قررت جماعات محلية في شمال المغرب، فتح مواقف السيارات بشكل مجاني خلال موسم الصيف، في محاولة للحد من الحراسة غير النظامية، فيما اختارت طنجة مساراً تنظيمياً مختلفاً يقوم على تقنين تعريفة الركن. وباشرت جماعة شفشاون، تثبيت لافتات تشويرية تُعلم العموم بمجانية الوقوف بجميع المحاور الحضرية والنقط السياحية، دون حاجة إلى أي أداء. ويشمل القرار الأزقة المتفرعة عن المدينة العتيقة، والمجالات المجاورة لمواقع الجذب الصيفي، مثل رأس الماء وساحة وطاء الحمام. وتعتبر الجماعة أن هذا التدبير يندرج ضمن مجهود محلي لتأمين الراحة العمومية خلال فصل الصيف، وتفادي التوترات المرتبطة باستغلال الملك العمومي من طرف أشخاص لا يتوفرون على أي صفة قانونية. وفي غياب تأطير وطني موحّد، تراهن الجماعة على مجانية مرحلية كخيار يحُد من تمدد الحراسة غير القانونية، التي تحوّلت في فترات سابقة إلى ما يشبه "مورد موسمي موازٍ" خارج الضوابط التنظيمية. أما في أصيلة، فقد أصدرت الجماعة إعلانا رسميا تقرّ فيه بأن جميع مواقف السيارات تبقى مفتوحة للعموم دون مقابل طيلة الفترة الصيفية، مع استثناء مرآب مغلق بمحاذاة باب البحر، يخضع لنظام استغلال خاص. ويتزامن هذا القرار مع انطلاق الموسم الثقافي للمدينة، وما يرافقه من ضغط إضافي على النسيج الحضري المحدود من حيث البنية الطرقية والمسارات الداخلية. وبالنظر إلى ما سجل خلال السنوات السابقة من تجاوزات متعلقة بفرض الأداء من طرف حراس غير مفوضين، رأت مصالح الجماعة أن خيار المجانية يشكل حلاً عملياً لتقليص مظاهر الفوضى وتخفيف العبء على زوار المدينة. وفي الحسيمة، اختارت الجماعة الترابية التدخل عبر إشارات تحسيسية وملصقات رسمية تنص على مجانية الوقوف، تم تثبيتها بعدد من النقط الحساسة بالمدار الساحلي، خاصة على مستوى شاطئ صباديا ومداخل مرينة وكورنيش كالابونيطا. ويهدف هذا الإجراء إلى حماية الفضاء العمومي من أشكال "الاستغلال العرفي" الذي يفرضه بعض الأفراد تحت غطاء الحراسة، دون تأهيل أو ترخيص من الجهات المعنية. وتراهن الجماعة على المقاربة التواصلية بدل الزجرية، معتبرة أن إشراك المواطن في احترام النظام الجماعي يبدأ من وضوح المعلومة وتكافؤ الولوج إلى الحق في الاستعمال. أما في طنجة، فقد دخل حيز التنفيذ، منذ التاسع من يوليوز، قرار تنظيمي جديد صادقت عليه أجهزة المجلس الجماعي في دورة سابقة، يقضي بإلغاء استعمال الأقفال الحديدية "الصابو"، واعتماد تعريفة منسجمة مع الحيز الزمني ونوعية المجال. ويتعلق الأمر بأربعة دراهم للساعة، تسعة دراهم لثلاث ساعات، وثلاثين درهماً لليوم الكامل، مع إمكانية الاشتراك الشهري بالنسبة للقاطنين والتجار. كما تضمن القرار تخصيص أماكن مجانية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، وتحسين ظروف التشوير الأفقي والعمودي، بما يضمن وضوح الإشارات وتفادي التأويل. ويأتي هذا المسار في إطار إعادة تنظيم المرفق الجماعي المتعلق بالوقوف، بعد سنوات من التسيير المفوض الذي أفرز نقاشاً واسعا حول التعريفة وجودة الخدمة وغياب العدالة المجالية في توزيع المواقف. ورغم اختلاف المقاربات المعتمدة بين الجماعات، إلا أن وحدة الإشكال المتمثل في فوضى استغلال مواقف السيارات من طرف حراس غير مرخصين فرضت نفسها كملف استعجالي في تدبير الشأن المحلي، خاصة في ظل ارتفاع الكثافة الموسمية بالمدن الساحلية. وبين من يرى في المجانية سبيلا للقطع مع منطق "الجيلي" الذي يختزل الحراسة في أداء نقدي بلا خدمة، ومن يراهن على التنظيم المؤدى عنه باعتباره أداةً لضبط السيرور ة وتوفير موارد ذاتية للجماعة، يبقى التحدي الحقيقي في بلورة نموذج مندمج يزاوج بين النجاعة التنظيمية والمشروعية القانونية، دون المساس بحق المواطن في استعمال المجال المشترك.