عززت البحرية الاسبانية من حضورها العسكري في محيط جزيرة ليلى الواقعة قبالة سواحل عمالة المضيقالفنيدق، في توقيت يصادف الذكرى السنوية للهجوم الذي نفذته قوات اسبانية على الجزيرة منتصف يوليو سنة 2002 لطرد وحدة من الدرك المغربي كانت قد تمركزت فيها بشكل سلمي. وشملت التحركات الاخيرة ايضا المياه المحيطة بالجيوب الواقعة تحت الاحتلال مثل بادس والجزيرة الجعفرية، غير ان التركيز الميداني قرب جزيرة ليلى اثار اهتماما واسعا بالنظر الى حساسية الموقع ورمزيته في الذاكرة السيادية لسكان شمال المغرب، وسط غياب اي توضيحات رسمية من الرباط او مدريد. ورصدت مصادر ميدانية وجود وحدات بحرية اسبانية تقوم بعمليات مراقبة في محيط الجزيرة، التي لا تبعد سوى بضع مئات من الامتار عن ساحل بليونش، في خطوة تثير تساؤلات بشأن توقيتها وسياقها، خصوصا في ظل مؤشرات اخرى توحي بفتور مكتوم في العلاقات الثنائية، من بينها استقبال قيادات حزبية اسبانية لممثلين عن الجبهة الانفصالية، وعودة بعض المنابر الاعلامية الاسبانية الى طرح قضايا السيادة بلغة تصعيدية. ولم تصدر السلطات المغربية اي موقف رسمي بخصوص هذه التحركات، غير ان مواقفها السابقة تظل واضحة في اعتبار الجيوب الواقعة شمال المملكة جزءا لا يتجزأ من الوحدة الترابية، وتؤكد ان معالجة هذا الملف لا يمكن ان تتم خارج اطار الاعتراف المتبادل واحترام السيادة، كما جاء في نص الاعلان المشترك الموقع بين المغرب واسبانيا في ابريل 2022. ويرى مراقبون ان تزامن هذه المناورة مع الذكرى السنوية للهجوم على الجزيرة ليس تفصيلا عابرا، بل يحمل رسائل مبطنة في توقيت اقليمي حساس، ويعكس انزياحا عن منطق حسن الجوار الذي حاول الاعلان المشترك ترسيخه بين البلدين في السنوات الاخيرة. وتبقى استدامة الاستقرار في العلاقات المغربية الاسبانية رهينة بتجنب الاستفزازات الرمزية، والعودة الى منطق الشراكة المتوازنة التي تقوم على وضوح المصالح واحترام الثوابت السيادية للطرفين، بعيدا عن الخطوات الاحادية التي تعيد فتح ملفات لم يعد السياق الاقليمي والدولي يحتملها.