توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    البيضاء.. توقيف مواطن ينحدر من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء بعد اعتراضه الترامواي عاريا    حركة غير مسبوقة في قنصليات المغرب    الحكومة تحدد المبلغ الأقصى للسلفات الصغيرة وأسقف الأموال المتلقاة من قبل مؤسسات التمويلات الصغيرة    وفاة نجم ليفربول ومنتخب البرتغال في حادث مأساوي    لقجع: نحترم اختيار أمين يامال اللعب لإسبانيا ونتمنى له النجاح كقدوة للشباب المغربي    المواد الطاقية تقود انخفاض أسعار واردات المملكة خلال الفصل الأول من 2025    من الرباط .. خارطة طريق جديدة لمستقبل النظام المالي الإسلامي    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    المصادقة على مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    وكالة بيت مال القدس تخصص 2.2 مليون دولار لدعم الفلسطينيين    ارتفاع بنسبة 75% في الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا منذ مطلع العام    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    الهلال السعودي يتلقى نبأ سعيدا قبل مواجهة فلومينينسي    ضبط شحنة ضخمة من الحشيش المهرّب من شمال المغرب إلى إسبانيا    غواتيمالا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي "الأساس الجاد" لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية    الشرطة توقف مشاركين في موكب زفاف بسبب "السياقة الاستعراضية"    تنسيقية مهنيي سيارات الأجرة تستنكر "فوضى التسعيرة"    هلال: المغرب من أوائل الفاعلين في حكامة الذكاء الاصطناعي دوليا    إيران تؤكد التزامها معاهدة حظر الانتشار النووي        وزير الداخلية يترأس حفل تخرج الفوج الستين للسلك العادي لرجال السلطة    دعم 379 مشروعا في قطاع النشر والكتاب بأزيد من 10,9 مليون درهم برسم سنة 2025    الهاكا تسائل القناة الثانية بسبب بثها حفل "طوطو" وترديد كلمات نابية    قناديل البحر تغزو شواطئ الحسيمة مع انطلاق موسم الاصطياف    مطالب للداخلية بتوضيح أسباب الزيادة المفاجئة لأسعار الترامواي وحافلات النقل الحضري بالرباط    مقررة أممية: إسرائيل مسؤولة عن إحدى أقسى جرائم الإبادة بالتاريخ الحديث    "مكتب المطارات" يعيد هيكلة أقطابه لقيادة استراتيجية "مطارات 2030"    كأس العالم للأندية: المهاجم البرازيلي بيدرو يعزز صفوف تشلسي أمام بالميراس    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تمديد أجل طلبات الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر    بعد مراكش وباريس.. باسو يقدم "أتوووووت" لأول مرة في الدار البيضاء    صدمة بشفشاون بسبب تأجيل أقدم مهرجان شعري في المغرب لغياب الدعم اللازم    الرميد ينتقد حفل "طوطو" بموازين: "زمن الهزل يُقدَّم كنجاح ساحق"    بعد فضية 2022.. لبؤات الأطلس يبحثن عن المجد الإفريقي في "كان 2024"    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    الكاف تزيح الستار عن كأس جديدة لبطولة أمم إفريقيا للسيدات بالمغرب    المغرب من بين الدول الإفريقية الرائدة في جودة الحياة    بتعليمات ملكية سامية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق العمل ب13 مركزا جديدا في عدد من مدن المملكة    بونو وحكيمي يتألقان ويدخلان التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال الأندية    الرجوع إلى باريس.. نكهة سياحية وثقافية لا تُنسى    رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم يكتب: حين تتحوّل المقابلة الصحفية إلى تهمة بالإرهاب في الجزائر    "إبادة غزة".. إسرائيل تقتل 63 فلسطينيا بينهم 31 من منتظري المساعدات    مدينة شفشاون "المغربية" تُولد من جديد في الصين: نسخة مطابقة للمدينة الزرقاء في قلب هاربين    الجزائر تُطبع مع إسبانيا رغم ثبات موقف مدريد من مغربية الصحراء: تراجع تكتيكي أم اعتراف بالعزلة؟    الشرقاوي تعدد تحديات "المرأة العدل"    تصعيد جديد للتقنيين: إضرابات متواصلة ومطالب بإصلاحات عاجلة        تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    جرسيف تقوي التلقيح ضد "بوحمرون"    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربات الأسر بالمغرب.. بين العمل الاضطراري والرغبة في الاستقلالية المادية
نشر في طنجة 24 يوم 08 - 03 - 2018

أثبتت المرأة المغربية قدرتها على الفعل والريادة في ميادين شتى، فقد اقتحمت، بشكل واسع، مجالات كانت حكرا على الرجل كسبيل لتحقيق الذات أو من أجل الاستقلال المادي، لكن أحدا لم يكن يتصور أنها ستحل محل “رب” الأسرة، بعد أن كانت هذه المسؤولية مسنودة إلى الرجل في أغلب الثقافات حتى الحديثة منها. ولعل ما يؤكد هذا المعطى الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية المرأة المغربية، حيث أفادت بأن واحدة من كل ستة أسر ترأسها امرأة، إذ “ترتفع نسبة النساء اللواتي تترأسن أسرهن بالوسط الحضري بنسبة 18,6 في المائة، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 11,6 في المائة بالوسط القروي، وهو ما يدل على الدور الكبير والفعال الذي تضطلع به المرأة المغربية داخل الأسرة”. وبالفعل، تكاد المرأة المغربية تعمل في جميع المجالات للنهوض بالمسؤولية المادية لأسرتها، حتى تلك التي تحفها المخاطر، فتجدها تعمل في التجارة والحرف التقليدية والفلاحة والإدارات العمومية والمصانع وغيرها من المهن التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا وقضاء ساعات طوال خارج المنزل وبعيدا عن الأسرة. وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، أن هناك تطورا لوضعية المرأة داخل المجتمع المغربي، لا سيما أنها تمكنت من اقتحام مواقع عديدة ومختلفة داخل الدينامية المجتمعية، استطاعت من خلالها شغل عدة مهن كانت حكرا على الرجل، من قبيل مهن السياقة والسلطة والشرطة، وهي مهن تدخل في إطار القطاع المنظم. وأضاف الأستاذ بنيس أن المرأة المغربية عملت، كذلك، على التعاطي مع مهن أخرى تنتمي للقطاع غير المنظم من قبيل حراسة السيارات وبيع السجائر بالتقسيط وتنظيف مراحيض المقاهي، مبرزا أن المهن الأولى تحيل على صفات اعتبارية داخل المجتمع، فيما يحيل النوع الثاني من المهن على تمثلات سلبية تمس بصورة المرأة ويمكن توصيفها بكونها “مهن البؤس”. وأشار إلى أن “التحول” على مستوى بنية الأسرة المغربية وارد على ضوء الانتقال من الأسرة النووية إلى الأسرة المركبة وتداخل الوظائف على المستوى الرمزي (تربية الأطفال وتعليمهم) والمستوى المادي (المساهمة في ميزانية الأسرة وتدبير الشؤون اليومية)، موضحا أن منطق مؤسسة الزواج أضحى مرتكزا على تهيئة الأدوار بين الرجل والمرأة، بل وتقاسمها من خلال شراكة ثنائية في التدبير والتخطيط لشؤون الأسرة، إذا تم استحضار تجدر مفهوم توزيع المهام والواجبات في السياق المجتمعي المغربي. ومن ربات الأسر اللواتي نجحن في الجمع بين المسؤولية المادية المتمثلة في تغطية مصاريف البيت والمسؤولية الأخلاقية المتعلقة بتربية الأبناء، هناك السيدة هند.م (40 سنة) التي دفعتها ظروف اجتماعية قاهرة إلى الهمة والتشمير عن سواعدها لتغيير وضعيتها، لتحقق بذلك الاستقلالية المادية. تقول السيدة هند، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، “واجهت ظروفا صعبة بسبب قلة الموارد المالية وتهرب طليقي من الوفاء بمسؤولياته، خصوصا نفقات الأطفال. وبدل الجلوس مكتوفة اليدين، في انتظار حظ قد يأتي أو لا يأتي، اضطررت إلى العمل بإحدى المقاولات في القطاع الخاص (…) بحكم أنني أتوفر على مستوى تعليمي عال”. وهكذا، استعادت السيدة هند الأمل في حياة أفضل وتمكنت من التمرد على الظروف الاجتماعية القاهرة وإعالة أسرتها الصغيرة، بشكل لم يؤثر على دورها كأم لثلاثة أطفال ما زالوا في حاجة إلى الرعاية والحضن الدافئ. ومن خلال حالة السيدة هند يبدو أن الظروف الاجتماعية هي التي دفعتها إلى أن تصبح “ربة” أسرة، حيث تشير إحصائيات المندوبية إلى أن نسبة الأرامل والمطلقات من بين النساء اللواتي يرأسن أسر تبلغ 55 في المئة (654.647) و14 في المئة (170.265) على التوالي. وهذا ما يجعل الكثير من النساء يخرجن للعمل مضطرات بسبب الفقر أو الحاجة.
وفي معرض تعليقه على هذه الإحصائيات، أكد الأستاذ بنيس أن ثمة أسباب أدت إلى ارتفاع نسبة النساء “ربات الأسر”، فهناك أسباب اقتصادية تحيل مباشرة على بطالة الزوج أو فقدانه لعمله، وأسباب اجتماعية تهم الطلاق ووضعية الأرامل وتنصل الزوج من المسؤولية المادية. وأوضح أن الأسباب الاقتصادية تعد نتيجة مباشرة على الالتزام المادي التي تضطلع به المرأة المغربية تجاه الزوج والأبناء لتشبثها بمؤسسة الزواج كحاضن اجتماعي لعلاقة المرأة بالرجل، أما الأسباب الاجتماعية فتشكل قطيعة أو استقالة من مؤسسة الزواج التي لا تحترم فيها الأدوار ولا تنبني على التعاون والتدبير المشترك لشؤون الأسرة لتصبح فيها المرأة المعيل الوحيد للعائلة. وإذا كانت السيدة هند قد استطاعت أن توفر دخلا ملائما لأسرتها بفضل مستواها الدراسي، فإن وضعيتها لا تنطبق على معظم ربات الأسر المغربية. فالنساء خرجن إلى سوق العمل من جميع الشرائح. فحسب معطيات المندوبية “67 بالمائة من ربات الأسر لا يعرفن القراءة ولا الكتابة، حيث تصل هذه النسبة إلى 57 بالمائة بالوسط الحضري و88 بالمائة بالوسط القروي”. ومن هؤلاء النساء، هناك السيدة فاطمة.ح (50 سنة) التي توفي زوجها منذ عقدين من الزمن تاركا ثلاثة أبناء، أكبرهم لا يتجاوز العشر سنوات، وأصغرهم لم يكمل بعد سنته الأولى. تقول السيدة فاطمة “فقدت بعد وفاة زوجي، وضعا اجتماعيا جيدا، وأصبحت على عتبة الفقر، ووجدت نفسي، بحكم أنه لم يسبق لي العمل، أمام ثلاثة أفواه إن لم أطعمها ستموت جوعا”. وأضافت، في حديث للوكالة، “في بداية الأمر، قررت الانطلاق من الصفر، فبدأت بتحضير الخبر والحلويات وبيعهما، استطعت من خلالهما أن أعيل أسرتي بالرغم من الصعوبات والعقبات المتمثلة في المداخيل الضعيفة والانتظار الرهيب لزبناء تجود بهم السماء”. وبفضل عزيمتها وإصرارها الذي لا يلين، استطاعت فاطمة، التي لم تطأ قدماها قط المدرسة، أن تغير تدريجيا من وضعيتها السوسيو-اقتصادية. وهي اليوم، بصدد التفكير في مشروع معين يمكن أن يدر عليها المال ويساعدها على تحقيق استقلاليتها المادية في مشهد يجسد بحق نموذجا للمرأة المغربية المكافحة والمناضلة. وإذا استطاعت المرأة تصبح شريكا رئيسيا ومساهما اقتصاديا في تدبير شؤون الأسرة، فإن هذه الوضعية قد تنطوي على سلبيات “محتملة”، يجملها الأستاذ بنيس في تأثير وثيرة العمل على الحياة الأسرية للمرأة وتدقيقا تجاه أبنائها لاسيما مع عدم تواجدها بجانبهم في بعض الفترات العمرية الحرجة وكذلك على حياتها الخاصة، على اعتبار أنها تضحي بتطلعاتها الشخصية في سبيل تربية ومواكبة أبنائها، مما يؤدي بها إلى نهج سلوك اجتماعي ينتج عنه تحييد الحمولة العاطفية والإحساس بالذات وتغييب المشاريع الفردية لتعارضها أو عدم انسجامها مع واجب والتزام “معيلة الأسرة”. وأضاف أن هذه الأخيرة تضيف بمحض إرادتها إلى دورها كامرأة وأم دور الرجل، مما ينتج عنه استنفاذ لحالتها الصحية وكبح طموحاتها الفردية وتركيزها على إنجاح وتحقيق مشاريع أبنائها فتصير فردا مجتمعيا لا يتمتع بشخصية مستقلة بل ترهن وجودها ومساهمتها وفاعليتها في المجتمع بدورها في إعالة أسرتها. وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن هذه الوضعية تبشر بظهور فئة نسائية جديدة يتوجب على القطاعات المعنية والوزارات المكلفة ومنظمات المجتمع المدني تشخيص وضعيتها ورصد تطورها واستشراف مستقبلها للعمل على إدماجها في المجتمع وتلبية مطالبها.
*و م ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.