تجددت بمدينة أصيلة الدعوات المطالبة بفصل المدينة ومحيطها القروي عن النفوذ الترابي لعمالة طنجةأصيلة، في سياق توجه غير معلن بعد، يرجح أنه يندرج ضمن مراجعة مرتقبة للتقسيم الإداري للمملكة، تروم إعادة هيكلة بعض الوحدات الترابية ذات الامتداد الجغرافي الواسع. ورغم عدم صدور أي إعلان رسمي من وزارة الداخلية، عاد النقاش إلى الواجهة محليا، مدفوعا بتنامي المطالب بإحداث عمالة جديدة تعزز القرب الإداري، وتستجيب لخصوصيات أصيلة والمجالات المحيطة بها، التي يعتبر عدد من المنتخبين والفاعلين المحليين أنها ظلت على هامش السياسات العمومية، مقارنة بالنفوذ الترابي لمركز العمالة بمدينة طنجة. وتشمل المجالات المقترحة ضمن هذا التصور الجماعة الترابية لأصيلة، وجماعات أقواس بريش، والساحل الشمالي، وأحد الغربية، إلى جانب مناطق قروية متاخمة، ترتبط وظيفيا بالمدينة، لكنها تواجه تفاوتات صارخة على مستوى البنيات الأساسية والولوج إلى الخدمات، مقارنة بالمجال الحضري لطنجة. ويعتبر متابعون أن استمرار إدماج أصيلة ضمن عمالة طنجةأصيلة يكرس ما يصفونه ب"الاختلال التمثيلي"، ويضعف من فرص تموقع المدينة ومحيطها داخل السياسات الترابية، في ظل تركز المؤسسات والمشاريع الكبرى في عاصمة الجهة الشمالية طنجة. في هذا السياق، عبرت النائبة البرلمانية قلوب فيطح، عن حزب الأصالة والمعاصرة، عن دعمها لهذا التوجه، معتبرة أن "إعادة النظر في الوضع الإداري الراهن ضرورة واقعية واستراتيجية". واعتبرت أن "سكان مدينة أصيلة والمجالات القروية المحيطة بها يستحقون تموقعا إداريا يراعي خصوصياتهم المجالية والاقتصادية". وأضافت ضمن تصريحات لجريدة طنجة 24 الالكترونية، أن "إحداث عمالة جديدة تضم جماعات مثل أقواس بريش والساحل الشمالي من شأنه أن يقرب الإدارة من المواطنين، ويسرع وتيرة إنجاز المشاريع العمومية، ويحصن التماسك المجالي الذي نسعى إليه جميعا". وأبرزت النائبة البرلمانية أن أصيلة عرفت تطورا ديمغرافيا ملحوظا خلال السنوات الماضية، مشيرة إلى أن "عدد سكان جماعة أصيلة ارتفع إلى 36 039 نسمة سنة 2024 بحسب معطيات الإحصاء العام الأخير للسكان والسكنى، مقابل 31 147 نسمة سنة 2014 و28 217 نسمة سنة 2004، وهو ما يعكس دينامية عمرانية واجتماعية متزايدة تستدعي تأطيرا إداريا ملائما" . وأكدت فيطح أن "المطلب لا يقتصر على تقويم الخلل في التوزيع الترابي للاستثمار العمومي، بل يرتبط بإرادة جماعية لإعادة الاعتبار لوحدات ترابية ظلت على هامش السياسات القطاعية لسنوات"، مشددة على أن هذه الخطوة قادرة على إرساء نمط تدبير ترابي عقلاني، يمكن أصيلة من أداء دورها الكامل في التنمية المجالية، وفق منظور الإنصاف الترابي والنجاعة الإدارية. ويجمع عدد من الفاعلين على أن تفعيل هذا المطلب يظل رهينا بقدرة المنتخبين المحليين والهيئات التمثيلية على بلورة تصور مؤطر ومتماسك، يرافع على المستوى المركزي من أجل إعادة تموقع أصيلة ومحيطها داخل الخريطة الإدارية للمملكة، بما ينسجم مع التوجه الوطني نحو تعزيز العدالة المجالية وتقوية فعالية الوحدات الترابية. وفي انتظار ما ستسفر عنه الإصلاحات المحتملة، تواصل أصيلة التعبير عن مطلبها بصوت هادئ، في ظل وعي جماعي متنام بالحاجة إلى تمثيلية إدارية أكثر إنصافا، تعيد ترتيب الأولويات داخل جهة الشمال.