طوقت قوات الأمن المغربية، مساء الأحد، وقفة احتجاجية نظمها مئات المواطنين وفعاليات مدنية أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير (جنوب)، للتنديد بما وصفوه ب"الوضع الكارثي" للخدمات الصحية داخل هذه المؤسسة، التي باتت تستقبل مرضى من جهات عدة وتتجاوز طاقتها الاستيعابية. المحتجون رفعوا شعارات غاضبة من قبيل "الشعب يريد إسقاط الفساد" و"هذا عيب هذا عار.. مقبرة أم سبيطار"، مطالبين بتوفير الموارد البشرية والتجهيزات الطبية الضرورية، ولا سيما في أقسام الولادة والمستعجلات، بعد تسجيل ست وفيات متتالية لنساء شابات خضعن لعمليات قيصرية في ظروف مثيرة للجدل.
وقالت فعاليات حقوقية ومدنية شاركت في الوقفة إن المستشفى يعاني اكتظاظًا خانقًا، ونقصًا حادًا في الأطر الطبية والتمريضية، وأعطابًا متكررة في أجهزة التشخيص، ما يدفع العديد من المرضى إلى اللجوء إلى المصحات الخاصة رغم تكاليفها الباهظة. المديرة الجهوية للصحة بجهة سوس ماسة، بمياء شاكري، عقدت ندوة صحافية قبل المظاهرة، عبّرت فيها عن أسفها لسلسلة الوفيات المسجلة، مؤكدة أن لجنة مركزية من وزارة الصحة باشرت تحقيقًا في أسبابها، مع التركيز على تحسين ظروف العمل وتوفير الأدوية الأساسية ودعم الموارد البشرية. وذكرت أن قسم المستعجلات استقبل خلال النصف الأول من 2025 أكثر من 33 ألف حالة، بمعدل 250 حالة يوميًا، وأُجريت أزيد من 1760 عملية جراحية مستعجلة و3000 ولادة، بينها 668 قيصرية. وتعكس أزمة أكادير مأزقًا أوسع تعانيه المنظومة الصحية العمومية بالمغرب. فرغم أن الحكومة تخصص سنويًا أكثر من 28 مليار درهم لقطاع الصحة، يشتكي المواطنون من ضعف البنية التحتية ونقص الكوادر الطبية – حيث تشير أرقام رسمية إلى أن المغرب يتوفر على أقل من 8 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 16 طبيبًا – إلى جانب المواعيد الطبية البعيدة، والاكتظاظ المزمن في المستشفيات. في السنوات الأخيرة، أطلقت السلطات إصلاحات واسعة تحت شعار "إعادة هيكلة المنظومة الصحية"، ضمن مشروع الحماية الاجتماعية الشامل، لكن مراقبين يرون أن التنفيذ على الأرض لا يواكب حاجيات الساكنة، خاصة في المناطق الداخلية والجنوبية. وتأتي مظاهرة أكادير في سياق سلسلة احتجاجات شهدتها مدن مغربية عدة خلال الأسابيع الماضية، للمطالبة بتحسين الخدمات الصحية وضمان العدالة في الولوج إلى العلاج. ويؤكد نشطاء أن استمرار التدهور "يسيء لصورة المنظومة الصحية الوطنية ويعمّق معاناة الفئات الهشة"، داعين الحكومة إلى التعجيل بفتح ورش إصلاحي فعلي يضع كرامة المريض في صلب أولوياته.