تثير الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل تساؤلات عميقة بشأن تداعياتها على مجمل المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط، حيث تتشابك التحالفات وتتداخل المصالح بشكل معقد. فهل ستتسع رقعة النزاع لتشمل أطرافا جديدة. في هذا الصدد أكد المحلل السياسي خالد الشيات أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف داخل إيران يندرج ضمن استراتيجية تل أبيب القائمة على التفوق الاستخباراتي وتوجيه ضربات استباقية دقيقة، وهو نهج وصفه بالمستمر والثابت منذ عقود. وأوضح الشيات في تصريح " لرسالة 24″ أن إسرائيل اعتمدت، في مواجهتها مع خصومها الإقليميين، على مزيج من التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والمعلومات الاستخباراتية عالية الدقة، مشيرا إلى أن ما حدث مؤخرا في إيران يشبه في أسلوبه ما قامت به إسرائيل في جنوبلبنان ضد حزب الله، حيث لعبت الدقة المعلوماتية دوراً محورياً في توجيه الضربات. وشدد الشيات على أن آثار الهجمات الأخيرة كانت كبيرة على المستوى الاستراتيجي لإيران، مؤكدا أن بطء وصعوبة رد طهران يعكسان وجود خلل واضح في منظومتها الدفاعية، وعجزاً عن التكيف مع الواقع الجديد. كما اعتبر أن هذا العجز يشير إلى أزمة أعمق، تتعلق بقدرة إيران على استيعاب تحولات المشهد الأمني، خاصة في ظل الهجمات النوعية التي تستهدف مواقعها الحيوية. وأشار الشيات إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية في هذا السياق لم تتغير منذ العام 1981، حين قصفت مفاعل تموز النووي العراقي، مؤكداً أن تل أبيب ما زالت تتبنى رؤية واضحة تقوم على منع أي دولة في المنطقة، وعلى رأسها إيران، من امتلاك السلاح النووي. وأضاف أن ما تغير اليوم هو فقط طبيعة الوسائل، حيث دمجت إسرائيل القدرات السيبرانية والتقنيات الاستخباراتية الحديثة في عملياتها العسكرية، ما زاد من فعالية ضرباتها وسرّية تنفيذها. وانتقد الشيات ما وصفه ب"التشتت الاستراتيجي" في المشروع الإيراني الإقليمي، موضحا أن انخراط إيران في مشاريع مذهبية وطائفية لم يحقق لها القبول الشعبي أو السياسي، بل أدى إلى فقدانها الحاضنة الإقليمية، وأضعف من قدرتها على التحرك بحرية في المنطقة. واعتبر أن هذا الانفصام داخل المنظومة الإسلامية، بين البعد المذهبي والسياسي، خلق حالة من التفكك داخل التحالفات التي تراهن عليها طهران، مشيراً إلى أن التهديدات التي تواجهها اليوم أكبر من قدرتها على المواجهة المباشرة. وحذر الشيات من أن استمرار الضربات قد يفتح الباب أمام حرب طويلة، قد تكون مدمرة لإيران، ليس فقط على الصعيد العسكري، بل على مستوى برنامجها النووي الذي سيكون في مرمى الخطر أكثر من أي وقت مضى. كما تساءل عن الموقف الأمريكي، متسائلاً إن كانت واشنطن ستدعم إسرائيل بشكل مباشر في حال تصاعد التهديدات، أم أنها ستبقي على مسافة من النزاع، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الاتفاق النووي مع طهران. وأكد الشيات أن الأذرع الإقليمية لإيران، من الحوثيين إلى الفصائل المسلحة في العراق وحزب الله في لبنان، لم تعد تملك القدرة ذاتها على دعم طهران استراتيجياً، بفعل المتغيرات الجيوسياسية والميدانية. وختم الشيات تصريحه بالتأكيد على أن إيران تحاول تجنب حرب طويلة تدرك أنها ستكون مكلفة، في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل مصممة على الاستمرار في تنفيذ ضربات متتالية وموجعة، هدفها شل القدرات الإيرانية، وفرض معادلة ردع جديدة في المنطقة.