الطالبي العلمي كاعي من البلوكاج لي داير لشكر لهياكل مجلس النواب واللي تسبب فتعطيل المؤسسة التشريعية    وزيرة : ليبيريا تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التكوين المهني    "أحرضان" القنصل المغربي بهولندا يغادر إلى دار البقاء    عساكرية من مالي والنيحر شاركو مع البوليساريو فتمرين دارتو دزاير (تصاور)    نقابة تتهم حيار بتعطيل الحوار الاجتماعي ومحاولة تصفية وكالة التنمية الاجتماعية    تعزية لعائلة الجايحي في وفاة الحاج علال    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط نتائج بحث الظرفية لدى الأسر الفصل الأول من سنة 2024    "لارام" وشركة "سافران" تعززان شراكتهما بمجال صيانة محركات الطائرات    فيتو أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة    إسرائيل تقصف أصفهان بمسيّرات.. وإيران: لا تقارير عن هجوم من الخارج    رغم غلق الأجواء.. فريق مغربي يسافر في رحلة مباشرة إلى الجزائر    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    فضيحة فبني ملال.. التغرير بأطفال قاصرين بغرض تعريضهم لاعتداءات جنسية طيح بيدوفيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    أنباء عن انفجارات في إيران ناجمة وفق مسؤولين أميركيين عن ضربة إسرائيلية    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    الهجوم الإسرائيلي على إيران يشعل أسعار النفط    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    هجرة .. المشاركون في الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا يشيدون بالالتزام القوي لجلالة الملك في تنفيذ الأجندة الإفريقية    دوي انفجارات بإيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائيلية    جورنالات صبليونية: هليكوبتر بالشعار الملكي والدرابو بالحمر حطات فمطار كاستيون    جنايات الحسيمة تصدر حكمها على متهم بسرقة وكالة لصرف العملات    حملة جديدة لتحرير الملك العام في مدينة العرائش أمام تغول الفراشة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    أساتذة موقوفون يعتصمون وسط بني ملال    رئيس "الفاو" من الرباط: نفقات حروب 2024 تكفي لتحقيق الأمن الغذائي بالعالم    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرية الإنسانية من المنظور الوجودي لدى سارتر
نشر في شبكة أنباء الشمال يوم 01 - 02 - 2017


بقلم: نعمان الفاضل
يعتبر سارتر أبرز الفلاسفة الوجوديين الذين تحمسوا للدفاع عن الحرية الإنسانية ضد أي لون من ألوان الحتمية، فحاول أن يحطم فكرة أية ضرورة مفروضة على الإنسان من الخارج، أو مستمدة من الأشياء، أو من أي نظام ديني أخلاقي.
وتقوم الفلسفة الوجودية على مبدأ رئيسي يضعه سارتر، وهو القول "بأسبقية الوجود على الماهية"، فالإنسان يوجد أولا ثم يعرف بعد ذلك. وحين يوجد الإنسان لا يكون شيئا محددا أو معينا، ولا يملك أية طبيعة إنسانية بإمكانه أن يسند ويركن إليها في تصرفاته، لكونه لم يختر بعد ما يكونه وكيف يكون. ومن ثم، فالإنسان هو من يتحكم بماهيته وليس العكس، وهو من يحدد نفسه ويرسم وجوده وحريته وكيانه، أي أن الإنسان يوجد أولا غير محدد بصفة أو لقب، ثم يلقي بنفسه في المستقبل بفعله وفكره، فهو من يصنع مستقبله ويحقق من هذا الصنع ما يستطيع.
ومن هذا المنطلق، فكي يكون الإنسان مسؤولا عن عما هو عليه، لابد له أن يكون مشروعا وتصميما يصوغ بنفسه لنفسه، وهذه المسؤولية لا تقتصر عليه وحده فقط، بل تمتد إلى الناس جميعا، وذلك لأننا " عندما نقول بأن الإنسان يختار ذاته، فإننا نعني أن كلا منا يختار ذاته، ونقصد بذلك أيضا، أن باختيارنا هذا نختار كل الناس.
وبناء على ما سبق، فقد بلور سارتر موقفه من مسألة الحرية في فلسفته الوجودية حول محور أساسي يتمثل في تأكيده على الذاتية الإنسانية والوعي والحرية بغية تأسيس اصور للحرية على أسس واقعية وحقيقة صلبة غير منغلقة على ذاتها ولا تقصي الأخر، بل تعتبره – على حد تعبير سارتر – " حرية ماثلة قبالتي".
ويذهب سارتر الى القول إنه مادام الوجود سبقا على الماهية، فإنه يترتب عن ذلك أن يكون الإنسان حرا، لأنه يوجد في العالم، وبعد ذلك يفعل بنفسه ما يشاء، ويصنع لنفسه ماهيته بإرادة حرة. وبهذا، يكون سارتر قد قلب العلاقة بين الإنسان والوجود د، فإذا كانت الفلسفة التقليدية تقول بأن ماهية الإنسان سابقة على وجوده، بالشكل الذي يصبح معه خاضعا لجبرية وضرورة مطلقتين. فإن سارتر يقول پأسبقية الوجود على الماهية، يحيث يصبح الإنسان حرا في اختيار ماهية وجوده.
بيد أن الإنسان بامتلاكه لماهيته ولحرية اختيارها يلزم عن ذلك ضرورة أن يتحمل مسؤولية تلك الحرية ونتائج اختياراته وعواقب أفعاله، حيث يقول سارتر في ذا الصدد: " وهكذا أكون مسؤولا أمام نفسي وأمام الجميع، فأبدع صورة محددة للإنسان الذي أختاره، وباختياري لنفسي، فإني أختار الإنسان". ومن هذا القول نكتشف تأكيد سارتر وإلحاحه على وضع الإنسان وصيا على نفسه ومسؤولا عن أفعاله واختياراته.
وهكذا، فما دام كل اختيار يحتمل النجاح والفشل، ومادام «الإنسان الذي يلتزم وينتبه الى أنه ليس من يختار ما يكون عليه فقط، وانما يكون مشروعا يختار نفسه في الوقت الذي يختار فيه الإنسانية برمتها، لن يكون قادرا عندها على الإفلات من الشعور بمسؤولية تامة وعميقة". وذلك لكون هذا الاختيار ليس ألعوبة يتلهى بها الإنسان، وإنما هو بمثابة جوهر المعاناة التي يعانيها الفرد كي يؤكد وجوده، لأن اختيار الفرد لفعل معين دون آخر، وما سوف يرتبط بذلك من تحمل للمسؤولية. عادة ما يولد إحساسا بالخوف وقلقا من نتائج تلك المسؤولية أو ذاك الاختيار.
ويذهب سارتر إلى ان القلق الذي يقصده هنا، ليس ذاك القلق المرضي الذي يدعو إلى الاستكانة واللافعل، بل القلق الطبعي الذي ينتاب الإنسان الحر والمسؤول إذ يقول: " لا يتعلق الأمر هنا بقلق يقود إلى الدعة والجمود إنما هو قلق بسيط يعرفه كل من اضطلع بمسؤوليات". ومن ثم، فالإنسان حسب سارتر يظل طول حياته يعيش في قلق دائم مادام حرا يختار ويتحمل مسؤولية اختياره.
وخلاصة القول، إن الحرية عند سارتر ليست صفة مضافة أو خاصية من خصائص طبيعة الإنسان، بل هي عين الوجود ونسيجه، فالقول بأن الإنسان موجود يعني ببساطة أنه حر، لأنه كما يقول سارتر "محكوم عليه بالحرية، محكوم عليه لأنه ليس هو من خلق نفسه، إلا أنه مع ذلك يكون حرا لأنه بمجرد ما يلقى به في العالم يكون مسؤولا على كل ما يفعل". وبعبارة أخرى، لا يمكن التمييز بين الحرية والوجود، فالإنسان لا يوجد أولا ثم يصبح حرا بعد ذلك بل إن كونه انسانا معناه أنه حر بالفعل. وتوقف الإنسان عن الفعل وممارسة الحرية من شأنه أن يجعل حياته بلا معنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.