوار تعبر عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تندوف وتطالب بإحصاء سكان المخيمات        ديغات: المغرب يوفر للاجئين بيئة داعمة .. والموارد الأممية محدودة    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    انتقادات تلاحق هدم السكن الجامعي لمعهد الزراعة والبيطرة ومخاوف من تشريد 1500 طالب    قرض أوروبي بقيمة 110 مليون أورو لإنعاش البنية الصناعية بإقليم الناظور    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    مندوبية التخطيط: معدل التضخم خلال ماي سجل ارتفاعا ب0.4 في المائة    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي        تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاب بين عبث العابثين و حكم رب العالمين
نشر في محمدية بريس يوم 07 - 01 - 2010

الفقه الإسلامي مرتع خصب للاختلاف المنضبط بقوانين الشرع و العقل،هذه هي النتيجة التي يستخلصها المشتغلون بهذا العلم الإسلامي الخالص الأصيل،و قد اعتنى سلفنا الصالح بهذا العلم حتى سمى أحدهم ثقافة الأمة الإسلامية ب "ثقافة الفقه"،و قوله هذا على درجة كبيرة من الصحة،فكل العلوم الإسلامية أو لنقل جلها كانت في خدمة الفقه،كعلم أصول الفقه مثلا و هو مبحث ابستمولوجي كانت غاية واضعه -الإمام الشافعي رضي الله عنه- التنظير لهذا العلم،حيث قام
بوضع مجموعة قواعد و أصول "تعصم" العقل المشتغل في ميدان الفقه من الخطأ،بل حتى العلوم التي أنتجها العقل الاسلامي ذات الطابع الرياضي العقلي البحت كجبر الخوارزمي وظفت في الفقه،و في هذا الصدد يأبي الخوارزمي إلا أن يعترف بأنه اكتشف علم الجبر من أجل حاجة الفقه و الفقيه له،يقول رحمه الله في مقدمة كتابه "الجبر و المقابلة" أنه أسس علم الجبر من أجل "ما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم و وصاياهم و مقاسماتهم و تجاراتهم"،و مما له دلالة خاصة التعريف الذي قدمه أحدهم للجبر حيث يقول : "صناعة من صناعات الحساب و تدبير حسن لاستخراج المسائل العويصة من الوصايا و المواريث و المعاملات و المطارحات"، و هذا الاعتناء الكبير بهذا العلم إن دل على شئ فإنما يدل على أهمية هذا العلم بحيث لا يتجرأ على القول فيه كل من هب و دب من العامة و الدهماء،كيف لا و المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية إنما هو موقع عن رب العالمين،و قد وضع الأصوليون شروطا لمن يتصدى للإفتاء يمكن أن نقول بأنها "تعجيزية" في عصرنا،يقول العمريطي رحمه الله في نظمه لورقات إمام الحرمين الجويني :
وَالشَّرْطُ فِي الْمُفْتِي اجْتِهَادٌ وَهْوَ أَنْ **يَعْرِفَ مِنْ آيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَنْ
وَالفِقْهِ فِي فُرُوعِهِ الشَّوَارِدِ**وَكُلِّ مَا لَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ
مَعْ مَا بِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ الَّتِي** تَقَرَّرَتْ وَمِنْ خِلَافٍ مُثْبَتِ
وَالنَّحْوِ وَالأُصُولِ مَعْ عِلْمِ الأَدَبْ **وَاللُّغَةِ الَّتِي أَتَتْ عَنِ الْعَرَبْ
قَدْراً بِهِ يَسْتَنْبِطُ الْمَسَائِلَا ** بِنَفْسِهِ لِمَنْ يَكُونُ سَائَلا
مَعْ عِلْمِهِ التَّفْسِيرَ فِي الآيَاتِ **وَفِي الْحَدِيثِ حَالَةَ الرُّوَاةِ
وَمَوْضِعَ الِإجْمَاعِ وَالْخِلَافِ ** فَعِلْمُ هَذَا الْقَدْرِ فِيهِ كَافِ
لكننا رغم ذلك نجد أقواما أبوا إلا أن يضربوا عرض الحائط هذا الإرث العظيم لسلفنا،و استسلموا للذوق و جعلوا منه مقياسا في "استنباط" الأحكام،و هذا حال العلمانيين في البلاد الإسلامية .
الاحتكام إلى الذوق هو المعيار الحقيقي لهؤلاء في تقييم الأشياء،و هم لا يخجلون بعد ذلك من رفع شعار "العقلانية" في انتهاك صارخ لحرمة العقل،و مما له دلالة خاصة بهذا،ذلك الضجيج و الصخب الذي يحدثه القوم من أجل المناداة بضرورة نزع المرأة لتلك القماشة التي تضعها فوق رأسها تقربا إلى خالقها،معلنة بذلك تمردها على "ثقافة" العري رافعة لواء العفة و الحشمة.إنه من أجل التشريع للخزي و الدياثة تسمع صيحات العلمانيين و الحداثيين الآتية من كهوف مظلمة مكتوب على أبوابها "نحن معشر عباد الهوى"، و ضوضاء يهز كل الأرجاء محدثا طنينا مدويا،وبهذا يكون العلمانيون قد أتوا على بيوتهم الزجاجية من قواعدها إذ هم الذين جعلوا من الحرية -المبدأ المقدس طبعا- دستورا لحياتهم و نبراسا لتصرفاتهم،تلك الحرية التي لا ينبغي لأحد أن يمسها وإلا فويل له من الإرهاب العلماني، فأي سكيزوفرينا فكرية أصيب بها معشر بني علمان عندما يصادرون حرية النساء في لبس الحجاب أو حتى النقاب !
إن للعلمانيين طرق خبيثة في محاولاتهم الماكرة لمسخ هوية أمتنا الإسلامية،أهمها تغييب دور العلماء الربانيين و التقليل من شأنهم،و كذا ازدراء تراثنا العظيم الذي خلفه أجدادنا،و إحلال علوم أخرى لا قيمة لها في مجال الدين،بل إنما توظف خصيصا لهدم ديننا،فلا تستغرب و أنت تسمع لمن تولى كِبر الدفاع عن العري المدعو "بوهندي" يقول بسفسطائية تثير الضحك إن الحجاب مجرد مظهر ديني و ليس من الدين،و بأن اللباس يختلف من منطقة إلى أخرى تبعا لما هو ثقافي و اجتماعي و نفسي و اقتصادي... !!! لذا فلا بأس أن يتعرى الناس –تبعا لمنطقه- في أدغال إفريقيا مادام ذلك العري من ثقافتهم !!! أي عبث علماني هذا؟
و هو بهذا يجعل من الثقافة مكونا من مكونات الدين في الوقت الذي يدعو فيه إلى ضرورة الفصل بين ما هو ثقافي و ما هو ديني.فمتى يعي العلمانيون بأن الإسلام جاء بكليات واجب على كل مسلم الالتزام بها،
و في الوقت نفسه لم يدع لمسخ الخصوصية الثقافية للشعوب،إذ لابأس في أن تحافظ المجتمعات على ثقافتها و تضفي على الأحكام الشرعية صبغتها الثقافية،بل قد يكون العكس هو المذموم،فمثلا هجر لباس أصحاب البلد و تقليد الغير -كما يفعل من يرتدي لباس الأفغان في المغرب- لا شك في قبح تقليده.و الحجاب شروطه معروفة في كتب الفقه،و لا ينبغي للمؤمنة أن تخل بهذه الشروط،و أما اختلاف المظاهر الثقافية بخصوص طبيعة اللباس من منطقة إلى أخرى فلا تضر ما لم يتم الإخلال بجوهر هذه الشروط،و هي ثمانية نذكرها هنا من باب "ذَكِّرْ"،،و ننبه على أنها عامة و تشمل سائر المؤمنات بدليل قوله تعالى : "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" و هذا ما أجمع عليه علماء الأمة في كل عصر،و نصوا عليه في كتبهم الفقهية باختلاف مذاهبها (المالكية،الشافعية،الحنبلية،الحنفية،...)، و إن لم يكن ثمة دليل على وجوب الحجاب إلى إجماع الأمة عليه لكفى به دليلا،إذ الإجماع حجة عندنا لقوله صلى الله عليه و سلم "لا تجتمع أمتى على ضلالة".
الشرط الأول : أن يستوعب سائر الجسد إلا ما استثني.
و المقصود بالاستثناء هنا الوجه و اليدين و هو الراحج كما دلت على ذلك الأدلة النيرة الواضحة،و إن كان هناك من يقول بوجوب ستر الوجه و اليدين،و قوله لا ينبغي أن ينكر،فإن الاختلاف فيه يدخل في إطار ما يسميه الفقهاء ب "الاختلاف المعتبر"،و لا ينبغي الالتفات إلى من يستهزئ بالنقاب من المغفلين و الجهلة،فيحمله ورعه الزاهد للاستهزاء بأحكام الله فيطلق العنان للسانه واصفا المنقبات ب "نينجا" أو "خيم متنقلة"..و لا يلتفت كذلك إلى من تعصب و تشدد في وجوب النقاب حتى حمله ذلك على تشبيه من كشفت وجهها بمن كشفت فرجها –كما يقول أحدهم-.
و هذا هو موضع الاختلاف بين أهل القبلة،و لأنه خلاف معتبر لابد لصدورنا أن تتسع لقبوله، بحيث نناقشه نقاشا علميا منضبطا بالقواعد الفقهية،و يسعنا ما وسع سلفنا،و إن كان الواجب علينا أن نطويه خاصة و أنه يثير الفتن في صفوف المسلمين،حتى إنه لا يخلو منتدى إسلامي من مشاحنات و مطاحنات حول حكم النقاب.
و أما باقي الشروط فمحل إجماع الأمة و هي :
الشرط الثاني : أن لا يكون زينة في نفسه لقوله تعالى : "و لا يبدين زينتهن"
الشرط الثالث : أن يكون صفيقا بحيث لا يشف و لا يكشف،و ثمة حديث في صحيح مسلم يتوعد الكاسيات العاريات.
الشرط الرابع : أن يكون فضفاضا غير ضيق،لأن ذلك من شروط الستر.
الشرط الخامس : أن لا يكون مطيبا مبخترا لقوله صلى الله عليه و سلم : "إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا" رواه النسائي و صححه الألباني في كتابه جلباب المرأة المسلمة.
الشرط السادس : أن لا يشبه لباس الرجال،لورود أحاديث صحيحة –صححها الإمام المحدث ناصر الدين الألباني في كتابه "جلباب المرأة المسلمة"- تلعن المتشبهات بالرجال.
الشرط السابع : أن لا يكون لباس شهرة،و هذا تماشيا مع روح الإسلام في الدعوة إلى إخلاص العمل و ترك ما أريد به سمعة و شهرة،يقول صلى الله عليه و سلم : "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله لباس مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا".
الشرط الثامن : أن لا يكون فيه تشبه بلباس أهل الكفر،و ذلك حفاظا على خصوصية المجتمع الإسلامي و تميزه عن باقي الأديان.
و ختاما،فإن حرص الإسلام على حفظ الأعراض كضرورة من الضروريات و مقصد من مقاصد الشريعة،لا يقوم إلا بإحاطته بمجموعة من الأحكام تشكل حصنا منيعا لحفظ العرض و الشرف،لذلك نجد الإسلام يلح على ضرورة ارتداء النساء للحجاب، لكون نقيضه -التبرج و السفور- بمثابة بريد للزنا و بالتالي لهتك العرض،إن الإسلام يدعو لحياة الطهارة بينما يدعو الحداثيون لحياة العهر و الدعارة،فمن أولى بالاتباع؟
يقول تعالى "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَ نْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.