أعادت مداخلة لوزير العدل عبد اللطيف في جلسة برلمانية حديثة، النقاش حول قسم الطب الشرعي بالمغرب، إذ أعرب عن قلقه إزاء ضعف الإقبال على تخصص الطب الشرعي في المغرب.مشيرا إلى أن هذا المجال يعاني من نقص حاد في الأطر المتخصصة. وأوضح وهبي أن التعويض المالي المخصص لتشريح الجثث، والذي لا يتجاوز 100 درهم، يعد من أبرز الأسباب التي تثني الطلبة عن اختيار هذا التخصص الحيوي. رغم الأهمية القصوى التي يكتسيه الطب الشرعي في خدمة العدالة وكشف ملابسات الجرائم، لا يزال هذا التخصص الطبي يعاني من تهميش واضح في المغرب، سواء على مستوى التكوين أو الممارسة، ما أدى إلى خصاص مهول في عدد الأطباء الشرعيين عبر ربوع المملكة. وحسب معطيات من وزارة الصحة، لا يتجاوز عدد الأطباء الممارسين فعلياً في مجال الطب الشرعي بضع عشرات، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول قدرة المنظومة الصحية والقضائية على مواكبة الطلب المتزايد على هذه الخدمة الحساسة، خاصة في ظل ارتفاع قضايا العنف، والوفيات المشبوهة، وملفات الحوادث. ومن بين الأسباب الرئيسية التي تدفع الطلبة إلى النفور من التخصص في الطب الشرعي، هناك ضعف التعويضات التي يتقاضاها الطبيب الشرعي مقارنة بالمخاطر النفسية والجسدية التي يواجهها، ناهيك عن ضغط العمل في بيئة يغلب عليها العنف والموت والتعامل مع الجثث. ويقول أحد الطلبة في السنة السابعة من كلية الطب بالدار البيضاء: "صراحة، لا يمكن أن أختار الطب الشرعي وأنا أرى زملاء يشتغلون في ظروف مزرية، بتعويضات لا تكاد تذكر، إضافة إلى غياب الإمكانيات في العديد من مستشفيات المملكة." ويؤكد أساتذة في الطب أن هذا التخصص لا يحظى بالتحفيز الكافي، سواء من الناحية المادية أو الرمزية، إذ لا توجد مؤسسات كافية للتكوين العملي، ولا مستشفيات مجهزة بتقنيات التشريح الحديثة، كما أن الأطباء الشرعيين يعانون من عزلة مهنية في ظل غياب الاعتراف الحقيقي بأدوارهم. في هذا السياق، تطالب فعاليات طبية وقانونية بضرورة فتح مراكز جهوية للطب الشرعي، وتوفير مسارات تكوينية واضحة، وتعويضات محفزة، حتى يتسنى جذب الأطر الطبية الشابة إلى هذا التخصص الحيوي. كما يوصي الخبراء بتعزيز التعاون بين وزارتي الصحة والعدل لتفعيل مخطط وطني يعيد الاعتبار للطب الشرعي، ويضمن تغطية شاملة للجهات، بما يخدم العدالة ويحفظ كرامة الموتى وحقوق ذويهم.