انعقاد الاجتماع الوزاري المقبل للدول الإفريقية الأطلسية في شتنبر المقبل بنيويورك    بدء منتدى برلماني موريتاني مغربي    سؤال في قلب الأزمة السياسية والأخلاقية    غضب على بنكيران بسبب رفضه تأسيس حزب أمازيغي    بوريطة يطمئن مغاربة هولندا: لا خوف على حقوق 400 ألف مغربي رغم تغيّر الحكومة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    منتدى البحر 2025: رهانات حماية المحيطات والتنوع البيولوجي البحري محور نقاش بالجديدة    "كوسومار" تستهدف إنتاج 600 ألف طن من السكر بحلول 2026    الفاتيكان: الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدا للكنيسة الكاثوليكية    سباق اللقب يشتعل في الكامب نو والكلاسيكو يحدد ملامح بطل الليغا    حكيم زياش يتصدر العناوين في قطر قبل نهائي الكأس    فاس.. مصرع 9 أشخاص جراء انهيار بناية سكنية من عدة طوابق    ضحايا ومصابون في حادث انهيار مبنى سكني بحي الحسني بفاس    تطورات مأساة فاس.. ارتفاع عدد القتلى إلى 9 والمصالح تواصل البحث تحت الأنقاض    توقيف شخصين بالبيضاء بشبهة ارتكاب عمليات سرقة مقرونة بالتهديد    بطولة ألمانيا.. ليفركوزن المجرّد من لقبه يواجه مستقبلا غامضا    البطولة الاحترافية.. الجيش الملكي يتشبث بمركز الوصافة المؤهل إلى دوري أبطال إفريقيا    برلماني يطالب باختصاصات تقريرية لغرف الصناعة التقليدية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    واشنطن: نحن على بعد خطوات من حل لإيصال المساعدات إلى غزة    "هآرتس": واشنطن تضغط على إسرائيل لإبرام اتفاق غزة قبل زيارة ترامب    كيم جونغ يشرف على تدريبات نووية    إضراب المتصرفين التربويين الأربعاء يوحّد المطالب ويرفع سقفها بدعم من النقابات التعليمية الخمس    الذهب يصعد وسط عمليات شراء وترقب محادثات التجارة بين أمريكا والصين    تصريحات نائبة أخنوش تفجر غضب الأغلبية والمعارضة بجماعة أكادير ومطالب لها بالإعتذار    الأمم المتحدة-أهداف التنمية المستدامة.. هلال يشارك بنيويورك في رئاسة منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار    في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    سلطات الملحقة الإدارية الثالثة بالجديدة تواصل التضييق على مستغلي الملك العمومي بفضاء الشاطئ    ساكنة دوار المخاطر بجماعة شتوكة تستنكر إقصاءها من مشروع تعبيد الطرق وتطالب بتدخل عامل الإقليم    بالياريا تُطلق رسميًا خط طنجة – طريفة وتكشف موعد تشغيل باخرتين كهربائيتين    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    فتح تحقيق في ممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي    مواجهة حاسمة بين المغرب التطواني وشباب السوالم لتحديد النازل الثاني للقسم الوطني الثاني    اتحاد طنجة يضمن بقاءه في القسم الأول من البطولة الاحترافية    أسبوع القفطان بمراكش يكرم الحرفيين ويستعرض تنوع الصحراء المغربية    أكاديمية المملكة تتأمل آلة القانون بين الجذور المشرقية والامتدادات المغربية    المغرب يقود إفريقيا الأطلسية نحو نيويورك    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الشعر الحساني النسائي حاضر في فعاليات الدورة ال18 لموسم طانطان 2025    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغني مات ..مغني لم يمت
نشر في وجدة نيوز يوم 28 - 05 - 2008

لدى مغني محمد بإقليم خنيفرة حضور يتجاوز الأسطورة، لا أحد منا يستطيع أن ينكر لهذا العندليب الأمازيغي وقعه اللافت للنظر في الغناء بالأطلس المتوسط.. الكل كان يتقلده، والكل كان يحاول تقمصه، شخصيا كنت من الذين أعجبوا به..
بل أستطيع القول إنه يرجع له الفضل في تعلمي الأمازيغية عندما افتقدتها وأنا أيفع من لغة جبل عوام المناضل، لغة سماها ابن خلدون لغة الحضارة، وسميناها نحن لغة الطبقة العاملة التي انصهرت فيها جميع العاميات المغربية من حيث تعدد مكوناتها.. كان أول حضور لمغني في ذاكرتي يوم غنى للطبقة العاملة في أحد الأعياد الميلادية للمنجم؛ ليتحول العيد هذا بعد ذلك إلى قداس لسلطان الجن المتحكم في مغاور المنجم بعد أحداث مميتة لبعض العمال ضحايا" البارود" حيث تحول العيد إلى مأتم تذبح فيه الأبقار بفتوى أصدرها رفاق العدل والإحسان استجابة للسلطان الأسود الذي يقطن أسوار إغرم اوسار.. بعد ذلك بسنين كثيرة، وأنا في سن الشباب، مفعم بالمغامرة وركوب التحدي، وبمعية أحد مهندسي المنجم ورفاق السيديتي أيام أزمنتها الحافلة، وفي تحد للسلطان الأكحل، قررنا أن نحتفل بالمجون داخل إحدى المغارات، رفقة الرفيق بوكتاف، العاشق لمغني، حيث أشعلنا الشموع، وأطلقنا العنان لحنجرة مغني المترنمة عبر آلة تسجيل، لتذوي في أعماق الجبل وروحانية الخمرة التي ذابت معها سلطة الجن، منذ ذاك اتخذنا من مغني سيدا للأغنية بالأطلس المتوسط.
لمغني محمد ميزة خاصة، قليلا ما تتواجد في المغنين الآخرين، وهي تلقائيته في الغناء، وتلاعبه بالألفاظ أثناء الغناء، إضافة إلى استبداله للكلمات بشكل عبثي، واقتحامه للمقدس بشكل مستفز:" ياك أربي ثيذماوين أي تكاد" أهكذا أنت يا إلهي ذو الفرزيات ." ش أذكان ش أذتهوال" البعض ينام والبعض يتهول... ليس هذا فقط ما يجلبك إلى مغني، في حوار لي معه منشور بإحدى الجرائد الأمازيغية، قال لي مغني بالحرف ألا أحد من الفنانين المعروفين بالأطلس أبدع أغنية أمازيغية، معترفا أنه من الصعب عليه أن يتبنى أغنية لم ينتجها.. قال بالحرف:" كل ما عملناه هو أننا حولنا أغاني أحيدوس من الفضاء الخارجي إلى البيت" أي أن كل ما كان يغنى في أحيدوس، حولناه إلى الغناء في فضاء البيت" أي أنه، وبلغة الأنتروبولوجيا: تحويل الغناء من فضاء الرحال إلى فضاء الاستقرار.
في الآونة الأخيرة، تلقيت مكالمة من أحد الأصدقاء، يسألني ما إذا كنت سمعت بوفاة مغني، فأجبته بأني لا أعلم شيئا، وأنه لو وقع له شيء لكانت زوجتي كعادتها قد أسرعت بإخباري، كونها تعرف مكانته عندي، لكن صديقي هذا ألح على الخبر وبحزن شديد، كما لو أنه خبر صحيح، إذ لا أحد يمكنه أن يسرب مثل هذا الخبر دون أن تكون هناك مؤشرات، لكن عناد صديقي هذا لم يكن بهذا السوء، بل كان يتوخى منه مني نفي الخبر، مما أجبرني على القول بأن مغني لم يمت حتى لو سلمنا بوفاته، فهو الذي رسخ بغنائه في ذاكرتنا، كل الشعر الشفهي الذي يشكل لاوعينا الجماعي الأمازيغي، ودون بغنائه هذا الجزء المهم من التراث، ورسخ فينا شهادته بأن الشعر منقول من أحيدوس، وأنه ملك للذاكرة، وليس ملكا للذين تملكوه، وأن مغني لا زال مستعصيا على الموت.
من الصعب جدا أن نهضم مثل هذا القول حتى لو سلمنا بأن مغني كباقي البشر، الموت حق عليهم، لكن في الحقيقة نرفض مثل هذا الاستسلام، من منطلق ترسخ وخلود صوت مغني في ذاكرتنا، كيف لا وهو لم يستسلم بعد لقدر الموت.. نتمنى لمغني شفاء عاجلا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.