جماعة الجديدة تطلق صفقة لتهيئة شارع K في حي المطار بقيمة 185 مليون سنتيم    احتجاج وتنديد بالتراجع غير المبرر عن الترخيص باستعمال قاعة عمومية    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    أن تكون فلسطينياً حين تُستدعى أمنيّا: في انحطاط الخطاب الحقوقي وتحوّلات النضال الرمزي!    عامل إقليم العرائش في زيارة تفقدية إلى شاطئ رأس الرمل استعدادًا للموسم الصيفي 2025    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    عامل إقليم العرائش يوافق مبدئيًا على استعمال الجيتسكي صيف 2025 بشروط صارمة    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    91 شهيدا اليوم في غزة وناتنياهو يعلن توجهه للسيطرة على كامل أراضي القطاع    المعارضة تنتقد "مدارس الريادة" واعتناء الحكومة بالمؤسسات الخاصة    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    حقيقة فوز "عثمان فكاكي" بلقب بطل العالم في الكيك بوكسينغ ببلجيكا    بوريطة يستقبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الغاني لتعزيز التعاون البرلماني بين المغرب وغانا    الرباط تحتضن الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لدعم حل الدولتين: نحو إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط    إننا في حاجة ماسة لحلبة سباق سياسي نظيفة    ال«درونات» : مستجدات البوليس المغربي!..    'أمان'.. دورية شرطة ذكية تضع المغرب في مصاف البلدان الرائدة في المجال الأمني    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    حفل "الكرة الذهبية" يقام في شتنبر    تأخر قطار البراق لأزيد من 4 ساعات يربك المسافرين ويكشف خللًا في تدبير الأعطاب الطارئة    لقجع يهنئ اتحاد يعقوب المنصور    مطار الحسيمة الشريف الإدريسي يسجل ارتفاعا في حركة المسافرين    أخنوش: هذه وصفة التعليم العالي    عبد السلام بلقشور يعلن عدوله عن الترشح لرئاسة الرجاء الرياضي    22 دولة تطالب إسرائيل بالسماح ب"دخول المساعدات بشكل فوري وكامل" إلى غزة    أخنوش يستعرض جهود الحكومة لتوسيع العرض المدرسي وتعزيز التعليم    « "Shining Fès" : و"Rising Ouarzazate": انطلاقة جديدة للسياحة المغربية»    هذه هي المعايير المعتمدة من قبل الداخلية لانتقاء الشباب للخدمة العسكرية    البراق يتوقف عن العمل و المكتب الوطني للسكك الحديدية يكشف السبب    النصيري يسجل هدفا في فوز فنربخشة أمام أيوب سبور (2-1)    النيابة العامة تطالب بحضور الشهود في ملف "قتل الشاب بدر" بالبيضاء    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    ب130 مليار درهم.. "طاقة المغرب" تعلن عن شراكة استثمارية كبرى في الطاقة والمياه    ستيفان عزيز كي يعزز صفوف الوداد    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    للمرة الأولى منذ 2015.. الطيران السعودي يستأنف رحلاته للحجاج الإيرانيين    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحلة الأخيرة من حكايات موسم العبور او حين يتصدر رحلاتنا مشهد الذبح اليومي لآدميتنا
نشر في ناظور سيتي يوم 20 - 09 - 2014

4 - مطار الناظور.. زاوية غابت عن عيون النهار .
في مطار الناظور كدت أضيع في إزدحام الناس ...والدخول الي المطار كان عذابا حقيقيا ..صالة المغادرة كانت ممتلئة عن اخرها .. ذلك على الرغم من أنهم هناك كانوا يمنعون الناس من الدخول عدا المسافرين .
سمعت أحد الموظفين ينادي الاخر من اول القاعة لاخرها: ذلك لم اشاهده في كل المطارات التي حططت بها. انما هذا هو مطار العروي بالناظور!
عند موظفات " شركة الطيران إياها"عند المكتب "الكانتوار" حيث يتم وزن الحقائب واكمال اجراءات التذاكر واجراءات الدخول الى الطائرة كانت الفوضي هناك تضرب باطنانها .
كفاءة الموظفات غيرعالية..أو أنها الظروف فقط ، كما هو الحال دائما في مطارالعروي .ورغم أنها شركة معروفة فان جزء كبيرا من العمل كان يتم يدويا ، وموظفة واحدة هي التي كانت تقوم بكل شيء..بوزن الحقائب وباعطائك رقم المقعد داخل الطائرة .اختصارا موظفة واحدة لكل الركاب.
ولأني كنت ما ازال أحتفظ بشيء من اللياقة البدنية، كنت احاول هادئا ان استفسر منها امر تغيير الرحلة وهل من مساعدة في مطار ماستريخت او حق في تعويض او ما شابه ذلك .فلم اجد لديها غير ذات الجواب الذي كانت موظفة الهاتف تعيده كلما اتصلت بها ...والإضافة عندها هي أن اسجل عنوان بريدي الإلكتروني على ورقة كانت بجانبها. و إن انا حجزت مستقبلا عند ذات الشركة قد "احصل" على تخفيض خمسين في المائة كنوع من التعويض !!.
قلت لها : هل تعتقدين فعلا انني سأفكر يوما ما ان أحجز عن طريق شركتكم .. بل سوف اخبر الجميع بان يقوموا بحجوزات عن طريق شركات اخرى غير شركتكم ..فقد شعرت بانه تم استغبائى واللعب علي من قبلكم..
لم اسمع منها جوابا ولا كلاما آخر غير : هل لديك امتعة أخرى ؟
بعد إجراءات الوزن والتسجيل ، ودَّعنا احباءنا الذين أوصلونا إلى المطار.كانت لحظات لا تنسى ولا توصف كنا جميعا في المطار تتصاعد من صدورنا الزفرات والآهات وبعض الدمع ...أحضان ودموع ونظرات لفتت الينا كل الأنظار..
هو ألم الفراق ..ممزوج بآلام أخرى كثيرة.
آلام استخفاف بعض مسؤوليينا الكذّابين المنافقين بنا واستغباؤنا بل و"استحمارنا " أحيانا.
دخلنا الى قاعة " المغادرة "..وصرت أتنقل بين كراسي القاعة علني أرمي بعضا من أثقال التعب ... والألم.
لم أعد أملك أعصابا، ولكني كنت أنصح غيري بالصبر عندما يقلقون، فقرأت كل ما عثرت عليه من اوراق الإشهار وجرائد ميتة تواريخها، تعمدت تبادل الحديث مع كل من مر بجانبي وكل مسافر مثلي،لأروي له ولكل الناس حكايتي...وكل الحكايات الزائفة عن الإستقبال والعبور.
الوقت داخل قاعة "المغادرة" كان يمر بطيئا. وكأن عقرب الساعة كان يمعن في تعذيبي ، إلى أن حان الوقت، وشعرت حينها أنني أشبه بعائد من حرب.
داخل الطائرة استقبلنا صوت قائد الطائرة يخبرنا ان الرحلة ستتأخر لخمس او عشر دقائق ..وحين مرت المدة ، سمعنا نفس الإعلان ثانية ...ثم ثالثا ورابعا ...
سألت المضيفة عن سبب التأخر في الإقلاع ..وهل ما نسمعه هو تسجيل في اسطوانة ام انه فعلا صوت قائد الطائرة.
قالت : إننا ننتظر مسافرا تأخر عن موعد الإقلاع !!
تبادلت مع رجل كان يجلس بجانبي نظرات التعجب لبرهة قطعها صوت قائد الطائرة للمرة الخامسة او العاشرة معلنا اقلاع الطائرة.
أقلعت بنا الطائرة نحو ماستريخت وطبعا في غير موعدها ، والمضيفات اللاتي سافرن معنا لم يكن يتحدثن لا العربية ولا الأمازيغية ولا الفرنسية. كنَّ يتحدثن مع الركاب بلغة انجليزية ركيكة ومع بعضهن البعض بلغة ظننتها أول الأمر "بولونية" واخبرني ابني انهن يتحدثن -ربما - باللغة "اليوغسلافية".
طائرة داخل التراب الأمازيغي المغربي وفي مدينة الناظور تتحدث مضيفاتها بلغة لا يفهمها احد غيرهن...!!
اقلعت الطائرة ، كانت المدينة /الناظور تبدوا من الاعلى مخجلة خجولة. ينتابك احساس لا تقوى على دفعه بالقهر وبالكابة ..
حين أطللت عليها من نافذة الطائرة ببصري وفكري سمعتني أغازلها في صمت :"رغم كل هذا وذاك.. فان كان من مكان اتمنى الرجوع اليه غير حضن امي فهو بلا شك انتِ."
تابعت الطائرة التحليق في السماء ، سمعت راكبا بالمقعد خلفي يقرأ دعاء السفر الذي لم يُقرأ على المسافرين .!!
عم صمت وهدوء قاتل داخل الطائرة ..أطفئت إشارات أحزمة المقاعد . تحركت المضيفات مسرعات في اتجاه "عربة الطعام" وكأنهن يردن التخلص من المهمة بأقصى سرعة ،
وكي أكون منصفا لم تكن من بين المضيفات ولا واحدة "بوجهِ مضيفة" أو حتى بوجه مبتسم لم يكن لديهن ولو واحد في المائة من معاييرالمضيفة الجوية!! .
أخذت المصيفات " توزيع" الطعام ... كن يقمن بتوزيعه بطريقة التوزيع في معسكرات اللاجئين ، و"بغبائي" أنا ، ظننت ان الأكل هذه المرة سيكون مجانيا ..على الأقل كنوع من الإعتذار او التعويض وخاصة أن مجموع الركاب في الطائرة لم يكن يتجاوزعددهم العشرين ، داخل طائرة تسع على الأقل لمائتين راكب.
حقيقة أصبت بدهشة ،،!عندما وصلت المضيفات بجانبي وسألت احداهن:
هل توزعين هذه الصناديق البلاستيكية الصغيرة ام تبعينها.
قالت بإنجليزيتها اياها "الجيدة والجيدة" جداً " ذَاتْ إيْتِينْغْ إيسْ نُوتْ فْرَايْ" (= ان الاكل ليس مجانيا ).. وان كل صندوق بثمنه !!
أخذت منها صندوقاً لراكبة كانت بجواري بعد ان طلبت مني مساعدتها "لغويا" !
وحين وضعته المضيفة على طاولة المقعد بدا لي لون الخبز غير الذي نعرفه !!!
قلت لها يبدوا ان الخبز ليس طريا... نظرت إلي بغضب وتركتني .
أخذنا صورة للخبز "للتدليل والذكرى" ووضعناه جانبا !!!
كانت أغرب وأسرع ضيافة جوية شهدتها في حياتي .
بعد ما يقارب الثلاث ساعات وصلنا مطار ماستريخت آخن الدولي ، وكنت سعيدا جدا لأنني وصلتُ أرضا-على الأقل- يفهمني أهلها وأفهمهم.
وبعد تختيم الجوازات وتجاوز التفتيش خرجنا من أول بوابة بعد التفتيش،عندها وجدت صديقا (سفيان) كان بانتظارنا، رحب بنا وأوصلنا الى حيث كان يفترض بنا الذهاب .
سفيان ..لا اعرفه شخصيا ولم يسبق لي ان التقيت به ..هي كانت فقط مكالمة هاتفية من صديقه (طارق) اخبره بحكايتي فوجدناه وقت وصولنا بباب مطار ماستريخت ينتظرنا بعد ان قطع مسافة مائتي كيلومتر ذهاباً وقطع ذات المسافة إياباً .. آه كم انت انسان رائع يا سفيان .(وددت لو أنه قرأ هذه الكلمات علها توفي بعضا من حسن صنيعه تجاهي .)
في الطريق الطويل والجميل من مطار ماستريخت آخن الى المدينة التي اسكنها تناولت و سفيان الكثير من الحديث دون ان اغفل الحديث طبعا عن حكايات المسؤولين الزائفة "هنالك"عن الإستقبال والعبور...وأشياء أخرى كثيرة تكشفت لنا من خلالها بعض اسباب تخلفنا...وتسرب الينا اليقين في لحظة ما بأننا لا ننتمي لهذا العالم !
5 - وكأن البحر ابتلع الألسن ..
في اليوم الثاني بعد الوصول وانا استرجع تفاصيل رحلتي هاجمتني اسئلة كثيرة ..هل انسى ما حصل وان اعتبر كل ذلك جزء من مشقة السفر كما فعلت سابقا وفعل آخرون..أم ان لا اسكت عن حقي و ان أصرخ واكتب مشتكيا ؟.
جمعت أوراقي وأقلامي أخذت ريشتي وكل المحابر ..تجمعت في ذهني كل الحكاية .. وجدت قلمي فوق الاوراق يسبقني ليكتب اليكم ..و لكم .. كلكم.
بينما أنا ... حزمت امري و كتبت الى شركة الطيران التي خدعتني..
وأسئلة كثيرة كانت حائرة بداخلي..
يا وطني ... يا وطن الأشياء المفقودة...
لماذا تخادعنا انت كذلك بالتجمل وادعاء النقيض ... كما كل مسؤوليينا فيك...يفعلون ؟؟!!
ولكن..ولِمَ...لا يفعلون ؟
ونحن ... بعد كل رحلة عذاب ، ننسى ...ونكتفي فقط ، بجرح حناجرنا بالشعارات و بالخطب ، ونعد بعد ذلك الاحتفالات كي نستقبل صورنا
على الفيسبوك و في "أسواق" الوهم والبطولات .....الكاذبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.