عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن استنكارها الشديد لتصاعد مظاهر التضييق على حرية الرأي والتعبير، في ظل حملة مقلقة تستهدف الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والردة الحقوقية التي تشهدها البلاد. وانتقدت الجمعية في بيان لمكتبها المركزي، التراجع المتواصل عن المكتسبات الحقوقية التي راكمها الشعب المغربي عبر نضالاته المستميتة، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع والتظاهر السلميين، والحق في التنظيم وتشكيل الجمعيات، في انتهاك صارخ للدستور و لا سيما الفصل 25 منه وللالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان.
واستنكرت الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط، في حق الصحافي حميد المهداوي، الذي أدانه بسنة ونصف حبسا نافذا وتعويض مالي قدره 150 مليون سنتيم لفائدة وزير العدل كطرف مدني، وهو حكم قاسٍ لا يمكن أن يفهم منه غير محاولة ردع الصحافي المهداوي الذي يتابع في ملفات أخرى من طرف نفس الوزير. وأكدت تناسل المتابعات والمحاكمات في حق العديد من الصحافيين والمدونين، والنشطاء والمدافعين والمدافعات على حقوق الإنسان؛ كما هو الشأن بالنسبة للحكم على مناضل الجمعية بطنجة المناهض للتطبيع رضوان القسطيط، يوم 05 يونيو، بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها 10 درهم؛ وتأييد الحكم الابتدائي الصادر يوم 19 أبريل من طرف محكمة الاستئناف بخريبة في حق الناشط ومناهض التطبيع محمد البستاتي بسنة حبسا نافذا؛ والحكم استئنافيا على المعتقلين من طلبة الكلية متعددة الاختصاصات بتازة، بأحكام جائرة. واعتبرت الجمعية أن هذه الأحكام لا تعكس فقط غياب شروط المحاكمة العادلة، بل تندرج ضمن حملة ممنهجة تهدف إلى إخراس الأصوات المنتقدة للسلطة، وتكميم الافواه وغل حرية الصحافة. ونددت بمنع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان من الحصول على وصولات الإيداع القانوني، رغم استيفائهما لكافة الشروط القانونية، وهو ما يشكل خنقًا تعسفيًا للعمل الجمعوي المستقل. وأدانت الاستهداف الممنهج للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعاني منذ سنوات من رفض السلطات تسليم وصولات الإيداع لفروعها الجديدة أو المجددة، ومن الحرمان من القاعات والفضاءات العمومية والخاصة لعقد أنشطتها، ومن الدعم العمومي؛ هذا عدا الضغط على الشركاء لوقف أي تعامل معها، والتضييق المستمر على مناضليها ومناضلاتها. وأعربت الجمعية عن تضامنها المطلق مع الصحافي حميد المهداوي، مطالبة بإلغاء الحكم الجائر الصادر في حقه، ورد الاعتبار له؛ وبوقف جميع المتابعات القضائية ذات الطابع السياسي أو الإنتقامي ضد الصحفيين والنشطاء. وطالبت ا الدولة المغربية بالكف عن ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان والمدونين والصحافيين ومناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتلفيق التهم المجانية لهم، والزج بهم في السجون عبر محاكمات شكلية لا تحترم قواعد ومبادئ المحاكمة العادلة. وأكدت رفضها القاطع لتوظيف القضاء والتشريع لقمع حرية الرأي والتعبير والتجمع، التي تحولت ممارستها إلى تهم: التجمهر والتظاهر غير المرخص له، بث ونشر معلومات كاذبة على شبكة الانترنيت، وغيرها من التهم الهادفة إلى تقييد الحريات العامة بشكل كبير، وخلق حالة من الرعب لثني المواطنين عن التعبير عن آرائهم المنتقدة للسلطات. وجددت دعواتها بلإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ببلادنا دون تأجيل، وفي طليعتهم معتقلو حراك الريف الذين يقبعون في السجون. ونددت الجمعية بمنع المنظمات الحقوقية من حقها في التنظيم، مطالبة السلطات المعنية بالتسليم الفوري لوصولات الإيداع لجميع الجمعيات المتضررة، دون قيد أو شرط، وفي مقدمتها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، التي تعد أقدم جمعية حقوقية ببلادنا، والهيئة المغربية لحقوق الانسان وباقي التنظيمات الجمعوية التي تعاني المنع، مع الإسراع في تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت لفائدتها. وشددت على أن هذه الممارسات لا تنسجم مع الشعارات الرسمية حول بناء دولة الحق والقانون، وتكشف واقع التضييق الممنهج على العمل الحقوقي الحر والمستقل، مجددة نداءها إلى كافة القوى الغيورة على حقوق الإنسان لتكثيف الجهود ورص الصفوف للتصدي، بكافة الأشكال المشروعة، لهذا الهجوم المخزني الشامل.