في وقت يفترض أن تنخفض فيه أسعار الفواكه الموسمية بفضل وفرة الإنتاج، يجد المستهلك المغربي نفسه أمام لهيب أسعار غير مسبوق، حول اقتناء أبسط أنواع الفواكه إلى كماليات تثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود. مشاهد الامتعاض تتكرر في الأسواق، وتغص منصات التواصل الاجتماعي بتدوينات غاضبة تستنكر هذا الارتفاع الذي وصفه البعض ب"غير المبرر"، لا سيما وأننا في ذروة الموسم الذي عادة ما يشهد انخفاضا في الأسعار. ورغم تطمينات المسؤولين في قطاع التوزيع، لا تزال الأسعار في تصاعد، ما يعيد إلى الواجهة النقاش حول جدوى تدخل الدولة لضبط السوق، وفعالية آليات المراقبة والتسويق، وسط اتهامات بوجود مضاربات واحتكار من قبل بعض الوسطاء. وفي هذا السياق، أوضح عبد الرزاق الشابي، الأمين العام لسوق الجملة، في تصريح خص به موقع *رسالة 24*، أن "الارتفاع المسجل في أسعار الفواكه لا يعزى إلى نقص في العرض"، مشيرا إلى أن الكميات التي دخلت السوق هذا العام مماثلة تقريبا لما سجل في السنة الماضية. الشابي تحدث عن تشكيلة الفواكه المتوفرة في السوق حاليًا، مشيرا إلى أن المزاح حاضر وإن بكميات محدودة، إلى جانب الخوخ، الشهدية، والتين الهندي (الكرموس الهندي). أما الفواكه التي تعرض طيلة السنة مثل الموز، الليمون، والتفاح، فقد لحقت بها زيادات لافتة. ولفت إلى أن المشمش سجل ارتفاعا ملموسا في الأسعار هذا العام مقارنة بالموسم السابق، على الرغم من أن الكميات الوافدة للسوق متساوية أو أكثر، وهو ما لم يمنع من استمرار الإقبال عليه من قبل المستهلكين. أما الخوخ والشهدية، اللذان لا يزالان في بداية موسمهما، فتتراوح أسعارهما بين 5 و7 دراهم، وأحيانا تصل إلى 10 دراهم في سوق الجملة، بينما تجاوز المزاح والمشمش عتبة 12 إلى 15 درهمًا للكيلوغرام. تطرق الشابي أيضا إلى الصعوبات المرتبطة بالبطيخ الأحمر (الدلاح) الذي يعتبر من أبرز الفواكه الصيفية. وقال إن "أسعاره تتأثر بشكل كبير خلال عمليات التعبئة والنقل، حيث تتعرض كميات مهمة للتلف، ما ينعكس على استقرار السوق". الأمر نفسه ينطبق على البطيخ الأصفر، خاصة في المناطق الفلاحية مثل سوس وزاكورة، التي شهدت خلال الفترة الأخيرة اضطرابات جوية من برد ورعود ألحقت أضرارا جسيمة بالمحاصيل، ما أثر بشكل مباشر على حجم وجودة الإنتاج. وشدد المسؤول بسوق الجملة على أن ارتفاع الأسعار لا يفيد التجار ولا يحقق أرباحا إضافية، بل يحدث خللا في معادلة العرض والطلب، يؤدي في النهاية إلى تراجع الإقبال ثم كساد المنتجات. "عندما يعجز المستهلك عن مجاراة الأسعار، يتوقف عن الشراء، فنجد أنفسنا نبيع بالخسارة ونتضرر في رأسمالنا"، يقول الشابي. ويتابع: "نحن نفضل الاستقرار على التقلب، لأن الأسعار المرتفعة بشكل اصطناعي تؤدي في كثير من الأحيان إلى ارتباك في السوق، وانهيار مفاجئ في أثمان الفواكه". ويرى المتحدث أن أحد الأسباب الجوهرية لهذا الوضع يعود إلى أزمة المياه، مبرزا أن التساقطات الأخيرة لن تحدث فرقا ملموسا في الإنتاج الحالي، وأن نتائجها ستظهر فقط ابتداء من شهر غشت. كما نبه إلى الارتفاع الصاروخي في أسعار المدخلات الفلاحية من أسمدة ومبيدات ومواد معالجة، مشيرا إلى أن بعضها تضاعف أو ارتفع بأكثر من عشر مرات، وهو ما ساهم بدوره في رفع كلفة الإنتاج، ومن ثم أسعار البيع في السوق.