تخوض اوساط اعلامية اسبانية حملة ممنهجة تستهدف الإجراءات التنظيمية التي تعتمدها السلطات المغربية على مستوى معبر سبتةالمحتلة، عبر الترويج لما تسميه "تشديدا مبالغا فيه" في عمليات التفتيش الجمركي، ومصادرة غير مبررة لبعض المواد الاستهلاكية ذات الطابع الشخصي. وفي آخر حلقات هذه الحملة، زعمت صحيفة "الفارو"، من خلال نسختها الخاصة بمدينة سبتةالمحتلة، أن الجمارك المغربية تتعمد التضييق على المسافرين القادمين من الثغر، عبر حجز حفاضات الاطفال، عبوات الحليب، ومنتجات التنظيف، حتى وإن كانت موجهة للاستعمال غير التجاري، على حد تعبير الصحيفة. وذهبت الصحيفة الى حد اعتبار هذه الممارسات "اذلالا ممنهجا" و"اجراءات عدائية"، مطالبة بما وصفته بضرورة احترام حرية التنقل وكرامة العابرين، دون تقديم أي إشارة الى الطبيعة السياسية غير الطبيعية للمعبر في سياق وضع قانوني لم يُحسم بعد. وتزايدت وتيرة التغطيات مؤخرا بشكل لافت من طرف عدد من المنابر الاسبانية الصادرة من سبتة، قبل اسبوعين من انطلاق عملية مرحبا 2025، في توقيت اعتبره متابعون محاولة للضغط على المغرب، بهدف تخفيف الضوابط المفروضة على مستوى هذا المعبر، الذي لا تعتبره الرباط حدودا دولية، بل منفذا ترابيا نحو ثغر لا يزال خاضعا لاحتلال اجنبي. وتشير بعض القراءات إلى أن هذا التوقيت الإعلامي لا يخلو من الخلفيات السياسية، خاصة مع استحضار الوضع الاقتصادي الحرج للثغر المحتل، الذي يسعى جاهدا لاستعادة نوع من الدينامية التجارية في علاقته مع الداخل المغربي، بعدما تضررت بنيته الاقتصادية جراء وقف التهريب المعيشي. ويرى مراقبون ان استهداف التدابير الجمركية المغربية، التي تدخل ضمن صلاحيات سيادية، يكشف تجاهلا متعمدا للطابع السياسي الخاص الذي يميز معبر سبتة عن باقي نقاط العبور، ويؤكد ان بعض الاوساط الاعلامية في الثغر المحتل ما زالت تتحرك بمنطق استعماري قديم، يرفض الاعتراف بالتحولات العميقة في علاقة المغرب مع المجال المحتل، وخصوصا ما بعد سنة 2022، حين وضعت الرباط حدا نهائيا لشبكات التهريب غير القانوني التي كانت تعتمد على الفوضى الحدودية لتمرير السلع والمنتجات بشكل غير خاضع للرقابة الاقتصادية. ولا ترى الرباط في معبر باب سبتة نقطة حدودية بالمعنى القانوني، بل تعتبره منفذا ترابيا يقع ضمن نطاق السيادة المغربية الكاملة، وإن كان خاضعا حاليا لسلطة اجنبية. وبالتالي، فإن كل اشكال التفتيش والمراقبة الجمركية تخضع لتقدير سيادي، يوازن بين الاعتبارات الانسانية المرتبطة بحركة الافراد، والحاجة الى تأكيد الموقف المغربي الرافض لأي تساهل يمكن ان يُفهم على انه اعتراف ضمني بالأمر الواقع المفروض منذ الاحتلال الاسباني للثغر. وفي الوقت الذي تواصل فيه الرباط ضبط علاقتها مع سبتة وفق منظور سيادي شامل، يحفظ المصالح الوطنية ويرفض التطبيع مع واقع الاحتلال، تصر بعض الاصوات الاعلامية الاسبانية على تصوير المدينة كامتداد طبيعي للتراب الاسباني، متناسية أن المملكة لم تتخل يوما عن حقها التاريخي في استرجاع الثغرين المحتلين، وان كل ما يُعتمد على مستوى العبور يندرج ضمن هذا التصور الثابت.