تشهد مدينة أكادير منذ صباح الأحد 14 شتنبر موجة غضب شعبي غير مسبوقة، بعد أن خرج المئات من المواطنين في مسيرة حاشدة أمام البوابة الرئيسية للمستشفى الجهوي الحسن الثاني، الذي بات يلقب بين السكان ب"مستشفى الموت" بسبب توالي حالات الوفاة في ظروف وصفت بالغامضة وتردي الخدمات الصحية وغياب الحد الأدنى من التجهيزات الطبية. الاحتجاجات تحولت إلى صرخة جماعية عكست حجم المعاناة اليومية للمرضى وذويهم، حيث ارتفعت أصوات المتظاهرين بهتافات قوية من قبيل "الشعب يريد إسقاط الفساد" و"هذا عيب هذا عار.. مقبرة أم سبيطار"، في إشارة إلى الانهيار الخطير الذي يعرفه القطاع الصحي بالجهة، خاصة في أقسام الولادة والمستعجلات التي تعاني اكتظاظا مزمنا ونقصا فادحا في الموارد البشرية. وما زاد المشهد درامية هو مشاركة مرضى وأسرهم ممن عانوا مضاعفات طبية بعد تلقيهم العلاج داخل المستشفى، حيث اختاروا الانضمام إلى الجموع الغاضبة للتنديد بواقع وصفوه بالمأساوي. غير أن أكثر اللحظات تأثيرا تمثلت في ظهور رضيعة صغيرة وسط المظاهرة، إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقطع فيديو لوالدها وهو يحملها بين ذراعيه، مناشدا جلالة الملك التدخل العاجل لإنقاذ حياة طفلته، في صورة هزت مشاعر الرأي العام الوطني وأضفت بعدا إنسانيا بالغ القوة على الاحتجاج. الحشود التي تواصلت إلى حدود المساء رافقتها تعزيزات أمنية مكثفة، حيث شهد محيط المستشفى انتشارا لرجال الأمن وتدخلات لتفريق المتظاهرين في محاولات لاحتواء الوضع. غير أن إصرار المشاركين بدا واضحا على المضي في إيصال رسالتهم إلى الجهات العليا، محذرين من أن الصمت إزاء هذه الأزمة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأرواح المهدورة. يذكر أن فعاليات حقوقية ومدنية سبق أن نبهت، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى الخطر المحدق بالمرضى داخل المستشفى الجهوي، بعد تزايد حالات الوفيات وتفاقم الأعطاب في منظومة الرعاية الصحية. هذه الأصوات دعت إلى إصلاح عاجل وجذري يعيد الثقة في المرفق العمومي ويضمن كرامة المواطنين وحقهم الدستوري في العلاج.