وسط تحوّلات حضرية متسارعة ونمو سياحي لافت، تواصل مدينة طنجة تسجيل مستويات من الأمان العام تُصنّف بأنها "مقبولة إلى مشجعة"، في ظل سيطرة شبه كاملة على مظاهر العنف المنظم، وبروز استقرار نسبي في التوازن المجتمعي داخل النسيج العمراني المتنوع. وتستند هذه القراءة إلى معطيات موقع "Numbeo"، الذي يُعد من أكبر قواعد البيانات المفتوحة الخاصة بجودة الحياة في العالم، ويعتمد في تصنيفاته على مساهمات المستخدمين المحليين والدوليين. ووفق التحديث الخاص بمنتصف سنة 2025، احتفظت طنجة بمؤشرات إيجابية في ما يخصّ الشعور بالأمان خلال فترات النهار، مع معدلات منخفضة للقلق من الاعتداءات الجسدية أو الجرائم المصحوبة بأسلحة بيضاء أو نارية. ويرى مراقبون أن هذه المؤشرات تعكس مفعول الاستراتيجية الأمنية الوطنية، القائمة على تعزيز تموقع العناصر الأمنية في الفضاءات الحيوية، وتكثيف الحضور الميداني وفق منطق "الانتشار الوقائي"، إلى جانب تطوير أنظمة الاستعلام الجنائي والتنسيق الاستخباراتي، ضمن مقاربة ترابية مندمجة تُشرف عليها المديرية العامة للأمن الوطني بتعاون مع السلطات المحلية. كما تُسجّل طنجة تحسنا ملحوظا في كفاءة الاستجابة للتبليغات، بفضل توسيع التغطية المجالية وتجويد آليات القرب والتفاعل. وعلى الرغم من بقاء بعض مظاهر السرقات غير العنيفة، خصوصا في بعض الفضاءات أو داخل وسائل النقل، فإن المعطيات لا تشير إلى قفزات مقلقة في منحى الجريمة خلال السنوات الثلاث الماضية. بل إن تقييم هذا المؤشر تحديدا جاء أقل حدة من مدن أخرى مماثلة الحجم أو الكثافة السكانية. وقد انعكس هذا الاستقرار النسبي على ثقة السكان والزوار، حيث لا تزال المدينة تعزز جاذبيتها السياحية والاقتصادية، مدعومة بشبكة خدمات حديثة ونمط عيش حضري مرن، دون مؤشرات على وجود تهديدات أمنية جدية تؤثر في حركة التنقل أو الاستثمار أو المبيت السياحي. وتتوزع أهم بؤر القلق، وفق تقييمات "Numbeo"، بين النشل والتحرش العرضي، وهي مظاهر تُواجه عادة بإجراءات ميدانية ظرفية وتدابير تأطيرية في إطار الحملات الدورية. كما تستفيد المدينة من ما يُوصف ب"المراقبة الاجتماعية غير النظامية"، المتمثلة في يقظة السكان وتفاعلهم مع السلطة في عدد من الأحياء. غير أن خبراء في السياسات العامة يُنبّهون إلى ضرورة قراءة هذه المعطيات في إطارها المنهجي، باعتبارها تعكس تصورات مستخدمين وليست إحصائيات رسمية صادرة عن المصالح الأمنية. ومع ذلك، تظل مفيدة في قياس الانطباعات العامة، ورصد التحولات الشعورية لدى السكان تجاه محيطهم الحضري. وتعزّز هذه المؤشرات، في المجمل، صورة طنجة كمدينة تعرف نموا حضريا متسارعا دون أن ينعكس ذلك في شكل اضطرابات أمنية بنيوية، ما يضعها في موقع مريح ضمن مدن الجنوب المتوسطي التي تواجه تحديات ديمغرافية ومجتمعية متشابهة.