يمثل الأعوان المحليون العمود الفقري للعمل القنصلي والإداري في السفارات والقنصليات المغربية بالخارج. إلا أن وضعيتهم القانونية والاجتماعية لا تعكس حجم الأدوار التي يضطلعون بها، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالحق في التغطية الاجتماعية والتقاعد، ما يطرح إشكالات متعددة ترتبط بالقانون الدولي، والعدالة الاجتماعية، ومبادئ الإنصاف التي يكرسها الدستور المغربي. بين القانون الدولي والتكييف الإداري المغربي وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961، تُعد السفارات والقنصليات امتدادًا للسيادة المغربية، وتخضع لأحكام القانون المغربي على مستوى الإقليم القانوني. ورغم هذا المعطى الجوهري، فإن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج تُبرم مع الأعوان المحليين عقود عمل تتنصل صراحة من الترسيم أو الإلحاق بالإدارة المغربية، وتربط العلاقة القانونية بقوانين البلد المضيف، حتى لو كانت هذه القوانين لا توفر الحد الأدنى من الضمانات الاجتماعية. الفراغ القانوني والتهميش الاجتماعي في عدد من الدول العربية أو الإفريقية التي لا تتوفر على أنظمة فعالة للضمان الاجتماعي أو لا تتيح للأجانب الاشتراك فيها، يُترك العون المحلي لمصيره عند بلوغ سن التقاعد. ورغم عشرات السنين من الخدمة، لا يُمنح سوى مكافأة هزيلة لا ترقى إلى قيمة الخدمة المؤداة ولا تكفي لتأمين كرامته الاجتماعية بعد انتهاء فترة العمل. هذا الوضع يُخالف مبادئ الإنصاف ويخلق تمييزًا واضحًا بين الأعوان المحليين داخل الوطن وخارجه. الحجج القانونية المطالبة بالتغطية الاجتماعية الإقليم القانوني المغربي: كون السفارات أراضٍ سيادية للمغرب يقوي حجة إدماج الأعوان في منظومة الضمان الاجتماعي المغربي. إشراف الدولة: العقود تُبرم مع وزارة مغربية، والأجور تُصرف من ميزانية عمومية، ما يجعل الأعوان في وضع أقرب للموظفين العموميين من حيث التبعية. الدستور المغربي: الفصل 31 من الدستور ينص على حق المواطن في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وهو حق لا يجب أن يُنتزع بمجرد العمل خارج حدود الوطن الجغرافي. مبدأ الإنصاف الوظيفي: من غير المقبول أن يُحرم عون عمل لأكثر من 30 سنة من أي معاش، في حين يُمنح زملاؤه داخل الوطن تغطية متكاملة. ما المطلوب؟ إعادة النظر في العقود: يجب تعديل العقود المبرمة مع الأعوان المحليين بما يضمن على الأقل حق الاشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المغربي (CNSS) بشكل تطوعي أو من خلال مساهمة الوزارة. إحداث نظام تقاعد خاص: كما هو معمول به في بعض القطاعات الشبيهة، يمكن إحداث صندوق تقاعد مخصص لهذه الفئة. توسيع الحوار المؤسساتي: على البرلمان ومؤسسة الوسيط ومجلس الجالية المغربية بالخارج فتح هذا الملف بجدية من أجل صيانة كرامة هذه الفئة. العدالة في صرف مكافآت نهاية الخدمة: يجب أنسنة ومراجعة قيمة المكافآت الممنوحة لتكون عادلة ومتناسبة مع سنوات الخدمة والغلاء المعيشي. إن تجاهل وضعية الأعوان المحليين في سفارات المغرب بالخارج (كنت واحدا منهم) يُعد انتهاكًا مزدوجًا للعدالة الإدارية والكرامة الإنسانية. خدمة الوطن من خارج حدوده يجب ألا تكون مبررًا لتهميش حقوق مكتسبة، وقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لهؤلاء الجنود المجهولين، الذين خدموا المصالح العليا للمغرب بصمت وتفانٍ وصبر قل نظيره!