تستعد مدينة طنجة لاعتماد نظام النقل بالحافلات ذات المستوى العالي من الخدمة (BHNS)، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تحديث منظومة النقل الحضري، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتقليص الفوارق بين المدن الكبرى من حيث البنية التحتية المخصصة للتنقل العمومي. ويأتي هذا المشروع في سياق استعدادات المملكة لتنزيل نموذج جديد لعقود التدبير المفوض، وهو ما دفع طنجة، إلى جانب فاس ومراكش، إلى اتخاذ خطوات متقدمة لاعتماد هذا النظام الذي يعتمد على حافلات ذات سعة كبيرة ومسارات مخصصة، ما يتيح تقليل زمن الرحلات وتحسين انسيابية التنقل داخل المدينة. ويعتبر النقل الحضري في طنجة أحد أكثر القطاعات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة، إذ واجه تدبيره انتقادات متواصلة بسبب الاكتظاظ، وتكرار الأعطال، وارتفاع تكاليف التنقل، وضعف التغطية الجغرافية، ما أدى إلى احتجاجات من قبل الساكنة ومطالب بتجويد الخدمات. ويتم تدبير قطاع النقل العمومي في المدينة من قبل شركة "ألزا" الإسبانية في إطار عقد تدبير مفوض، غير أن أداءها ظل محل جدل واسع، خصوصًا مع تسجيل أعطاب متكررة في أسطول الحافلات وتنامي شكاوى المواطنين. وتراهن مدينة طنجة على مشروع BHNS باعتباره بديلاً قادرًا على تجاوز الإكراهات الحالية، حيث يعتمد على حافلات حديثة تتميز بقدرة استيعابية أكبر، مع تخصيص مسارات خاصة بها لتفادي الازدحام، فضلاً عن نظام تذاكر إلكتروني يضمن شفافية أكبر في تدبير المداخيل. ويرتبط تنفيذ هذا المشروع بالبرنامج الاستثماري الذي أُعلن عنه في ماي الماضي، قبل أن يتم توقيع اتفاقية بشأنه خلال أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة أواخر 2024. ويأتي هذا التحول وسط تقارير تفيد بأن وضعية النقل في طنجة انعكست سلبا على صورة المدينة في التصنيفات الدولية، حيث حصلت على تقييم 2.6 من 5 في تقرير أعده الاتحاد الدولي لكرة القدم حول المدن المرشحة لاستضافة كأس العالم 2030، وهو ما دفع الفاعلين المؤسساتيين إلى البحث عن حلول عاجلة لمعالجة الاختلالات. وتؤكد مصادر مطلعة أن تنفيذ مشروع BHNS لن يكون كافيًا بمفرده، ما لم يتم اتخاذ إجراءات موازية لضبط منظومة النقل بشكل أشمل، بما في ذلك تحديث الأسطول الحالي، وتوسيع التغطية الجغرافية، وتوفير حلول نقل بديلة للربط بين الأحياء البعيدة ومراكز الأنشطة الاقتصادية. ويخضع قطاع النقل الحضري في طنجة لإشراف مؤسسات التعاون بين الجماعات بموجب القانون 55.19، الذي يحدد الإطار القانوني والمالي لتدبير الخدمات المشتركة بين الجماعات.