توقع فتح بحث قضائي بعد نشر المهداوي فيديو مسرب من مداولات لجنة التأديب بالمجلس الوطني للصحافة    المجلس الأعلى للسلطة القضائية ينظم دورات تكوينية للقاضيات الراغبات في تولي مناصب المسؤولية    اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار    الاتحاد العام للفلاحين يتدارس ملف إعادة تشكيل القطيع الوطني    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    أمل موكادور لكرة القدم الشاطئية بطلا للمغرب لسنة 2025    مونديال أقل من 17 سنة.. في مواجهة حاسمة المنتخب المغربي يلاقي البرازيل اليوم الجمعة وعينه على حجز مقعد في نصف النهائي    قرعة الملحق الأوروبي لمونديال 2026.. مواجهات نارية في طريق آخر أربعة مقاعد    "الشباب": حمد الله غير مقيد قانونيا    وفاة رضيع وُلد في طرامواي الرباط تُشعل جدل الإهمال الطبي وتُحرّك التحقيقات    30 دولة تعارض مسودة اتفاق "كوب30"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تراجع أسعار الذهب    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة    خطف 52 تلميذا من مدرسة بنيجيريا    لفتيت: إصلاحات المنظومة الانتخابية تهدف إلى "تجنب الشبهات" وتحسين صورة البرلمان    سيراليون تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتعبر عن ارتياح بالغ باعتماد القرار التاريخي 2797        المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    المغربي إدريس علواني يحصد الميدالية البرونزية في بطولة إفريقيا للدراجات    مدرب مارسيليا: أكرد لاعب لا يعوض.. وعلينا التأقلم مع غيابه    المغرب يرأس المجلس الدولي للزيتون لعام 2026    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يفتتح فعالياته معززاً مكانة قطر في المشهد السينمائي العالمي    بوعياش: تبادل إطلاق النار بحي بوسلامة ينتهي بتوقيف أحد المشتبه فيهم    مراكش: استئناف هدم مساكن العسكريين وقدماء المحاربين... وتعويضات تشمل بقعاً أرضية ومساعدات للبناء    اعتداء خطير بمستعجلات مستشفى بني ملال يخرج النقابة الوطنية للصحة للاحتجاج والتصعيد    كيوسك الجمعة | المنظومة المؤطرة للانتخابات تهدف إلى تخليق العملية الانتخابية والسياسية    وسام حمادة والدة "هند رجب" في افتتاح الدوحة السينمائي:    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    اليوم.. فتيان الأطلس يواجهون البرازيل بأمل المرور إلى نصف نهائي المونديال    مهرجان الذاكرة المشتركة بالناظور يتوج أفلاما من المغرب وبولندا وأوروبا الغربية    توقيف "مولينكس" ونقله إلى طنجة للتحقيق في ملف مرتبط بمحتوى رقمي مثير للجدل    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    بوريطة يتباحث بالرباط مع نظيره الغاني    ( الحب المر)... فيلم يكشف الوجه الخفي للنرجسية داخل الأسرة المغربية    "الأحرار" يصادق على تصوره للحكم الذاتي تمهيداً لرفعه إلى الملك    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    أشبال الأطلس ضد البرازيل: معركة حاسمة نحو نصف النهائي    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    معمار النص... نص المعمار    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الكريم بولعيون يكتب.. الكورنيش في مجتمع محافظ
نشر في ناظور سيتي يوم 10 - 06 - 2019

لو سُئل أيّ ناظوري في أيِّ برنامج مسابقاتي سؤالا من قبيل : ما الّذي تغيّر في مدينتكم الحبيبة ؟ لن يتردّد الجميع في الإجابة عن سؤالهم المطروح ، كوْنَ أهمّ تحوّل عرفته المدينة و أكبرَ تغيير طرأ عليها هو إحداث كورنيش للمدينة على ضفاف بحيرة " مارتشيكا".
و طبعا سوف لن ننتظِر أن نربح من هذا الجواب الصّحيح المائة في المائة ، مليونا أو اثنين، أو حتى رحلةً لشخصٍ أو شخصين ، أو إقامةً مع تكاليفِ حفل عرسٍ، على غرار ما تمنحه القناة الأولى للمتزوّجين الفائزين في برنامجها " لالاّ لعروسة" ...إنَّ أفضل ما يمكن أن نربحه لن يكون أكثر من جولةٍ رائعةٍ حول هذا الكورنيش نفسه!
و قبل أَن نتحدّث عن هذه الجولة ، يتبادرُ سؤالٌ إلى الذَهن بالمناسبة، لطالما كتمناه في أنفسنا : لماذا لا يُشارك الرّيفيون عموما في مثل هذه البرامج الإجتماعية التنافسية التي تُعرض على التلفزة مباشرة مثل "لالا لعروسة" مثلا؟
في الحقيقة ربما سنُغامر إذا أجبنا بيقينيّة عن مثلِ هذه الأسئلة التي لها أبعاد إجتماعية و ثقافية، لأنها بالتّحديد تحتاج إلى دراسات اجتماعية ميدانيّة إحصائيّة لعيِّناتٍ مختلفة ، ليَخلُص من خلالها الباحث إلى نتائج قريبة إلى الموضوعية . لكن في غياب ذلك، سنُحاول ان نُغامر لنُرجح السّبب في ذلك إلى كون المجتمع الريفيّ يُعتبر مجتمعا " مُحافظا" في عُيونِ الكثير .
قد نفهم من هذه " المُحافظة"، مظهرا من مظاهر التديّن ، لكنّه لا يُعبّر بالضّرورة عن تصوّر صحيح و فهم سويَ لتديّن صحيح ، و كمثال على ذلك، الإيمان ببعض التصوّرات من قبيل ( منع البنات من متابعة الدّراسة) ، كما أنّه من جهة ثانية ،لا ينبغي أن نفهم هذه" المُحافظة" كسِمَة للتخلّف، لأنّه على الرّغم ممّا تعرضت له المنطقة من تهميش، فإنه لم يحُل دون بُروز طاقات و كفاءات واعدة تهمّ كلّ المجالات الثّقافية و العلمية و الفنّية.
لكنْ من المُمكن جدّا إرجاع أسباب " المُحافظة "في المجتمع الرّيفي إلى بعض القيم، كالحشمة و الوقار و العفّة و صون الشّرف و الخوف من العار ... و كلّ ذلك نتيجة تراكمات تاريخية و عادات و تقاليد، و كذلك حصيلة لبنيته اللغوية... هذا لا يعني أنّ هذه القيم استمرت بنفس الدرجة و بنفس مقدار الحرص التي كانت عليه في الماضي القريب، و لا نظنّ أنّها ستستمرّ و ستبقى على حالها في الأمد القريب ، نظرا لمجموعة من المتغيِّرات التي تعرفها المنطقة خارجيا و داخليا...
هكذا نخلص ، إلى أنّ الجواب على السّؤال: لماذا لا يحضر الرّيفيون في مثل هذه البرامج خاصّة ، و أبناء منطقة الشّرق عامّة؟ يتمثل في العمل بمبدأ : "أسرار بيوتتا تبقى مِلك لنا لا لِغيرنا ". إنّ لهذا المبدأ الّذي له علاقة بالقيم التي أشرنا إليها، الفضل في خفض نسبة الطّلاق مقارنة مع مناطق الداخل رغم ارتفاع حدّتها في كل مناطف المغرب منذ الشّروع بالعمل بمدوّنة الأسرة ، و هو نفسُه المسؤول عن كِتمان نِسب العنف الأسري المرتفعة في مناطقنا الرّيفية.
و بعيدا عن هذا السِّجال ، و عودةً لموضوع الجولة حول الكورنيش، نتذكّر جميعا أن المتنفّس الوحيد للمدينة قبل سنوات كان المنطقة المُحاذية للضريح "سيدي عري" ، فبالإضافة للدّور الذي كان يلعبه هذا الضّريح كمرجِعٍ يُشار إليه لإِلتقاءِ الأصدقاءِ والأحبّة ، و مكانا للتّرويح عن النّفس، كان أيضا ملاذا للمرضى من كلّ علّة بدنيّة ونفسيّة و عقليّة قصدا للإستشفاء ،كما كان بالإضافة إلى ذلك، ملجأً للعوانس طلبا لشريك حياة مناسب! كل ذلك، قبل أن يتم ّتشييد أوّل كورنيش صغيرِ المساحة يمتدّ من الضّريح إلى النّادي البحريّ . و بعد ما تمّ هدم فندق" الريف "و استبداله بفندق" ميركير " أصبح كورنيش المدينة مُمتدّا و واسِعا على الشّكل الجذّاب الذي نراه عليه الآن. هذا المنظرُ الجميل للكورنيش لَيْته يكتمِل بِتحسين الوجهة المقابلة له :"حي لعراصي" بالتّحديد ، طبعا مع مراعاة مصلحة السّاكنة و حقوقهم الخاصّة.
إن إحداث الكورنيش كان له انعكاس على مستويات أخرى تخُصّ عادات و ممارسات أبناء المنطقة ، فقد تعودوا على ممارسة الرّياضة على ضفافه كالمشي أو الجري أو هواية الرّكوب على الدرّاجات أو ممارسة كرة القدم في الملاعب التي يُوفّرها هذا المكان، هكذا أصبح الكورنيش مُساعدا على ممارسة هذه الرّياضات و المداومة عليها . كما وَجَد المكان إقبالا كذلك على توافد الأسر مع أبنائها للإستمتاع بالألعاب الموجودة هناك ، و بالتالي مُتنفسا أمامها لقضاء أوقات خارج البيت ...
ما يهمّنا من كلّ ما سبق، أنّ أيَّ إحداث لبِنية جديدة أو مؤسسّة أو مرفق عام ( كالكورنيش مثلا ) سيكون له تأثير مباشر على عادات الناس و أفكارهم و تصرفاتهم و أخلاقهم و أذواقهم ، قد تكون إيجابية كالتي رأيناها سابقا ، و قد تكون سلبية كتفشّي ظواهر لا أخلاقية و غير محترمة كما يظهر من خلال بعض الممارسات المنبوذة التي أبطالها شباب و شابات يعاينها كل وافد على هذا الكورنيش ،غيرأنها لم تعد تلقى ذلك الرفض و الاستنكار الذي كانت تعرفه في الماضي القريب إذا استثنينا إستياء بعض الفئات القليلة .
إن هذه المرافق العامة إذن، تولّد ممارسات معينة تساهم في تغيير بنية المجتمع ثقافيا و إجتماعيا و أخلاقيا، و بالتالي تحويل بنية المجتمع المحافظ إلى مجتمع مفتوح على جميع الاحتمالات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.