تعيش فضاءات مطار ابن بطوطة الدولي في طنجة على وقع حركة دؤوبة لرفع درجة الجاهزية، حيث تسابق مختلف المصالح الزمن لترتيب آخر اللمسات تحضيرا لاستقبال الآلاف من عشاق كرة القدم والوفود الرسمية القادمة لحضور منافسات كأس أمم إفريقيا 2025. وتتحول البوابة الجوية الرئيسية لعاصمة البوغاز تدريجيا إلى خلية عمل متكاملة، تتجاوز فيها الاستعدادات مجرد التدبير الروتين للرحلات، لتشمل تفعيل منظومة تنسيق دقيقة بين عناصر الأمن والجمارك والمكتب الوطني للمطارات وشركات الخدمات الأرضية، في مسعى لتقليص زمن العبور وضمان سلاسة الإجراءات خلال فترات الذروة التي سترافق أيام المباريات. وداخل قاعات الوصول والمغادرة، ينصب التركيز على تحسين تجربة المشجعين من خلال تعزيز خدمات التوجيه والإرشاد، ووضع آليات مرنة للتعامل مع التدفقات البشرية الكبيرة والرحلات الإضافية المرتقبة من الدول الإفريقية، بما يضمن تفادي أي ارتباك قد يؤثر على انطباعات الزوار الأولى. وبالموازاة مع الجهود اللوجستية، يجري تنزيل الترتيبات الأمنية وفق مقاربة تعتمد اليقظة الاستباقية، لضمان أقصى درجات السلامة مع الحفاظ على انسيابية الحركة. ويراهن مختلف المتدخلين على القرب الجغرافي للمطار من الملعب الكبير ووسط المدينة، ليكون حلقة وصل فعالة تعكس قدرة طنجة والمغرب على كسب رهان التنظيم المحكم لهذا العرس القاري. ولا تقتصر أهمية طنجة في خارطة "الكان" على كونها مجرد مدينة مستضيفة، بل تفرض نفسها كقطب رئيسي ضمن الملاعب المحتضنة لأقوى المواجهات، مستفيدة من بنيتها التحتية الرياضية التي شهدت تحديثات جوهرية، ما يجعلها محط أنظار المراقبين كواجهة تعكس التطور الكروي للمملكة. ومن المتوقع أن تشهد شوارع "عروس الشمال" تدفقا قياسيا للزوار، لا ينحصر فقط في الجماهير الإفريقية القادمة لمساندة منتخباتها، بل يمتد ليشمل آلاف المشجعين من الجالية المغربية المقيمة بأوروبا والسياح الأجانب، الذين يجدون في طنجة نقطة تلاقي مثالية تجمع بين شغف الكرة وسهولة الوصول عبر الرحلات الجوية والبحرية القصيرة. ويستعد القطاع السياحي والخدماتي في المدينة لركوب موجة هذا الرواج المنتظر، حيث تتحضر الفنادق والمطاعم والمقاهي لتقديم تجربة خاصة لضيوف القارة، وسط أجواء احتفالية يرتقب أن تعم الكورنيش والأسواق العتيقة بالتزامن مع صافرات المباريات، محولة المدينة إلى كرنفال رياضي مفتوح. وهكذا، يبدو أن طنجة، بمطارها المتأهب وموقعها الاستراتيجي، لا تسعى فقط لإنجاح مباريات البطولة تقنيا ولوجستيا، بل تطمح لتكريس صورتها كحلقة وصل حضارية وبوابة رئيسية لطموح المغرب الرياضي، مقدمة نفسها كوجهة عالمية قادرة على استيعاب الفرح الإفريقي بكل تفاصيله.