المنتخب يرفع نبض الجماهير في وجدة    "الأسود" يشيدون بالدعم الجماهيري بعد الفوز في افتتاح "الكان"    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس    أسود الأطلس يبدأون رحلة المجد الإفريقي بالفوز على جزر القمر    المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي    أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج            تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    تفوق تاريخي ل"الأسود".. تعرّف على سجل المواجهات بين المغرب وجزر القمر    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    إنفانتينو يشيد بالمملكة المغربية مؤكدا قيادتها كرة القدم الإفريقية    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية سوسيوأنتروبولوجيا للسياق التاريخي للتضحية في الإسلام العربي
نشر في بريس تطوان يوم 13 - 10 - 2011

على الرغم من العمل الرائد " لجورج روبرتسون " في دراسته لموضوع التضحية في المجتمعات الإسلامية ، إلا أن هذه الدراسات لم تحضى باهتمام كبير من طرف علماء الأنتروبولوجيين ، بل كذلك دراسات كل من " هربرت و موس " ( 1899) حول موضوع التضحية باعتبارها الموضوع الرئيسي في أبحاثهم و التي ركزت بالأساس على طريقة تحليل هذه الطقوس .
وهذه هي النقطة التي لاحظها " دتيان " ( 1979) و أعتبرها مستوحاة من الرؤية الهيندوأروبية و المسيحية ، وهذا يجعل من الصعوبة نهج مثل هذا التحليل في نموذج تضحية المسلمين . وهذه الصعوبة تبدو واضحة المعالم سيما في العمل على موضوع التضحية و خصوصا في إفريقيا حيث يتم التخلص من كل المرجعيات في الإسلام مع بعض الاستثناءات القليلة في أواسط علماء الأنتروبولوجيا ( مورغنستون 1966 ، وشلهود 1955 ) ، كما ساد في أواسط علماء الأنتروبولوجيا فكرة أن التضحيات ليست عقيدة و خصوصا في الطقوس و الممارسات الإسلامية المشكوك فيها .
إذا كان القران يجعل من طقوس ذبح الحيوانات أمرا ضروريا لاستهلاك لحمهم فكذلك هي السنة التي تدعم هذه الطقوس. فهذه العملية كان أدائها السنوي يقام أثناء الحج إلى مكة المكرمة و تتكرر هذه العملية أيضا عند الأسر المسلمة بمناسبة العيد الكبير ، و الملاحظ في المجتمعات الإسلامية أ، هذه العملية تتم أيضا عند ولادة الأطفال و التي يطلق عليها عادة بالعقيقة .
فهذا المزيج من العملية الطقوسية نابع من الالتزامات العرضية للدين الذي يوحد العقيدة الإلهية ، مما يعطي رسم تخطيطي و رمزي للأضحية في الإسلام العربي .
إن النموذج الجميل و الرئيس للتضحية في المجتمعات الإسلامية العربية يتجلى في التجربة الإبراهيمية حيث كان إبراهيم على وشك قتل ابنه البكر، على اعتبار أن هذه العملية أضحية مقدمة إلى الله.
ففي التقاليد الإسلامية سحبت فكرة تقديم الابن كأضحية كما سلف العرب و النسب النبوي الشريف ممثلا في محمد عليه الصلاة و السلام. هذه الاختلافات الواردة حول التضحية بالابن البكر جعلت إبراهيم شخصية أسطورية ، فتصميم إبراهيم و زوجته على تقديم الأضحية أو القربان المقدم إلى الله و المتمثل في الابن الأكبر إسماعيل رضي الله عنه خلق المعجزة و هي استبدال الآدمي بالحيواني أو استبدال إسماعيل بالكبش ، فهذه الرؤيا مكنت من التوفيق بين هذا الاختلاف .
إذا فهذه العملية في التضحية تختلف باختلاف كل ممارسة ، فنجد طقوس ذبح الذبيحة التي تفسر الارتباط بين الجنسين و المتمثلة في الزواج كما شرحها سميت روبرتسون . و إذا ما كان بالإمكان الرجوع إلى الكتاب المقدس سوف نجد أن لهذا الموضوع جذوره في العالم القديم و خصوصا في الشرق الأوسط حيث كانت تقام طقوس التضحية منذ زيادة أول مولود ، وهنا يأتي " ليتش " 1993 بفتح الطريق لإعادة النظر في البعد الكوني لهذه الطقوس من خلال المقاربة العلاجية القائمة على الذبيحة بالتزامن أو التناقض بين المذكر و المؤنث .
إن القراءة الإسلامية لهذه الرمزية الموروثة عن الديانات التوحيدية في الشرق الأوسط تأخذ معنى جديد و خصوصا مع الدعوة النبوية التي تجد ذروتها في نهاية المطاف مع الوحي الذي نزل على محمد ( ص ) ، من خلال إعطاء مكانة مركزية لطقوس ذبح جميع الحيوانات ، ونجد من خلال هذه الممارسة أن بين الدم و الذبيحة اعتراف بالخالق أكتر مما هو عرض للإله أو للإسلام مع الحفاظ على القصد منها بما في ذلك مواضيع أكثر أو أقل من طقوس القرابين التي تظهر فقط كأداة للتقديم و التقارب من الإلوهية ، بل رفض كل تجسيم و إقامة حاجز بين الإنسان و خالقه ، فالإسلام لايعطي لطقوس الذبيحة موقعا و سطا لأنه ليس من أركان الدين ، ولعل هذا هو السبب من انتشار الطقوس القربانية اليومية في المجتمعات الإسلامية بأشكال همجية و آثمة و سوف نورد بعض الأمثلة ، وحتى لو كان التقليد يستبعد النساء اللواتي يمكن لهم أن يلعبوا هذا الدور في الطقوس ، فالتضحية تبقى في جوهرها من تنفيذ الرجال المسلمين ولاسيما كما هو الحال في النموذج الإبراهيمي .
لكن هناك العديد من الدراسات و المؤلفات ربطت الدم بالمرأة على اعتبار أنه ضد الذكورية ، فالتضحية و الدم من خصوبة المرأة كما هو الحال في اليونان القديمة حيث استبعدت الأضحية عن الدم و أصبحت المرأة تشارك في الأضحية غير الدموية .
أن فصل الدم عن الذبيحة في سبيل الله هو جزء من الوحي ، و إستنا ذا على ذلك فلا تزال عدد من الطقوس القربانية تستخدم الأضحية بطرق آثمة في استهلاك الدم الذي يلتصق على الجسم على شكل رذاذ أو علامات ليست محفوظة و هذه الممارسات بالنسبة للمرأة نجدها في العديد من الأقليات و التجمعات في شمال إفريقيا ( كناوة ، عساوة ، ... ) حيث وجدوا فرص عمل في نفس الممارسات التي تشبه الطقوس اليونانية إلى حد كبير - ديونيسوس و تمزيق الأضحية بالمسامير و الأسنان و استهلاك اللحوم النيئة – وعادة ما يرافق هذا العدوان القيم السائدة .
ففي بعض الأحيان يميل التفسير خارج سياق الإسلام و يرتبط مباشرة بالجماعات و الأقليات من خلال التأثيرات المحلية على المسلمين – إفريقيا – يبدوا في الواقع أن اللازمة الأساسية لتفسير هذه الحقائق كما هي في الواقع المحلي هي أشكال الإسلام التي ترتبط بمجموعات مهيمنة و التي تعكس نوع من الفرضية – الأرواح و كناوة و عساوة – و ذلك من خلال ممارستها التي تنطوي على التضحية بصفة وثيقة و حيازة .
بقلم:
محمد قروق كركيش
طالب و باحث في علم الاجتماع بتطوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.