تتصاعد شكاوى مستعملي معبر باب سبتة الرابط بين مدينة الفنيدق والثغر المحتل، بسبب الصعوبات المرتبطة بفترات الانتظار الطويلة وتعقيدات الإجراءات التنظيمية، في مشهد يعكس التحديات المتعددة التي تفرضها إدارة حدود مع تراب لا يزال خاضعا للاحتلال الأجنبي. وفيما يعتبر العديد من المسافرين أن هذه الصعوبات تقتضي مضاعفة الجهود لتحسين شروط العبور وتحديث آليات التفتيش والمراقبة، يؤكد متتبعون أن تدبير هذا المعبر يتم وفق مقاربة تراعي المعطيات السيادية والأمنية الخاصة، التي تجعل من كل حركة عبور نقطة تماس حساسة بين واقع الاحتلال والمطالب المشروعة باستكمال الوحدة الترابية. وتتمثل أبرز مظاهر التذمر التي عبر عنها مستعملو المعبر في طول الانتظار، ونقص الموارد البشرية في نقاط التفتيش المغربية، إضافة إلى ضعف تجهيزات الفحص الآلي، مما يخلق اكتظاظا ملحوظا خلال الفترات ذات الكثافة المرتفعة. هي صعوبات تقابلها السلطات المغربية بمجهودات متواصلة لترشيد حركة المرور وتعزيز آليات المراقبة الحديثة، رغم التحديات الهيكلية المرتبطة بطبيعة المنطقة. ويؤكد مصدر مطلع أن السلطات المغربية، وعيا منها بدقة الرهانات المرتبطة بمعبر باب سبتة، تعتمد مقاربة تدريجية تروم تطوير البنية التحتية وتعزيز فعالية العبور، دون الإخلال بمقتضيات السيادة الوطنية ومتطلبات ضبط الأمن في نقطة حدودية بالغة الحساسية. كما أشار إلى أن المشاريع المبرمجة تشمل تعزيز الطاقة الاستيعابية للممرات، وتوسيع فضاءات الاستقبال، وإدخال معدات تقنية متطورة للفحص والتفتيش. ويعتبر تدبير معبر باب سبتة جزءا من رؤية شاملة تروم، في أفق منظور، دمج المناطق الحدودية في الدينامية التنموية الوطنية، بما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويسهم في فك الارتباط الاقتصادي والنفسي مع الثغرين المحتلين. ويندرج ذلك ضمن التوجه الاستراتيجي الذي أطلقته المملكة لتأهيل الشريط الساحلي الشمالي، من خلال مشاريع كبرى كمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق ومخططات تنموية تراهن على استعادة الجاذبية الاقتصادية للمدن المجاورة. ةفي مقابل ذلك، يعتبر عدد من المتابعين أن بعض الخطابات الإعلامية التي تميل إلى إبراز صورة "المثالية" للجانب الإسباني في إدارة المعبر، تتجاهل عمق الإشكالات المرتبطة باستمرار الاحتلال، وتسعى إلى الترويج لمقاربات قاصرة عن إدراك التعقيد الجيوسياسي للوضع الحدودي المغربي، الذي لا يُقاس فقط بمستوى الخدمات الآنية بل بعمق الرهانات السيادية المطروحة. ولا تخفي عدة فعاليات مدنية تنشط في المناطق الشمالية مطالبتها بتحسين ظروف العبور، لكنها في الوقت نفسه تعبر عن وعيها بأن معبر باب سبتة ليس مجرد نقطة عبور بين مدينتين، بل رمز لمرحلة تاريخية دقيقة، تقتضي قدرا عاليا من الحذر واليقظة، ريثما تستكمل المملكة المغربية استرجاع كافة أراضيها المغتصبة وفق مبادئ الشرعية الدولية وروح الإجماع الوطني. وفي هذا الإطار، تتكامل التحركات الجارية لتحسين شروط العبور مع الأوراش المفتوحة لتعزيز التنمية المحلية بالمناطق المتاخمة للثغرين المحتلين، في مسعى يروم تأهيل هذه المجالات اقتصاديا واجتماعيا، وتعزيز شعور الانتماء الوطني، ودعم مقومات الصمود في وجه كل محاولات استغلال الوضع الحدودي من طرف أطراف معادية للوحدة الترابية للمملكة. وبينما تتواصل بعض الاختلالات الظرفية في إدارة حركة العبور، تبقى مؤشرات التحسن قائمة بفضل الدينامية الإصلاحية التي أطلقتها السلطات المختصة، والتي من شأنها أن تسهم في الأمد المتوسط في تكريس صورة معبر باب سبتة كواجهة سيادية تزاوج بين الفعالية التنظيمية واحترام متطلبات الدفاع عن المصالح الوطنية العليا. وتؤكد كل المؤشرات أن المملكة المغربية ماضية بثقة في ربط معالجة الاختلالات التقنية بترسيخ المقاربة السيادية، وفق تصور استراتيجي يجعل من تدبير معابر الشمال جزءا لا يتجزأ من مسار تحصين المكتسبات الوطنية، في أفق تحقيق السيادة الكاملة على مجموع التراب الوطني.