تشرع الشركة الجهوية متعددة الخدمات بجهة طنجةتطوانالحسيمة في أول تدخل ميداني لها لتنفيذ مشاريع مائية مهيكلة على امتداد تراب الجهة، في إطار الرؤية الوطنية الجديدة لتدبير الخدمات الأساسية. وبموجب اتفاقية الشراكة المتعددة الأطراف التي صادق عليها مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة خلال دورته العادية لشهر يوليوز، فسيتم تعبئة غلاف مالي إجمالي يناهز 8.486 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2025 و2034، موزعة على عدة محاور تهم تقوية التزود بالماء الصالح للشرب، وتوسيع الربط بالعالم القروي، وتحلية المياه، والتطهير السائل، والحماية من الفيضانات. وبموجب الاتفاقية التي تضم كلا من وزارة الداخلية، ووزارة التجهيز والماء، والوزارة المنتدبة لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلفة بالميزانية، ستتولى الشركة الجهوية متعددة الخدمات بصفتها "صاحب المشروع" انجاز عدد من الأوراش المبرمجة، بما يشمل الدراسات التقنية، وإنجاز الأشغال، وتتبع التنفيذ، وإعداد التقارير المرحلية والنهائية. ويأتي هذا التدخل المرتقب في سياق انتقالي يسبق انتهاء عقد التدبير المفوض الممنوح لشركة أمانديس الفرنسية، ويفتح الباب أمام مباشرة مرحلة جديدة من التدبير العمومي الجهوي، تحت إشراف مجموعة الجماعات الترابية "طنجةتطوانالحسيمة للتوزيع"، وفق تصور مؤسساتي يروم تعزيز الحكامة وتوطين القرار العمومي في قطاع الماء والتطهير. وتمثل هذه المرحلة أول اختبار فعلي لقدرات الشركة الجهوية على تنزيل المشاريع المبرمجة وفق الآجال والجودة المطلوبة، خاصة في ظل تنامي التحديات المرتبطة بالإجهاد المائي، وتزايد الضغط على البنيات التحتية في عدد من الجماعات القروية وشبه الحضرية. ويندرج تدخل الشركة ضمن التوجه الوطني الرامي إلى إعادة هيكلة نمط تدبير المرافق العمومية الحيوية، عبر إنهاء العمل بالعقود المفوضة لفائدة شركات أجنبية، وتعويضها بكيانات عمومية جهوية تتوفر على استقلالية مالية وتدبيرية، وتخضع لإشراف مباشر من طرف السلطات الترابية والمنتخبة. ويُرتقب أن تشكل هذه الدينامية الجديدة مدخلا عمليا لتفعيل الجهوية المتقدمة في بعدها الخدمي، وتعزيز الالتقائية بين برامج الدولة والجماعات الترابية، وفق ما تنص عليه مضامين النموذج التنموي الجديد، خاصة في ما يتعلق بالحكامة، والاستدامة، وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى الخدمات الأساسية.