صادرات قطاع الطيران في المغرب تبلغ أزيد من 5,8 مليار درهم خلال الشهور الثلاثة الأولى من 2024    "حماس" تواصل المفاوضات مع إسرائيل    عرض وثائقي حول الذكرى ال 50 لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي ودور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    وزارة الشباب والثقافة والتواصل تصدر وثائقيا يسلط الضوء على 6 ألوان فنية شعبية بضفاف وادي درعة    مرصد: انفراد الحكومة بصياغة قانون الإضراب وإصلاح التقاعد قد يعصف بالاتفاق الاجتماعي ويزيد من منسوب الاحتقان    بوريل يحث إسرائيل على عدم المضي في اجتياح رفح    اسبانيا .. عدد العمال المسجلين في الضمان الاجتماعي يتجاوز 21 مليون    البوليساريو كتلمح لعدم رضاها على دي ميستورا و كتبرر عدم انخراطها فالعملية السياسية بعامل الوقت    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    ألمانيا تنتقد إغلاق إسرائيل قناة "الجزيرة"    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    فيلم "أبي الثاني" يحصد جل جوائز مسابقة إبداعات سينما التلميذ بالدار البيضاء    المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب ل"رسالة24″: لم نتلق أي دعوة رسمية من رئيس الحكومة بعد …    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    متجاوزا الصين واليابان.. المغرب يصبح المورد الرئيسي للاتحاد الأوروبي في قطاع السيارات    ‮«‬حلف ‬شمال ‬إفريقيا‮»‬ ‬بديلا ‬للاتحاد ‬المغاربي    الدورة الأولى من مهرجان مشرع بلقصيري للسينما    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    بطولة اسبانيا: بيتيس يعزز حظوظه بالمشاركة القارية    يهم نهضة بركان.. الزمالك المصري ينهزم قبل مباراة نهائي كأس "الكاف"    عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، و دول غربية تتصدى بالعقوبات    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    عندها الزهر لي كيهرس الحجر.. مرا ربحات 2 مرات فالقمر فقل من 3 شهر    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية    العفو الملكي    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    الأرشيف المستدام    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليلية.. الحدود التي تسحق الرجال
نشر في ناظور24 يوم 04 - 02 - 2014

أحد المهاجرين السريين يحمل سلما في انتظار أن تسنح الفرصة لاقتحام السياج المحيط بمليلية
ب«هجمات» في محاولة لاقتحام السياج المحيط بمليلية. إنهم المهاجرون الأفارقة الذين يختبئون في جبل «غوروغو» المطل على المدينة المحتلة . ذهب طاقم ل«أورنيوز» للقائهم في السر حتى لا يثير انتباه الشرطة المغربية التي كانت تقوم بتمشيط المنطقة.
«يتواجد رجال الشرطة بلباس مدني في كل مكان»، يقول لنا مهاجر إفريقي، مضيفا:»إنهم ينتظروننا». جاؤوا من مالي ومن الكاميرون، ومن كوت ديفوار، أو من النيجر. البعض منهم يوجدون هنا منذ سنوات. والكثير منهم أصيبوا بجروح خلال محاولاتهم المتعددة من أجل عبور الحدود، وبقوا أحياء بفضل إحسان سكان القرى المجاورة، ولكنهم مستعدين لكل شيء من أجل تحقيق حلمهم.
«ليس الأمر سهلا»، يعترف أحد الذين جاؤوا من الكاميرون، ويدعى «كلود غيوم ديبوند» قبل أن يضيف: «يعرضوننا للقتل خلال محاولاتنا دخول مليلية، ونتعرض للضرب، رغم أننا نعيش مثل هذا البؤس»، يصمت قبل أن يواصل «نحن ملزمون القيام بذلك. ولا يمكننا أن نتراجع، لأننا تركنا عدد كبير من الأشخاص يعيشون قي الفقر من أجل حياة جديدة. يجب علينا أن نحاول»، ويقول رفيقه في الحظ العاثر، توري لاسينا من كوت ديفوار: «يجب أن نخاطر. وإذا لم أدخل إلى مليلية، فإن شعري سيشيب وسيصبح لونه أبيض هنا. فأنا ملزم بالدخول إلى أوربا»، ثم يضيف «إن أوربا هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يغير حياتي حاليا.» تختفي المجموعة بسرعة، بعد هذا الحوار. أصبح من الضروري علينا مغادرة المكان دون أن نتمكن من الصعود إلى معسكر المهاجرين السريين في أعلى التل.
توجد الشرطة المغربية على أهبة الاستعداد، وفي حالة يقظة. الوضع يزداد خطورة بالنسبة إليهم. دقائق بعد ذلك، التقينا دورية رأيناها تلاحق وتطارد، ثم تعتقل بشكل عنيف عدة مهاجرين سريين. من المستحيل علينا التدخل أو تصوير ذلك، دون خطر التعرض لمصادرة معداتنا، غير أننا تمكنا من التقاط بعض الصور عن طريق الهاتف المحمول.
تعتبر مليلية، هذه الأرض الصغيرة التي تبلغ مساحتها 12 كيلومتر مربع، وإلى جانبها سبتة، النقطة الوحيدة للعبور البري بين إفريقيا وأوربا. وهي حدود محمية بسياج علوه سبعة أمتار، ويمتد على عشرات الكيلومترات، تم تمويله من طرف الإتحاد الأوربي. ومن شأن إضافة أسلاك شائكة مزودة بشفرات حادة في قمة السياج، أن يجعل اجتياز هذا الجدار المعبأ بأجهزة الاستشعار وبالرادارات والكاميرات دائما أمر مستحيل.
اقتحام جماعي
يوم 17 دجنبر الماضي، تمكن المئات من المهاجرين السريين التسلل من فوق السياج خلال عملية اقتحام مثيرة للدهشة. اعتقل الكثير منهم، وتم ترحيلهم إلى المغرب من طرف الحرس المدني الإسباني، فيما تمكن المئات منهم من الوصول إلى مركز الاستقبال المؤقت للمهاجرين في مليلية. فهذا المركز المخصص لحوالي 500 شخص فقط، يستقبل قرابة ضعفي هذا العدد.
وصل سيكو تراوري والعديد من أصدقائه الذين جاؤوا من غينيا-كوناكري إلى المركز يوم 5 نونبر الماضي. وحكوا لنا كيف لم ينجح أحد أصدقائهم في عبور الحدود: «صعد هذا الرجل على السياج قليلا، ولكنه لم ينجح في بلوغ قمته، ليسقط أرضا قبل أن يموت هناك.»، ويؤكدون أن «من أصل 320 شخصا قاموا بمحاولة عبور السياج، تمكن 120 من الدخول إلى مليلية، فيما قام الحرس المدني بإخراج أكثر من 30شخصا.» ويوضح لنا هيلير فوميزو، مهاجر من الكاميرون، أنه قضى سنتان في غابة غوروغو.
«رأيت فيها ما تعنيه المعاناة نفسها. كنت أتناول تقريبا أي شيء. كنت أفتش داخل صناديق القمامة لكي أجد لي شيئا للأكل»، قال بنبرة تغلب عليها الحسرة، قبل أن يضيف «أفكر في إخواني الموجودين في الجانب الآخر من الحدود، وأشكر الله الذي ساعدني على أن أكون موجودا هنا، لأنهم يعاملونني بشكل جيد». يطمئن أسرته بقوله: «أعد أسرتي وأصدقائي بأن أصارع الحياة من أجلهم، وسأمنحهم كل شيء كيفما كان الألم الذي سيكون علي أن أتحمله في هذا الجانب، من أجل ضمان مستقبلي ومستقبل أطفالي.»
التقينا مهاجرا من مالي، وقال لنا بأنه فر من الحرب: «إني يتيم الأب والأم، ولم يبق لي سوى شقيقة صغيرة ترافقني. وكان شقيقي الوحيد قد لقي مصرعه في المجازر»، يحكي هذا المهاجر مضيفا: «غادرت البلاد كمن تمت التضحية به، ولست خائفا من الموت من أجل أوربا».
تفتيش دقيق
عندما لا يستطيعون التسلل عبر السياج أو عبر البحر، يحاول البعض تجريب حظهم عبر حدود بني أنصار، حيث يقوم حوالي 30 ألف شخص يوميا برحلات مكوكية بين المغرب ومليلية. فقد تخضع السيارات لتفتيش دقيق، حتى أنه تم وضع أجهزة للاستشعار عن بعد التي تكشف عن تنفس الإنسان. كل الوسائل أصبحت متاحة من أجل محاولة العبور، كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين الذين يختبئون تحت هياكل السيارات، حتى وإن كان ذلك يعرض حياتهم للخطر.
بالنسبة لمندوب الحكومة الإسبانية في مليلية، يتوجب على إسبانيا تنسيق سياستها للهجرة بشكل أفضل. «أريد أن تنخرط أوربا أكثر في عمليات المراقبة، ليس فقط مراقبة الحدود بين المغرب وإسبانيا التي تشكلها مليلية وسبتة، ولكن أن تنخرط في مراقبة الحدود بين المغرب وأوربا»، يقول عبد المالك البركاني، مضيفا: «إنه أمر ضروري لتعاون أكثر مع الدول المصدرة للمهاجرين قبل كل شيء، ومواجهة شبكات المافيا بشكل نهائي».
تضييق غير مجد
ويوجه خوسي بالازون»، وهو مناضل معروف بدفاعه عن حقوق الإنسان في مليلية، ورئيس إحدى المنظمات غير الحكومية «برودن»، انتقادات شديدة للمزايدات الأمنية بقوله: «أعتقد أن السياسة الأوربية للهجرة هي بمثابة مجموعة من الكوارث»، مضيفا: «أنها لا تفيد في شيء غير التسبب في المعاناة وفي الموت.. توجد أسلاك شائكة من بين أشياء أخرى، ولكن يمكننا دائما وضع المزيد من العقبات ضد المهاجرين،غير أنهم سيستمرون في العبور»، ثم واصل قائلا: «نتحدث كثيرا عن شبكات المافيا. لكن، ما يحدث، هو أننا نعمل على رفع السعر الواجب أداؤه قصد الدخول، وبذلك نتمكن من القضاء على مشكل الهجرة، بدل العمل على تعزيزها».
في اليوم التالي، وجدنا عددا كبيرا من الذين سبق أن التقينا بهم في مركز الاستقبال المؤقت للمهاجرين، جاؤوا لتسجيل أنفسهم في المفوضية المركزية للشرطة في مليلية. وهي مرحلة أولية يأملون أن تتيح لهم الذهاب إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، أو إلى دولة أوربية أخرى. التقينا فرانكلين ديكو، من الغابون الذي قال لنا: «ننتظر تحت المطر منذ ساعة ونصف، فقط من أجل الحصول على إذن بالمرور نحو مدريد أو برشلونة. ونجهل ما إذا سيكون بإمكاننا الرحيل هذا الصباح»، مضيفا: «أُصلي وأطلب من الله لكي يساعدنا»، ثم واصل بنبرة فيها الكثير من التوسل «يمكن للإتحاد الأوربي أن يساعدنا.. إننا نعاني». طلبوا منا، تحت المطر الغزير بتقديم المساعدة لرفاقهم الذين ما زالوا في غابة «غوروغو». وقررنا أن نقوم بزيارتهم مرة ثانية.
كشفوا لنا عن أحد الأقبية، حيث ينامون تحت المطر وفي البرد. حاول بعضهم عبور الحاجز في نفس الليلة، غير أنهم فشلوا، وآخرون تم اعتقالهم؛ مما جعلهم يصابون باليأس والإحباط. «لم نأت إلى هنا، لأننا نحب أوربا. نريد فقط البحث عن شيء ما لمساعدة أسرنا»، يؤكد أندرو كاماها، من الغابون، موضحا: «فإذا تمكنت من إيجاد أموال من أجل العودة لبلدي والعمل في التجارة، فإني سأقوم بذلك».
من جهته، يوضح فرنكلين ديكو: «يمكن لأوربا أن تمنحنا فرصة جديدة في حياتنا،لأن حظي هناك كان صفرا»، مضيفا: «تعترف أوربا بحقوق الإنسان. وحتى إذا كان هناك تمييز عنصري، فيمكن لنا أن نتحمله، لقد عشنا هنا كل شيء. بصقوا علينا وفعلوا بنا كل شيء، وكل ما أرغب فيه هو النجاح في حياتي». يريد رومي أباس الذي ينحدر هو أيضا من الغابون توجيه رسالة مفادها: «نحن حقيقة في حاجة للمساعدة. إما نبكي ونصلي كثيرا، ونتساءل عن من سيعمل على إنقاذنا في يوم من الأيام».
بتصرف عن «أورو نيوز»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.