القمار أو الميسر أو ما يُصطلح عليه قرآنيا برجس من عمل الشيطان، هو آفة خطيرة تنخر جسد المجتمع، ومدينة تطوان كغيرها من مدن المغرب الكبرى أصبحت تعرف هاته الظاهرة المشينة حيث أصبحت أوكار القمار بالمدينة بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. من هذا المنطلق ارتأت جريدة "بريس تطوان" الغوص في أعماق هذا العالم المفعم بالمفاجآت والمغامرات والمحفوف بالمخاطر في نفس الوقت، حيث ارتأينا الانكباب على عينات ممن ضاع مستقبلهم بين ردهات أوكار القمار والبعض الآخر لازال غارقا في إدمانه دونما القدرة على التخلي عنه. أماكن المقامرين بتطوان متنوعة حيث ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وهاجسهم الأول والأخير الربح الوافر والثراء السريع بدون جهد ولا نصب. وفي سعي -بريس تطوان- تسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة تقمص صحفي الجريدة دور مقامر واقتحم بعض أوكار المقامرين بمختلف أنواعها (موائد البوكر والرامي وسباق الخيول....) وقد تم توثيق هذا الربورتاج بالصوت والصورة لبعض الحالات الواقعية والصادمة ( نتحفظ عن نشرها من باب أخلاقيات المهنة). مقهى الشاف بساحة الفدان مقهى الشاف هي مقهى تتموقع قبالة القصر الملكي بساحة المشور السعيد تعتبر من أعرق أوكار القمار بالمدينة فما إن يرخي الليل سدوله حتى تتحول المقهى لكازينو صغير للعب البوكر والعيطة والرامي، المقهى يعتبر صاحبها نفسه فوق القانون حسب شهادات مدمنين على القمار الذين ضاع مستقبلهم هناك دون فائدة تُذكر. بعد منتصف الليل يبدأ توافد المقامرين على هذا الكازينو الصغير الواحد تلو الآخر، زبناؤه معروفون ولا يتم إدخال الزبون الجديد إلا مرفوقا بزبون قديم مخافة وقوع مداهمة أمنية أو شجار مفتعل عن قصد. يحكي أحدهم – لبريس تطوان - أنه ترك مستقبله وزوجته وتجارته وكل ما كان يملك بين البوكر والعيطة بمقهى الشاف السالفة الذكر، وكانت أول تجربة له مجرد تسلية عندما أقنعه رفيقه بصعود سلم المقهى فقط لتمضية بعض الوقت رفقة طاولة العيطة التي تلعب بالورق ويعتمد قانون اللعب بذات المقهى بأداء الزبون 20 درهما عن كل ساعة لعب التي غالبا ما تنتهي حتى ساعات متأخرة من الصباح، مُتحدثنا أكد أنه بين عشية وضحاها وجد نفسه مدمنا على القمار ومفلسا لدرجة ترك زوجته ومنزله وضاعت تجارته ولم ينفعه الندم . المقهى تشتغل في هذا المجال أكثر من أربعة عقود من الزمن وتعود ملكيتها لرجل أمن سابق، يستغل علاقاته العامة في استمرار عمله المحظور والذي يعاقب عليه قانونا. دار الروبيو والمقامرون الأثرياء دار الروبيو هو اسم لمنزل يتواجد قبالة المحكمة الإبتدائية بتطوان رواده شخصيات كبار من أمنيين وموظفين ورجال أعمال يتركون بالمكان مبالغ مالية مهمة، ويعتبر هذا الوكر المعد للقمار حصريا على أصحاب المال والنفوذ، وتتم طريقة اللعب بأداء مبلغ 100 درهم والمقامرة حتى الصباح، حيث تُعتبر لعبة "البوكر" اللعبة المفضلة لزبناء دار الروبيو التي تعد لمرتاديها كافة أنواع الخمور من أجل التسلية وقضاء وقت ممتع. هذا الوكر الذي يرتاده عِلية القوم يهدفون إلى تحقيق التسلية قبل الربح، والظهور بمظهر الثراء أمام الحضور الوازن، بخلاف مقهى الشاف التي تبقى وجهة مرتاديها الربح ولاشيء غير الربح. مقهى الحبيب والمقامرون الفقراء بين دروب وأزقة المدينة العتيقة وتحديدا بحي العيون بمحاذاة القصر الملكي توجد مقهى أخرى تسمى مقهى الحبيب والتي تشتغل بالليل قمارا وبالنهارا مقهى. المقهى تتحول بعد منتصف الليل إلى كازينو صغير يرتاده كل من هب ودب من الزبناء، لِلعب "العيطة" لسهولتها ووفرة أرباحها وتعتمد كذلك على نظام الأداء مقابل الساعة، وجل مرتادي المقهى هدفهم الربح، لكن معظمهم يخرج خالي الوفاض خصوصا وأن الزبناء أغلبهم باعة جائلين وتجار وجدوا أنفسهم مدمنين دون سابق إنذار. وسبق في عديد المرات لرجال الأمن من مباغتة المكان السالف الذكر لكن سرعان ما عادت المياه لمجاريها كأن شيئا لم يكن. محلات التيرسي واليناصيب الخيري. محلات التيرسي واليانصيب الخيري يلعبها الصغار والكبار وحتى الشيوخ، وتتواجد في أشهر الأماكن بالمدينة حيث تجد طوابير من المقامرين يصطفون كتلاميذ من أجل أخذ ورقات "العورة" ومتابعة سباقات الخيل التي كلما أسرعت ضاع مستقبل العديد منهم. هاته اللعبة المحظورة بمثابة إدمان حقيقي على الشخص، إذ يستعصي على المقامر التخلي عنها بسهولة ظنا منه أنه سيصبح مليونيرا في رمشة عين. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل سيتم التقليل أو الحد من خطورة هاته الظواهر المشينة داخل مدينة تطوان مدينة العلم والثقافة؟ وهل سيتم الضرب بيد من حديد على أصحاب الأوكار الذين ساهموا في تشريد أسر بأكملها؟ بل إن البعض منهم لم يجد غير التفكير في الإنتحار بديلا أمام تراكم الديون عليه بسبب ما أسماه القرآن برجس الشيطان.