أصدرت المحكمة الابتدائية بالرماني، في سابقة قضائية لافتة، قرارا استعجاليا بتاريخ 28 ماي 2025 يقضي بالسماح لتلميذة من جماعة عين السبيت، تدعى (س.م)، باجتياز امتحانات البكالوريا، بالرغم من عدم توفرها على بطاقة التعريف الوطنية، بعدما تعذر عليها استخراج الوثيقة في الوقت المحدد بسبب مسطرة قضائية معلقة. وجاء القرار، الذي أصدره القاضي عبد الصمد الشني بصفته رئيس قسم قضاء الأسرة وقاضي الأمور المستعجلة، مشمولا بالنفاذ المعجل، وبدون استدعاء الجهة المدعى عليها، نظرا لحالة الاستعجال القصوى التي تهدد مستقبل التلميذة الدراسي والمهني. واعتبر القاضي أن منع التلميذة من اجتياز الامتحان بسبب غياب الوثيقة التعريفية يعد تعسفا ويشكل حرمانا من حق دستوري لا يقبل التأجيل أو التقييد بشروط شكلية. وتعود تفاصيل القضية إلى قرب موعد إجراء امتحانات البكالوريا، حيث تفاجأت التلميذة بعدم تمكنها من استخراج بطاقة التعريف الوطنية بسبب تأخر البت في دعوى إصلاح تاريخ الازدياد، التي سبق أن تقدمت بها لدى المحكمة ذاتها، والتي استأنفتها النيابة العامة، مما عطل استصدار الوثيقة.وقد أكد مدير المؤسسة التعليمية التي تدرس بها التلميذة أن البطاقة الوطنية تمثل شرطاً ضرورياً لاجتياز الامتحان، وهو ما وضع التلميذة في وضع نفسي صعب قبيل الامتحانات. ولقي القرار القضائي إشادة واسعة من الأطقم التربوية والإدارية، ومن جمعية آباء وأولياء تلاميذ ثانوية التوحيد بعين السبيت، معتبرين أن المحكمة جسدت من خلاله نموذجاً للعدالة المواطِنة، وتفاعلت بروح قانونية وإنسانية مع نازلة كان من شأنها أن تحرم التلميذة من مصير دراسي مفصلي. وقد تمكنت التلميذة فعلا من اجتياز الامتحان في ظروف عادية، وتكللت جهودها بالحصول على شهادة البكالوريا بمعدل 14,62، شعبة الآداب والعلوم الإنسانية، وبميزة "حسن". وتعرب التلميذة اليوم عن امتنانها لهيئة المحكمة، راجية صدور حكم نهائي يخول لها إصلاح تاريخ ازديادها، حتى يتسنى لها متابعة تسجيلها في المنحة الجامعية والولوج إلى مؤسسات التعليم العالي، وهو ما يستلزم توفرها على وثائق إدارية سليمة، في مقدمتها بطاقة التعريف الوطنية. ويعد هذا القرار القضائي مثالا على دور القضاء الاستعجالي في حماية الحقوق الأساسية للمواطنين، خصوصا حين يتعلق الأمر بمستقبل التلاميذ والشباب، في إطار تفعيل المبادئ الدستورية والالتزامات القانونية للمؤسسات.