– محمد سعيد أرباط: تحل اليوم بالمغرب الذكرى 72 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تقدمت بها الحركة الوطنية بمباركة من جلالة الملك الراحل محمد الخامس إلى المقيم العام بالرباط ممثل السلطات الفرنسية، وذلك في 11 يناير من سنة 1944. تقديم هذه الوثيقة في هذا التاريخ، يعتبر نقطة تحول بارزة في تاريخ نضال الحركة الوطنية، حيث عبرت لأول مرة بصراحة عن طلب الاستقلال بدل الاقتصار على المطالبة بالاصلاحات فقط، كما كان عليه الحال قبل هذه الوثيقة. غير ما يمكن ملاحظته في نص هذه الوثيقة، هو عدم الذكر الصريح لمنطقة الشمال، أو المناطق التي كانت خاضعة للاستعمار الاسباني، واقتصر النص على السلطات الاستعمارية الفرنسية واستغلال الفرنسيين لخيرات البلاد، وكأن الاسبان كانوا يقتسمون رغيفهم مع المغاربة. وبالعودة إلى وضعية مدينة طنجة بصفة خاصة، والشمال بصفة عامة في هذه الفترة، فإن في هذا الوقت بالتحديد كانت القوات الاستعمارية الاسبانية باسطة سيطرتها الكاملة على الشمال بعرضه، بما فيه مدينة طنجة التي كانت تحت النظام الدولي قبل أن تحتلها الجيوش الاسبانية سنة 1940. وظلت مدينة طنجة فاقدة لنظامها الدولي وتابعة إلى مدينة تطوان عاصمة المنطقة الخليفية تحت السيطرة الاسبانية، إلى سنة 1945، حينها أجبرت اتفاقية باريس الجيوش الاسبانية بإنهاء احتلالها لطنجة والعودة إلى النظام الدولي في 30 غشت 1945. وهذا ما يعني أن وضعية الشمال أثناء تقديم وثيقة الاستقلال في 11 يناير 1944، كان خاضعا للاستعمار الاسباني بصفة كاملة، وهو الاستعمار الذي لم يتم ذكره بشكل "صريح" في وثيقة المطالبة بالاستقلال. وعلى العموم، تبقى وثيقة المطالبة بالاستقلال من الاحداث البارزة في تاريخ النضال ضد الاستعمار الاجنبي بالمغرب، ويمكن اعتبارها البداية الرسمية للمطالبة بالاستقلال، الذي تلته مجموعة من الاحداث الاخرى الكبرى كزيارة الملك المغفور له محمد الخامس إلى طنجة سنة 1947 واعلانه بشكل "صريح" انتماء طنجة، وباقي المناطق الاخرى إلى بلد واحد وهو المغرب.