يونس مجاهد بوجدة: مشاركة الصحفيين في النشاط التكويني الأمريكي أمر يحرجنا لكن لا بأس... محمد عثماني بمناسبة تجديد فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية لوجدة، وفي جو مشحون بالتوترات بين الإعلاميين، بحث البعض عن إجابة واقعية وواضحة لموقف المكتب التنفيذي للنقابة من أنشطة السفارة الأمريكية بالرباط، والتي تستدعي لها ممثلين لمنابر صحفية وطنية على المستوى المركزي والجهوي، ومنها تلك التي تقام بأمريكا، يستفيد من خلالها المتعاملون معها من تكوين،ومنحة مالية مهمة... السؤال تم توجيهه ليونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية حين ترأسه أشغال تجديد فرع وجدة، وهذا مضمون جوابه: " ... حينما يتحدث إلينا الصحفيون الذين شاركوا في أنشطة السفارة الأمريكية التي تقام بأمريكا، يقدّمون مبررا لمشاركتهم، يؤكدون من خلاله أنهم لم يقبلوا المشاركة في إطار عقد شراكة أو اتفاقية، كما لم يقوموا بأي تظاهرة، أو شيء من هذا القبيل مع الطرف الأمريكي، وإنما يقولون إنهم ذهبوا ليستفيدوا من تكوين، ومن فرص لا تتاح لهم هنا... وهؤلاء يضيف يونس مجاهد لا نتخذ في حقهم قرارا... ثم إنه بالحديث عن البواعث، تحركت أمريكا في دائرة ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير، وقالوا بأنهم يستهدفون تطوير الديمقراطية في هذه المنطقة.. وقد ظهر هذا المنحى مع ظهور فكرة احتلال العراق، وكانوا يعتبرون أنهم عالم حر، يستطيعون أن يقضوا على" دكتاتور العراق"، وأن الشعب العراقي سيستقبلهم بالورود، ومن ثمة جاءوا يعتقدون أنهم يعطون الدروس للعالم العربي والإسلامي كله في الديمقراطية، وأنهم هم من سيمنحونها للشعوب العربية، وبالطبع عززوا هذا المعتقد بإظهار المال.. جاءوا إلى الإعلام، وقالوا لنا: هاهو الدعم المالي... في هاته الحال، نحن أمام أمرين: أولهما المسألة المبدئية.. قلنا لهم: لستم أنتم من يعلمنا الديمقراطية. ثانيهما، قلنا لهم: أنتم الآن تبذلون مجهودا للدعاية السياسية النفسية في إطار البعد الحربي الذي تقومون به.. بمعنى أن المال الذي يبدو أنهم يمدونه، لا يعطونه بريئا، وإنما هو محرك في إطار مشروع عسكري، وطبيعي أن جميع الدول بالموازاة مع المشروع العسكري تقوم بالحرب النفسية، والحرب الدعائية، وتمولها بالأموال الباهظة... والأخطر من هذا بكثير؛ أنهم حاولوا تمويل بعض الصحف" المستقلة"، والتي كانت معتبرة لديهم أنها تمشي حسب توجهاتهم، مع محاولة استعمال قناة النقابة كشرعية لذلك التمويل.. وقد جاءنا ممثلون عن السفارة الأمريكية، وجاءنا مسؤولون، واتصل بنا السفير الأمريكي... فكان جوابنا أننا لا نستلم أموالا، وسنحاربكم لأنكم تقومون بدعاية حربية... أمّا هم، ماذا فعلوا؟ قالوا لنا: أنتم لديكم عداء لأمريكا.. قلنا لهم: لا.. وحين تغيرون سياستكم، فسنتعامل معكم بطريقة أخرى، وما دمتم لم تغيروها، فلن نتعامل معكم بأي وجه من الوجوه، خاصة في ما يتعلق بالأنشطة الرسمية/ الممولة رسميا.. بعد هذا، اتصلوا بمجموعات أخرى، وأرسلوا لنا وكالة كندية.. حضر إلينا مسؤول عنها، وتحدث إلينا على أساس أن هاته الوكالة هي التي ستتعامل معنا في هذا الإطار؛ حتي لا يحسب علينا أننا نتعامل مباشرة مع أمريكا.. طبعا، أكدنا الرفض من جديد.. أما الأموال فقد سلموها وهي رائجة من الدول السكاندينافية، ومن كندا.. ولا نملك مقاومتهم لأن الأمر يتعلق بقوة عالمية، كبرى، إلخ... كان يهمنا أمر المغرب.. فبالنسبة للصحافة" المستقلة" كان الأمر واضحا.. إن القانون المغربي يمنع تمويل جريدة من جهات أجنبية، وإلا أصبح لدينا محميات بالمغرب بعد أن تمول الجزائر مثلا جريدة هنا، وإسرائيل تمول أخرى هنا أيضا، ويأتي التمويل ربما من الصين، ومن اليابان... وهكذا.. وهذا يعني أن الأمر مرفوض نهائيا.. إذاً، حين تم تضييق الخناق على السفارة الأمريكية من المركزية النقابية بالرباط، بحثت عن منفذ آخر، ومن ثمة حصل الاختراق عبر الجهات والأقاليم المغربية. والآن، لدينا أمران مطروحان سنناقشهما في النقابة: الأمر الأول، هو بعد أن جاء أوباما، وجهت لنا السفارة الأمريكية الدعوة، وأجبت شخصيا الدعوة، وتناولت وجبة الغذاء مع مسؤول أمريكي، وواجهني بالقول: إن السياسة الأمريكية الآن تغيرت بمجيء أوباما، ويجب أن تغيروا موقفكم.. فكان جوابي: إن التغيير الذي نريده، يجب أن نراه في الميدان.. عليكم أن توضحوا ميدانيا ماذا سيتغير في عهد أوباما اتجاه العراق، وفلسطين، و... الأمر الثاني الذي سنناقشه على المستوى النقابي المركزي، هو: هل سنخفف من موقفنا؟.. هل سنخفف من شروطنا...؟ والقرار طبعا لا يأتي من المكتب التنفيذي، وإنما جاء القرار من المجلس الإداري السابق، ثم لا بد للمجلس الوطني من أن يناقش مثل هذه القضايا، لا المكتب التنفيذي أيضا.. من جانب آخر، ومما يطرح لدينا إشكالا، هو مسألة التكوين.. يتصل بنا بعض الصحفيين، ويقولون: لقد أعطيت لنا منحة للذهاب إلى أمريكا قصد التدريب، فماذا تقولون في الموضوع؟.. هل نذهب؟ .. ألا نذهب؟.. نخشى أن تأخذوا منا موقفا سلبيا... إلخ. في الحقيقة، إننا في المكتب التنفيذي نوضع في موقف حرج؛ لأنهم يقولون بألا أحد سيعطيهم مثل هذه الفرصة، وبأنهم سيذهبون إلى الجامعة، ولم" يبيعوا، ولم يشتروا"، ولم يوقّعوا على أي وثيقة... فعلا، إننا في هذه الحال أمام صعوبات، وفي النهاية نجيبهم بوضعهم أما اختيارهم بعد أن نوضح لهم الموقف الرسمي للنقابة المركزية.. لا نخرج عن الموقف المبدئي للنقابة، كما أننا لا نبغي إحراج من لهم رغبة ملحة في الذهاب للاستفادة من التكوين.. ثم إننا هنا في المغرب نعلم أن التداريب غير متوفرة، وبمثل هذا الواقع يتم مواجهتنا... ولهذا، نترك الأمر مفتوحا للمناقشة، وما يهمنا الأن، هو ألا يكون فيه استغلال سياسي من طرف الأمريكان. نتخوف من أن يكون التكوين مرفقا بالدعاية، أما أن يبقى مجردا عنها، فلا إشكال؛ لأن الأمر يتعلق بدولة كبرى، لها إمكانات هائلة.. لها جامعاتها، خبراؤها، مراكزها، وذات تجربة ديمقراطية رائدة في العالم... لا يمكن تجاهلها، لكننا لا نقبل أن تستغلنا أي جهة.. تستغل حاجتنا للتداريب، وتمرر بواسطتنا مواقفها السياسية.. وأجدد التأكيد على أن النقاش يبقى مستمرا في هذا الإطار، وأن موقفنا السابق لم نغيره لأن من يقرر كما قلت هو المجلس الوطني الذي لا نقدر على الخروج عن قرارته..".